بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
أكدت دراسة علمية على وجوب من تصدى لتجديد الدين أن يدرك المتغيرات الحياتية الكبيرة التي مناطها العلم والمعرفة؛ إذ لا يؤثر اليوم إلا البرامج العلمية القائمة على التخطيط السليم، بتحديد الأهداف، وتوقع النتائج، وفق جدول زمني؛ في مجالات كثيرة، فلا تكون فوضوية يقيمها أيُّ أحد، على أيِّ سبيل، بل لها أبعاد شرعية، ولها أبعاد واقعية، ولها أبعاد تقنية، ولها أبعاد فكرية، ولها أبعاد اقتصادية يجب أن تتضافر وتتكامل جهود كثيرة لإقامتها، كي تؤدي وظيفتها، وتؤتي ثمارها.
وأبانت الدراسة العلمية المعنونة بـ(تجديد الدين: وسائله، ومقاصده «نظرة في مقاصد فقه التجديد»).للباحث الدكتور سليمان بن محمد النجران الأستاذ بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة القصيم، أبانت أن الدراسات الميدانية لآثار التجديد لها أهميتها، وتكاد تغيب عن كثير ممن تصدى للتجديد؛ إذ بواسطتها يستطيع المجدد رصد آثار تجديده، وحساب حساباته في الصواب والخطأ؛ فيعزز الإيجابيات ويقويها، ويتلافى السلبيات ويقللها، قدر استطاعته، مشددة على أن التقويم والمراجعة للأساليب
والمناهج وانضباطها مع الشرع له أهميته في التجديد؛ إذ قوة الواقع الضاغطة، قد تعصف بكثير من غايات أصحاب الدعوات التجديدية؛ فيبدأ بطريق صحيح، لكن ما يلبث إلا أن ينحرف عن مساره اختياراً أو كرهاً؛ فيجب على المجددين المراجعة والتقويم المستمر لأعمالهم التجديدية الشرعية، وفق مقاصد الشريعة من التجديد؛ كي لا تخرج عن مسارها، ومقاصدها الشرعية.
وأظهرتنتائج الدراسة العلمية أن التجديد الشرعي للدين، هو إحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، والأمر
بمقتضاهما، ونفي المحدثات العلمية والعملية العالقة بالدين؛ بفهم وسطية الدين من الدين ذاته؛ فالوسطية هي الكفيلة بإبقاء الدين قائماً في حياة الناس وليس ما تدعو إليه طوائف الغلو والتشدد، ولا طوائف الفساد والانحلال، وأن التجديد سنة الأنبياء والمصلحين على مر الزمان، وأول ما يجددونه: إعادة الناس إلى أصل الفطرة التي خلق الله الخلق عليها؛ إذ الإيمان فطري، فمتى عادت النفس إلى فطرتها، قارنها الإيمان مباشرة، وأن لتجديد الدين وسائل يجب على المجدد مراعاتها قبل التجديد ومعه متى فرط فيها ربما ضعف تجديده، أو انعدم أثره، لكونها كالمقدمة المحصلة لنتائج التجديد.
وكشفت الدراسة عن ثماني وسائل لتجديد الدين العلم والمعايشة وترتيب الأولويات، وضوح المنهج والغاية، ومعرفة الواقع، ومراعاة الحال ومناسبة الخطاب، والتدرج والتأليف والاجتماع، وترتيب العداوات، مشيرة إلى أنه ربما انشغل بعض المجددين من الحزبيين بمقاصد وقضايا بعيدة عن الشرع؛ فأفسدت عليهم دعوتهم، أو قادتهم إلى تجديد خارج عن الحقيقة الشرعية للتجديد، ولهذا كان تحرير المقاصد والغايات الشرعية من التجديد، هو الأصل الذي ينطلق عنه المجدد.
ووصلت الدراسة إلى سبعة مقاصد معتبرة للشارع في التجديد هي: إعادة الناس إلى التكليف بإقامة الأمر والنهي الشرعيين، وبناء محكمات الدين وأصوله، ورد البدع العالقة بالدين وتصحيح التصورات والمفاهيم الخاطئة عن الدين، وتأهيل أهل الاجتهاد الشرعي، وتجديد النظر في مصالح الأحكام، والفصل بين الأصول الثابتة والوسائل المتغيرة في النظر.