لبنى الخميس
هم صناع الإلهام.. لا يقرأون خطاباً تقليدياً.. أو يكتبون نصوصاً عابرة.. هم يقرأونك.. ويعيدون بشكل أو بآخر كتابتك من جديد. خطابات التخرج التي اشتهرت في الولايات المتحدة كتقليد أكاديمي أصبحت اليوم طقساً لا يكتمل حفل التخرج بدونه.. يقف فيه الضيف أمام الخريجين والأساتذة، يلبس رداء التخرج وقبعة الخريجين.. يعتلي منصة المسرح ويبدأ بقراءة قائمة مدهشة من النصائح والوصايا أحياناً على شكل حكم أو قصص.
اليوم أشارككم قائمة من أكثر خاطابات التخرج إلهاماً:
- ستيف جويز في جامعة ستانفورد 2005
أكثر خطب التخرج تأثيراً هي خطبة ستيف جوبز -الذي لم يحصل على شهادة جامعية يوماً- في جامعة ستانفورد العريقة عام 2005 والتي وصل عدد مشاهداتها في موقع يوتيوب إلى أكثر من 25 مليون مشاهدة، وترجمت لعديد من لغات العالم، بل وجرت كثير من سطورها مجرى الحكم الملهمة.. خصوصاً تلك التي تناولت الشغف والانتصار على صعوبات الحياة.. أذكر منها «عملك سيملأ جزءاً كبيراً من حياتك.. والطريقة الوحيدة لأن تكون راضياً هي أن تؤمن بأن ما تفعله عظيم، والطريقة الوحيدة لعمل شيء عظيم هي أن تحب ما تفعل».
- جي كي رولينغ في جامعة هارفارد 2008
المؤلفة البريطانية للسلسة الأشهر في العالم «هاري بوتر» جي كي رولينغ حصل خطابها الملهم بجامعة هارفارد على أكثر من مليوني مشاهدة. خطابها رولينغ كان فريداً في مضمونه، كونها لم تتحدث عن مزايا النجاح وبريقه، بل عن فوائد الفشل، وربما هي من أكثر من ذاق مرارة الفشل والإحباط. فقد جربت معاناة الوحدة بعد الطلاق، وآلام البطالة والفقر، بالإضافة إلى أن أكثر عمل كانت تفتخر به «هاري بوتر» رُفض من أكثر من 11 دار نشر، في صفعات متتالية لمسيرتها وهويتها ككاتبة وروائية موهوبة.
- وليام ماك ريفين في جامعة تكساس 2014
حصل خطاب قائد العمليات السابق في البحرية الأمريكية وليام ماك ريفين في حفل تخرج جامعة تكساس على قبول وترحيب كبير وقارب عدد المشاهدين للخطاب 4 ملايين مشاهد، شارك فيه الطلاب 10 نصائح وصايا ملهمة، بدأها برتب سريرك كل صباح..
وأضاف: «إذا رتبت سريرك ستنجز أول مهام اليوم ما سيمنحك شعوراً بالفخر، ويشجعك لإنجاز المزيد من المهام خلال يومك، كما سيعزز لفكرة أن التفاصيل الصغيرة في حياتك مهمة، وإذا لم تنجح في تحقيق المهام الصغرى لم تنجح في إنجاز المهام الكبرى».
- سارة أبو شعر في جامعة هارفارد 2014
ألقت الطالبة السورية سارة أبو شعر كلمة خريجي الدفعة 2014 في أعرق صروح العالم العلمية جامعة هارفارد وأذهلت الحضور الذي تجاوز 3600 شخص ضم طلاباً ونخبة من قادة دول ومؤسسات وهيئات عالمية ومفكرين كبار بأدائها الواثق، وقدرتها الرائعة على الخطابة أمام هذه الجموع. ربطت سارة في كلمتها بين عنوان الخطاب «ربيع هارفارد» وبين ما اصطلح على تسميته «بالربيع العربي»، و عقدت مقاربة ذكية وملفته بين ما أفضى إليه «ربيع هارفارد» من تخربج آلاف الشباب المبدع والمتحرر من قيود القمع والوصاية الفكرية، وما أنتجه الربيع العربي من فوضى ودمار وتقييد للحريات.
تلك الخطب الملهمة.. والمشخصيات المبدعة.. جعلت مسيرات التخرج في أمريكا.. تجربة يغمرها الكثير من الإلهام والحكمة التي يستنير على نهجها السامعون.. حتى وصل صدى بعضها إلى مختلف أنحاء العالم... ما يحعلنا نتساءل عن غياب هذا الطقس عن مراسم التخرج في السعودية، فنحن وطن يكتنز بكثير من قصص الإلهام والإصرار لشخصيات استثنائية.. فلم لا نراهم في تخرجات أكثر من 28 جامعة وطنية؟ ولماذا غابت قصصهم وخلاصة تجاربهم الثرية عن مسيرات تخريج طلاب المعاهد والكليات؟ فطلابنا بأمسّ الحاجة إلى تجارب تحفزهم.. وقصص تثريهم.. ونصيحة تقيهم عثرات الطريق.