جاسر عبدالعزيز الجاسر
وقع المحظور وخرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء شعبي حصد من خلال المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي 51.9 بالمئة متفوقين على المؤيدين بالبقاء بأقل من نقطتين.
هذا الخيار الديمقراطي احترمه الأوروبيون ورضخ له رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون فأعلن استقالته من رئاسة الحكومة وأعلن بأنه سيترك مقر رئاسة الوزراء في شهر أكتوبر بأقصى حد، احتراماً لإرادة الشعب البريطاني الذي صوت منه في يوم الاستفتاء 46.5 مليون ناخب مسجل والذي يعد ثالث استفتاء وطني في تاريخ بريطانيا.
البريطانيون ظلوا طوال أربعة أشهر منخرطون في حملة شهدت تبادل اتهامات شديدة اللهجة حتى بين أعضاء الحزب الحاكم «حزب المحافظين» إذ وقف ضد رئيس الحزب ورئيس الحكومة ديفيد كامرون الذي كان من أشد المؤيدين لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قطب المحافظين الآخر بوريس جونسون عمدة لندن السابق الذي كان يعارض بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي ومن أشد الداعمين لخروجها واصفاً ذلك بالاستقلال، طبعاً جونسون خرج منتصراً بعد الاستفتاء وخرج رئيس الحكومة خاسراً، وقد يخلف جونسون كامرون في رئاسة الحزب والحكومة بعد أن زادت حظوظه بعد نتيجة الاستفتاء وإن كانت هناك مزاحمة من وزير المالية، ووزيرة الداخلية، إلا أن ذلك لن يكون التغير الوحيد في بريطانيا التي ستخسر تصنيفها الائتماني إلى أقل من A.A.A. الذي تتربع عليه كما أعلنت وكالات الائتمان العالمية، كما أن عملتها الجنيه الإسترليني سيخسر جزءاً من قيمته وقد يتساوى مع اليورو الأوروبي أو أقل منه، كما أن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يمتد إلى داخل وخارج بريطانيا، فبالإضافة إلى أن نتيجة الاستفتاء قد تشجع الاسكتلنديون على الخروج من المملكة المتحدة «بريطانيا» وتنظم هي الأخرى استفتاء بعد أن فشل الاستفتاء السابق خاصة وأن اسكتلندا قد صوتت إلى جانب البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الحالي. أما خارج بريطانيا وفي باقي الدول الأوروبية فإن خروج بريطانيا قد يشجع دول أوروبية أخرى على الحذو حذو بريطانيا ويأتي في مقدمة تلك الدول مملكة السويد التي تشابه بريطانيا إذ كانت ترفض اعتماد العملة الأوروبية الموحدة «اليورو» وكانت دائماً تؤيد مطالبات بريطانيا في جميع القضايا التي تناقض أوروبياً.
وتأتي الدنمارك الدولة الاسكندنافية الثانية التي تعمل وترغب في الانعتاق من الاتحاد الأوروبي وقد نظمت الدنمارك قبل مدة استفتاء ذا تأثير محدود إذ صوت الدنماركيون على تقليص صلاحيات الاتحاد الأوروبي، ويعاني الدنماركيون من تزايد الهجرة ويرون في قوانين الاتحاد الأوروبي محفزاً لها وهو ما قد يدفعهم إلى المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
والدولة الثالثة المرشحة للخروج من الاتحاد الأوروبي هي اليونان ووضعها مختلف عن الدولتين الاسكندنافيتين إذ أن الأوضاع الاقتصادية ومشكلة ديون اليونان قد يكون مبرراً أوروبياً على تشجيع اليونان من الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي تعمل من أجله الأحزاب القومية المتطرفة.
الدولة الرابعة هي مملكة هولندا التي تتمنى فيها الدعوات القومية المتطرفة والتي ترى في تدفق الهجرة سواء من داخل أوروبا أو خارجها سلاحاً يوقد نار المطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي.
أما الدولة الخامسة فهي المجر التي يرأس حكومتها فيكتور أورويان الذي لا يعتبر صديقاً للاتحاد الأوروبي ولا يخفي رغبته من الانعتاق من هيمنة «دكتاتور أوروبا» كما يحلو له تسمية الاتحاد الأوروبي.
أما فرنسا وهي الدولة السادسة التي يشكل خروجها إن تم هدماً ونسفاً للاتحاد الأوروبي فقد أظهرت استطلاعات نشرت أخيراً إلى أن 61 بالمئة من لديهم نظرة سلبية للبقاء في الاتحاد مقابل 37 بالمئة في المجر.