إن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو مناسبة سنوية تقام في 19 أغسطس للاحتفاء بالعاملين في المجال الإنساني الذين يبذلون جهودًا متميزة في مختلف أرجاء العالم. وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم العالمي لأول مرة في عام 2008م. وبالتالي فإن يوم 19 أغسطس 2023م هو اليوم العالمي الخامس عشر للعمل الإنساني. ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز قيم التضامن والإنسانية داخل المجتمع، من خلال إبراز معاناة السكان المهددين بالخطر، والحاجة إلى دعمهم، وكذلك التقدير للعاملين في المجال الإنساني، ويشجع الاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني الأفراد والمجتمعات على أن يظهروا المزيد من التفاهم والرحمة تجاه الآخرين؛ فكل عمل، مهما كان بسيطًا، يستطيع أن يغير حياة البشر إلى الأفضل.
ويهدف الاحتفال السنوي باليوم العالمي للعمل الإنساني إلى توعية المجتمع الدولي (دولًا ومنظماتٍ وشعوبًا) بالقضايا الإنسانية المختلفة وتقدير التنوع الثقافي والاجتماعي والاختلافات المتعددة. وتسهم هذه المعرفة في تعزيز الانفتاح والتعاطف، والحد من التحيز، وبناء مجتمع عالمي أكثر اندماجًا وتضامنًا. كما يشكل اليوم العالمي للعمل الإنساني اعترافًا بجهود العاملين في مجال الإنسانية والإغاثة في دعم الناس الذين يواجهون الكوارث والصراعات، ويشمل التأكيد على أهمية سلامتهم وحقوقهم. كذلك يدعو إلى زيادة الاحترام للقانون الدولي الإنساني، وضمان توصيل المساعدات الإنسانية بدون عقبات أو أخطار قد تلحق الضرر بالعاملين في توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين حول العالم.
وبفضل تراثها الثقافي العريق ودورها الفاعل في المجتمع الدولي، تبرز المملكة كواحدة من أهم الدول المانحة للمساعدات الإنسانية في العالم، حيث تساهم في تخفيف معاناة الدول والشعوب المتأثرة بالحروب والكوارث والأزمات. وتقوم المساعدات السعودية على مبادئ الإنسانية والموضوعية والشفافية، ولا ترتبط بأي انتماء سياسي أو ديني أو عرقي. وتغطي المساعدات السعودية مختلف المجالات مثل الصحة والتعليم والغذاء والماء والإسكان، والطاقة والزراعة والبيئة. وقد بلغ إجمالي المساعدات السعودية حتى نهاية يوليو 2021م نحو 841 مليون دولار، ما جعل المملكة تتصدر قائمة الدول المانحة عربيًّا وتحتل المركز الثالث عالميًّا. كما تدعم المملكة عددًا من المنظمات والهيئات الإنسانية الدولية، مثل برنامج الأغذية العالمي وصندوق الأمم المتحدة للطفولة.
وكمثال على ذلك، تضامن المملكة مع تركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب ولاية إزمير في 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2023م، والذي خلف 114 قتيلًا وآلاف الجرحى والمشردين. فقد تم إرسال مساعدات طبية وإنسانية وإيوائية عاجلة للمتضررين من الزلزال، وتولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية تنفيذ هذا الأمر بإطلاق جسر جوي إغاثي يضم طائرات تحمل فرق إسعاف وإنقاذ متخصصة ومواد طبية وغذائية وخيامًا وبطانيات. كما أطلق المركز حملة شعبية لجمع التبرعات عبر منصة «ساهم» لمساعدة ضحايا الزلزال في تركيا، وتجاوزت قيمة التبرعات الـ 145 مليون ريال سعودي. وكذلك استجابت المملكة بسرعة للكوارث الطبيعية في مختلف أنحاء مختلفة من العالم. فمثلًا في عام 2018م، عندما ضربت إندونيسيا سلسلة من الزلازل وتسونامي، قامت المملكة بإرسال مساعدات إنسانية وفرق طبية ومساعدات مالية لمساعدة المجتمعات المتضررة. وبالمثل، قدمت المملكة مساعدات لدول مثل باكستان ولبنان والسودان في أوقات الكوارث الطبيعية والأزمات السياسية.
وفي السنوات الأخيرة، شهدت المملكة تقدمًا كبيرًا في مجال عمليات فصل التوائم الملتصقة، والتي تعد من أصعب وأندر الحالات الطبية في العالم. وقد أظهرت مستشفيات المملكة قدرة عالية على إجراء هذه العمليات بكوادر سعودية مؤهلة وبنجاح وباستخدام أحدث التقنيات والمعدات. وقد استفاد من هذه الخدمة الإنسانية الكثير من المحتاجين من داخل المملكة وخارجها، وحظيت هذه العمليات بمتابعة وإشادة من قبل المجتمع الطبي الدولي ووسائل الإعلام المحلية والعالمية. وفي سياق متصل، أطلقت المملكة منصة إحسان، وهي مبادرة وطنية تهدف إلى تعزيز العمل الخيري في المملكة، وتوفير فرص التبرع للمشاريع الإنسانية والاجتماعية والتنموية، وهي التي سهلت عمليات التبرع عن طريق التبرع الإلكتروني المباشر للراغبين، والتبرع بالزكاة، والتبرع بالأضاحي، والتبرع بالوقف، وغيرها من صنوف البذل والإحسان. وقد وصل للمنصة حتى الآن 4.398.679.539 ريالًا من التبرعات النقدية واستفاد من خدماتها 4.881.634 شخصًا. وشملت خدمات المنصة الإنسانية على سبيل المثال لا الحصر: تأثيث منازل المحتاجين، إعانة أسر السجناء، المستلزمات المدرسية للطلاب المحتاجين، توفير المستلزمات المدرسية للطلاب المحتاجين، وبذلك، تبرز المملكة دورها الرائد في مجال العمل الإنساني، وتؤكد على التزامها بتقديم أفضل الخدمات لشعبها وضيوفها، وتعزز قيم التضامن والتكافل الإنساني بين أفراد المجتمع السعودي والعالمي.
وفي الختام، المملكة كدولة كبيرة وفاعل في المنطقة والعالم، وبقيادة حكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء (حفظهم الله) أصحاب الأيادي البيضاء ذوو التوجهات الإنسانية البحتة قاموا بدور كبير في العمل الإنساني داخل المملكة وخارجها بعمل مؤسسي منظم من خلال عدة مؤسسات ومراكز سعودية متخصصة، من أهمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والصندوق السعودي للتنمية لدعم البلدان النامية وتقديم المساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة بالأزمات والكوارث للتأكيد على أهمية التضامن والتكافل بين دول العالم لمواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه الإنسانية، وتدعو إلى تحقيق التنمية المستدامة والسلام والأمن لجميع شعوب الأرض بدون تمييز أو تفرقة.