د. عبدالواحد الحميد
لا مفر من ارتكاب بعض الأخطاء الطبية، فهي تحدث حتى في البلدان المتقدّمة التي تفرض معايير صارمة للممارسة الطبية في مؤسساتها الصحية العامة والخاصة. وعندما تحدث هذه الأخطاء الطبية يجب أن تكون في أضيق الحدود، علماً بأن بعض هذه الأخطاء هي نتيجة للاجتهاد البشري الذي قد لا يصيب في جميع الأحوال.
لكن هناك أخطاء طبية تقع في مؤسساتنا الصحية بسبب الإهمال والتراخي، وبعض هذه الأخطاء فادحة وقاتلة. وهنا يجب أن لا يأتي من يدافع عمّن يرتكبها بحجة أنها قضاءٌ وقدر. فالإيمان بالقضاء والقدر لا يعني السكوت على المهملين والمتراخين وبخاصة عندما يتعلّق الأمر بصحة وحياة البشر.
يتحدث عضو مجلس الشورى الدكتور فايز الشهري تحت قبة المجلس فيقول إن لدينا في المملكة 2500 حالة وفاة بسبب الأخطاء الطبية! وتوجد 1600 قضية مرفوعة على الأطباء وأكثر من 500 قضية أدين فيها أطباء.
من المؤكّد أن الأرقام الفعلية للأخطاء الطبية أكثر من ذلك بكثير لسبب بسيط وهو أنه ليست كل الأخطاء الطبية تؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة مما لا يجعلها أحياناً محل اهتمام، كما أن أغلب الأخطاء لا يتم اكتشافها وقد لا تظهر آثارها إلا بعد فترة من الزمن مما يتعذر معه أحياناً الربط بين الخطأ والأثر الذي يتركه على صحة المريض.
نحن ندرك أن الأطباء والطواقم الفنية التي تعمل معهم تخضع لضغوط صعبة في كثير من الأحيان سواء بسبب عامل الوقت في الحالات الحرجة أو بسبب عدم توفر الإمكانيات التجهيزية والفنية والبشرية الكافية، ويجب أن نتفهم ذلك ولكن عندما يكون سبب الخطأ هو الإهمال أو أي سببٍ يمكن تلافيه فذلك غير مقبول ويجب محاسبة الفاعلين بكل حزم ومهنية.
في ذاكرة الكثيرين منا قصص عايشناها أو سمعنا عنها من مصادر نثق بها تحمل تفاصيل مؤلمة عن أخطاء طبية كان بالإمكان تلافيها، وهي - بالمناسبة - ليست دائماً طبية خالصة وإنما إدارية أحياناً أدت إلى مآسي إنسانية وهي كلها أخطاء تقع في مؤسساتنا الصحية، ولعل وزير الصحة الجديد الدكتور توفيق الربيعة يهتدي إلى ما يرتقي بهذا القطاع الخدمي الصعب؛ أعان الله الوزير ومعاونية، وكل الشكر للمخلصين من الأطباء والطواقم الصحية في كل تخصصاتهم وهم الأغلبية في ما نظن إن شاء الله.