عمر إبراهيم الرشيد
تعد اللغة هوية الشعوب الحضارية وحاملة ثقافتها وفكرها وتراثها، لذا تهتم الدول المتحضرة بإصدار معاجمها اللغوية وتحديثها باستمرار، وقاموس أكسفورد البريطاني ووبسترز الأمريكي مثالان على ذلك.
واللغات كما الشعوب يحدث لها التطور والتلاقح بينها وبين لغات أخرى، تتأثر بالأحداث السياسية وحتى الحروب والتجارة وغيرها من النشاطات الانسانية.
ويستقبل قاموس اللغة الانجليزية ما معدله كلمة كل يوم ومن لغات عديدة ومنها اللغة العربية، فقد استقبل الأمريكيون كلمة (هبوب) العربية وصاروا يستخدمونها في نشراتهم الجوية لتسمية العاصفة الرملية، بدءا بعاصفة هبت على مدينة فينيكس بولاية أريزونا قبل أكثر من أربع سنوات. وربما عمد الأمريكيون الى استخدام هذه التسمية العربية نظراً لطبيعة معظم البلاد العربية مناخياً واشتهارها بالعواصف الرملية وهبوبها.
ومع مرور السنوات سوف تصبح هذه المفردة العربية كلمة في القاموس الانجليزي بعد أن يعتادها الأمريكيون ومن ثم تنتقل الى باقي الشعوب الأجنبية، نظراً للتأثير الحضاري المعروف لأقوى دول العالم وهذه سنة حضارية سنها الخالق جل جلاله.
ألم يكن أهل الأندلس يقلدون العرب فينطقون كلمات عربية بين جملهم اللاتينية، كما يفعل الكثيرون اليوم فيدخلون كلمات انجليزية في أحاديثهم.
وابان الحروب الصليبية أخذ الفرنجة الكثير من العرب، من استخدام الصابون إلى العطور وغيرها من الوسائل والأدوات الحضارية للمسلمين والعرب حينذاك ومن بينها الكثير من المفردات العربية، لذلك فاللغات تقوى وتضعف تبعاً للناطقين بها ومكانتهم حضارياً.
هذه الأيام شعر أهالي تكساس بالضيق من استخدام هيئة الأرصاد الجوية لمصطلح هبوب كونها كلمة دخيلة كما يرون، وذلك حين ذكرت النشرة الجوية قرب (الهبوب) من مطار ليبوك في تكساس دلالة على العاصفة الرملية.
المواطنون الغاضبون قالوا إنهم سوف يلجأون الى وسائل أخرى تقدم النشرة بلغتهم (الصافية).
هذه غيرة على اللغة محمودة على كل حال ومن حقهم ذلك، فهل نغار على لغتنا العظيمة ونحافظ على جمالها؟!.