فضل بن سعد البوعينين
تتصدر المملكة؛ مقارنة بدخلها القومي الإجمالي؛ الدول المقدمة للمساعدات الإنسانية والقروض والمنح للبلدان النامية والمنكوبة. تتجاوز مبادراتها الإنسانية الحصص المقرة لها من قبل الأمم المتحدة؛ بل إنها تأخذ على عاتقها تحمل موازنات إغاثية إضافية تعجز المنظمات الدولية عن توفير التمويل المناسب لها من قبل الدول المانحة.
الدكتور عبدالله الربيعة؛ المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية؛ أكَّد «أن حجم المساعدات التي قدمتها المملكة سواء الإنسانية أو من خلال القروض والمنح للبلدان النامية، بلغ في عام 2014 (54) مليار ريال سعودي» أي ما يعادل 1.9 في المائة من الدخل القومي؛ «محتلة بذلك المركز الأول».
«آشوك نيغام» الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي؛ أشار إلى أن «السعودية أحد أكبر البلدان المانحين للمعونات في العالم من حيث الأرقام المطلقة وكنسبة من الدخل القومي الإجمالي»؛ وأن حجم مساعداتها المالية قد ارتفع «في عام 2014 بنسبة 230 في المائة مقارنة بالنسب السابقة»
وعلى الرغم من استحواذ المساعدات الإنمائية والإنسانية والمنح على ما نسبته 78 في المائة من إجمالي المساعدات السعودية؛ إلا أن «الصندوق السعودي للتنمية» بات من الجهات الفاعلة في تقديم المساعدات التنموية وفق قروض ميسرة؛ وغير موجهة؛ تصل فترة السداد فيها إلى 50 سنة مع فترة سماح تقارب 10 سنوات.
تحمل الدولة العبء المالي لتلك المساعدات الإنسانية؛ لم يحل دون إشراك المواطنين في حملات الإغاثة والتبرعات الإنسانية وفق تنظيم وزارة الداخلية الذي يضمن سلامة جمع التبرعات وإيصالها وجهتها الخارجية؛ وعدم تسربها إلى جهات مشبوهة قد تتسبب في إقحام المملكة في قضايا دولية؛ ومنها قضايا تمويل الإرهاب. أصبح تقديم المساعدات الإنسانية أكثر يسرًا وأمانًا من خلال القنوات الحديثة ومنها الحسابات المخصصة لكل برنامج على حدة؛ والرسائل النصية؛ والتحويل المباشر إلى حسابات الإغاثة الرسمية وخيارات أخرى تسهم في ضبط التبرعات.
يهدف التنظيم الرسمي لجمع التبرعات، إلى وضع مساعدات المواطنين المالية في إطارها الخيري بعيدًا عن الأغراض الإرهابية، أو أية أعمال قد تقود مستقبلاً، ولو من باب الخطأ، إلى دعم جماعات مشبوهة في الداخل والخارج. إذا كان الأفراد المخالفين للأنظمة مسؤولين عن تصرفاتهم الشخصية أمام القانون المحلي، فالدولة أيضًا مسؤولة تجاه القانون الدولي عن عمليات الدعم اللوجستية الخارجية التي تنطلق من أراضيها.
تنظيم جمع التبرعات يساعد على الفصل بين الأعمال الخيرية الحقيقية، والأعمال المستخدمة كغطاء لدعم الجماعات الإرهابية، ويسهم في استدامة الجهود الإنسانية والإغاثية ضمن إطارها القانوني، وعدم تأثرها بانعكاسات عمليات تمويل الإرهاب التي تسببت في تجميد الأنشطة الإغاثية لسنوات.
يبدو أن وجود التشريعات الخاصة بجمع التبرعات؛ لم تمنع بعض المواطنين من التعامل مع أشخاص وكيانات غير مرخصة تدعي مسؤوليتها عن تنفيذ برامج إنسانية لدول إسلامية وعربية محتاجة. استغلال معاناة الشعوب المنكوبة في شهر رمضان المبارك بات جسرًا معبدًا لممتهني جمع التبرعات الذين أصبحوا أكثر احترافية في إقناع المتلقين بأهليتهم ونزاهتهم في إيصال المعونات لمستحقيها من خلال نشر أسماء صريحة وحسابات مصرفية توهم المتلقين بنظاميتها.المتحدث الأمني لوزارة الداخلية حذر في تصريح رسمي جميع المواطنين والمقيمين من مغبة التعامل مع دعوات التبرع المخالفة للنظام؛ وحثهم على «توجيه تبرعاتهم المالية مباشرة للجهات المعنية بتقديم المساعدات لمحتاجيها».
الرسائل التحذيرية جزء من أدوات التوعية الفعالة؛ غير أن التعامل السريع مع الحسابات والأسماء المنخرطة في حملات التبرع وفق القانون؛ يسهم بشكل مباشر في كف الأذى وحماية المواطنين من الوقوع في قضايا قانونية لاحقة بسبب الجهالة. تتبع تلك الحسابات وإغلاقها؛ ومتابعة أصحابها؛ ومحاسبة المصارف التي سمحت لهم بفتحها من أهم أدوات المكافحة الفعالة. الأمر عينه ينطبق على الرسائل النصية ورسائل تويتر الخاضعة لقانون الجرائم الإلكترونية. سهولة الضبط محليًا؛ قد لا تكون متاحة في التعامل مع الأشخاص والشركات الخارجية؛ غير أن قوانين منظمة «FATF» توفر غطاءً دوليًا للتعامل مع قضايا تمويل الإرهاب وغسل الأموال ما يسهل على الجهات الأمنية متابعة المخالفين وإن كانوا من الخارج. قوانين مكافحة الإرهاب تنطبق أيضًا على الشبكات الإلكترونية ووسائل الاتصالات ما يفرض على «هيئة الاتصالات» أن تكون أكثر فاعلية في مكافحة تلك الجرائم الخطرة التي تتخذ من شبكات التواصل قاعدة لها.
قوانين الردع الصارمة مع مصدر الخطر، أكثر فاعلية من رسائل التحذير والتوعية، في الوقت الذي يحدث فيه التدخل السريع حين ظهور المشكلة علاجًا حاسمًا، وضمانة لعدم انتشارها.