حكم زواج المسيار:
وصورته: أن يعقد الرجل زواجه على امرأة عقدًا شرعيّاً مستوفي الأركان والشروط، لكن تتنازل فيه المرأة عن بعض حقوقها كالسكن أو النفقة أو المبيت.
-1 إذا كان هذا الزواج بلا ولي، فهو زواج باطل غير صحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي)، وهذا قول جماهير أهل العلم - رحمهم الله تعالى -، ولا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، وفي الأثر: (لا تزوج المرأة المرأة، ولا المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها).
-2 إذا كان هذا الزواج بنية الطلاق، فهو نكاح باطل ولا يُصح، وهو نوع من المتعة، فعن علي رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر». وفي رواية: «نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية.» رواه البخاري، ومسلم.
وعن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً» رواه مسلم.
لأنه نوى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى». وهذا الرجل قد دخل على نكاح مؤقت «المتعة»، فكما أنه إذا نوى التحليل وإن لم يشترطه: صار حكمه حكم المشترط، فكذلك إذا نوى المتعة وإن لم يشترطها، فحكمه كمن نكح نكاح متعة.
ولأنه إذا كان نكاح التحليل محرمًا- وهو نكاح الزوجة المطلقة ثلاثاً من زوجها الأول بنية تحليلها- فالنكاح بنية الطلاق مثله أو أولى منه، بجامع النية المؤقتة في النكاح في كل.
وما قد يطرأ من تغيير النية في بقاء النكاح لا أثر له، لأن العبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
أي المنظور وقت العقد من نية التوقيت من هذا النكاح من عدمه، والقاعدة: ترجيح قصد الفعل في المأمورات، ينزل منزلة الفعل - وقد سبق تقرير هذه القاعدة بأدلتها في القواعد.
فقد روى الترمذي عن ابن مسعود وقال: حديث حسن صحيح، ورواه ابن ماجة وأحمد عن ابن عباس، والحاكم وصححه: «لَعَنَ رسول الله المُحَلِّلَ والمحلَّلَ له». وروى ابن ماجة والحاكم من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألا أُخبركم بالتَّيْسِ المعار؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «هو المحلِّل، لعن الله المحلِّل والمحلَّل له».
3 - إذا تيقن الرجل أو المرأة أو غلب على ظنهما أن هذا العقد ستار لطريق الدعارة عن طريق عصابة تدعي زواج المسيار إيهاماً للمتقدم له أنه من الطرق المشروعة، وهي شبكة منظمة للزنا عياذاً بذلك من ذلك، متخذة زواج المسيار غطاء شرعياً لتمرير طرق الفاحشة، فهو محرم ولا يصح والحالة تلك.
والقاعدة: غلبة اليقين تنزل منزلة اليقين-وقد تقدم تقريرها في القواعد.
4 - إذا تيقن الزوج أو غلب على ظنه ضياع المرأة وفسادها بعدم المحافظة على الزوجة، بهذه. الصفة، كان العقد صحيحاً من حيث الحكم الوضعي، وحرام من حيث الحكم التكليفي، لغلبة ظنه على فسادها بزواجه بعقد المسيار.
والقاعدة: المباح إذا ترتب عليه فتنة كان حراماً.
-وقد تقدم تقريرها في القواعد.
5 - إذا كان زواج المسيار بشروط النكاح وانتفاء موانعه، ولم يترتب عليه مفسدة مساوية أو راجحة، فلا بأس به.
وذلك ككون المرأة تراعي أبويها وتقوم بمصالحهم، وهي عاقلة محافظة، وتم ذلك بوجود الولي وغيره من الشروط والأركان، وأسقطت عن الزوج المبيت والنفقة، فلا حرج، والله أعلم.
** **
د. محمد بن سعد الهليل العصيمي - كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة