د. فاطمة العتيبي
كتبت عام 1991قصة نشرتها في «الجزيرة» عن فتاة يمنية اسمها علياء ولدت وشبت في السعودية وتعلمت وكونت صداقات وأحلاماً وطموحات ثم فجأة وبسبب تسرع حكومة اليمن بتأييد غزو الكويت، تسوء العلاقات وتستدعي حكومة اليمن رعاياها وتلقنهم الأكاذيب على الحدود حتى يصرحوا لوسائل الإعلام العالمية ويشوهوا صورة المملكة لكن علياء لم تستطع، لم تكن تملك القدرة عَلى خيانة أحلامها وسعادتها! وتنتهي القصة بسجن وتعذيب علياء !
) عادت العلاقات بين اليمن والسعودية، ولاأنفي أنني منذ صغري وأنا أتابع اجتماعات مجلس التنسيق السعودي اليمني وأتساءل: لم تطيل السعودية بالها وتصبر على محاولات اليمن إطالة أمد المفاوضات لكسب المزيد من الهبات المالية؟!
) اليوم أجدني حريصة على مستقبل اليمن كحرصي على مستقبل وطني تماما لارتباط هذا بذاك.
) ولأن معرفة المستقبل تتطلب معرفة التاريخ فإن العلاقات السعودية بدأت منذ معاهدة (عرو) نسبة لجبل عرو الذي تنافس عليه السعوديون واليمنيون حيث نجح المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله في توقيع معاهدة الطائف عام 1934وهي المعاهدة التي أنهت الحروب بين ثلاث ممالك هي جيزان ونجران وعسير من جهة (وهي التي دخلت في الحكم السعودي) ومن جهة أخرى بلاد اليمن، واعتبر الغرب هذه المعاهدة نموذجا للشهامة العربية، وتطورت المعاهدة لتضم العراق إليها ووقع المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله معاهدة مماثلة مع العراق عام 1936.
ثم تطورت المعاهدة وتوسعت وتمخض عنها حلف عربي مشترك (السعودية واليمن ومصر) حيث تم الاتفاق على تشكيله في عام -1956.
ومن ذلك التاريخ ظلت السعودية واليمن بمثابة البلد الواحد، لاحدود ولا اختلاف، وعومل اليمنيون كالمواطنين السعوديين تماما، يتاجرون، ويسافرون ويتنقلون ويتملكون بل ويتزوجون السعوديات، ويعامل أولادهم كالسعوديين تماما، في التعليم العام والقبول في الجامعات،والصحة والحج وغيرها، وظل هذا الأمر حتى حرب الخليج الثانية.
مع أن اهتمام السعودية بإنهاء مشكلة الحدود بدأ من عام 1990 إلا أن حرب الخليج عطلت المحادثات لكن الأمور عادت إلى سابق عهدها حين صححت اليمن موقفها من غزو الكويت وتلا ذلك توقيع مذكرة تفاهم عام 1995. مما أوجد أرضية مشتركة وصلبة لمناقشة مستقبل علاقات البلدين.
في عام 2000 وقعت السعودية واليمن معاهدة في جدة أنهت موضوع الحدود، وبدأت مرحلة جديد من العمل المشترك الذي يستهدف جعل المعونات التي تقدمها دول الخليج لليمن تستثمر في تأسيس نهضة اقتصادية وبنية تحتية، وتنمية مستدامة قائمة على محاربة الفقر والمحاولات الجادة لدخول اليمن عضوا في مجلس التعاون الخليجي.
وضع اليمن الاقتصادي المتدني بعد انخفاض ريع البترول وتقهقر حجم الضخ المالي من دول الخليج بعد الطفرة الأولى 1975- 1985، جعل حكومة اليمن تواجه عصرا جديدا من المديونيات والقروض، كما أن دول الخليج اتجهت للتعاقد مع الشركات في البناء وغيرها مما أفقد الأيدي العاملة اليمنية فرصتها في سوق الخليج وتفاقم الوضع الاقتصادي في اليمن، وظلت المملكة وفية لعلاقاتها التاريخية مع اليمن واستمر دعمها للاقتصاد اليمني وإن كان ذلك يمثل ضغطا إضافيا عليها بعد مديونياتها في حرب الخليج الثانية (تحرير الكويت) إلا أن السعودية حافظت على موقفها في دعم اليمن.