سلمان بن محمد العُمري
لا شك إن الجهود الجماعية لدول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ستفوق الجهود الفردية، ومن هنا يجب أن تنطلق دول التحالف من رؤية إستراتيجية واضحة تخطط لمجتمعات آمنة فكرياً على المدى القريب والبعيد، وذلك الاستفادة من دور المفكرين والمثقفين وقبل ذلك العلماء والمربين والتأكيد على دور وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والمساجد ومؤسسات المجتمع المدني لأن أمننا الفكري هو مسؤولية الجميع وقضية تهمنا جميعاً.
ومشروع الأمن الفكري في بلدان العالم الإسلامي يجب أن ينطلق من ضوابط تتفق وخصوصياته ومنها:
- أن يكون منبثقاً من الشريعة الإسلامية.
- أن يتماشى مع مقاصد الشريعة وحكمها في تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
- أن يتم فيها تحقيق الوسطية والاعتدال.
- أن يكون التلقي من المصادر الصحيحة التي يستند إليها العلماء الربانيون.
- أن يحقق للأمة وحدتها وتلاحمها.
- أن يحافظ على ثقافة الأمة ومكوناتها وقيمها وأصالتها.
- أن لا يتعارض مع هوية الأمة وتحقيق ذاتها وإبراز شخصيتها.
- أن يعمل على رفع مكانة الفرد والمجتمع.
- أن يكون طريقاً لتحقيق الأمن بمفهومه الشامل.
وإذا كنا نسعد بقيام مشروع دول التحالف وإنشاء هذا الكيان لمحاربة الإرهاب فإنه وبكل تأكيد لن يكون الحل عسكرياً بل سيعتمد على مقومات كبيرة وفي مقدمتها بناء الأمن الفكري تحصيناً ووقاية ومعالجة وعليه فإن المنتظر أن يكون هناك مشاريع وبرامج تتضمن:
- تأصيل العقيدة الإسلامية الصحيحة.
- توعية الشباب بفقه وأبعاد الأمن الفكري وتبصرهم بشؤون دينهم.
- العمل على حماية الفرد والمجتمع من الغزو الفكري ومن التيارات الإلحادية وغير ذلك مما يبعده عن الجادة القويمة التي يستوجبها البعد الحضاري لفقه الأمن الفكري.
- الاعتزاز بالإسلام والافتخار بمبادئه السامية وتحسيسه بضرورة تكوينه الفكري والأمني.
- تعريف أفراد المجتمع بما يدور في مجتمعهم وبيان هدي الإسلام فيه.
- زرع الثقة الكاملة في نفوس الناس بمقومات أمتهم الإسلامية وتقاليد مجتمعهم.
- التفاعل الواعي مع التطورات الحضارية في ميادين العلوم والمشاركة فيها.
- تقوية الوازع الديني والعودة الصادقة للإسلام وتقوية الإيمان والالتزام بكتاب الله الكريم وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على فهم المنهج الصالح.
- ترسيخ ثقافة الحوار وتقبل الرأي الآخر.
- تعميم ثقافة التسامح.
- نشر الوعي بمختلف الوسائل التي من شأنها إيقاظ الوعي والإحساس بالمسؤولية نحو تعزيز الأمن الفكري ليتحقق بذلك الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي.
ومن المنتظر من تجمع قوى التحالف حماية المجتمعات المسلمة من الأفكار الدخيلة على منهجنا الإسلامي الوسطي المعتدل، والقيام بالتدابير المشتركة لتجنب الأفراد والمجتمعات من الشوائب العقدية والفكرية التي تكون سبباً في انحراف السلوك والأفكار وحماية المجتمعات من الجريمة والعنف والتطرف بكافة أشكاله واتجاهاته، واعتماد منهج الوقاية قبل العلاج، وبيان أهمية التوازن والاعتدال في التصرفات الفردية والعلاقات بين أفراد المجتمع والعمل على وضع حلول عملية لمعالجة الأفكار المنحرفة والتيارات المخلة بالأمن الفكري، وهذا الكيان يعول عليه الشيء الكثير لأنه سيعمل داخل منظومة دولية متكاملة وهو مطلب حضاري وسياسي وأمني سيعمل على نشر الاعتدال والوسطية ومكافحة الغلو والانحراف الذي بات خطراً محدقاً بالمجتمعات، وهذا الكيان سيسعى إلى تشخيص الواقع والوضع الراهن والمستقبلي للأمن الفكري، وكيفية المواجهة والعلاج للأفكار المنحرفة إلى جانب تعزيز الأفكار المعتدلة المتوازنة السليمة التي تخدم مسيرة الأمن والسلام في المجتمع.