تشهد الرياض ارتفاعات متصاعدة ومستمرة في أسعار إيجارات العقارات بشكل عام والشقق بشكل خاص، وصلت إلى أرقام مبالغ فيها، جعلت الأسر في وضع اقتصادي صعب. صحيح أن العرض والطلب يلعبان دوراً في تحديد الأسعار، ولكن لا توجد آلية أو معايير واضحة تحدد متى وكيف يحق للمؤجر أن يرفع الإيجار أو حتى يحدد قيمته، بل ستجده حريصاً على رفع الأسعار دون تقديم خدمة مضافة، وبالتالي ستجد شقة عمرها 40 سنة بلا خدمات يقارب إيجارها لشقة جديدة مكتملة المرافق والخدمات.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الجهات المختصة، وعلى رأسها الهيئة العامة للعقار، لتنظيم السوق الإيجارية في المملكة في إيجاد الأنظمة واللوائح والمنصات كمنصة إيجار والمؤشر العقاري، وتوفير العديد من الخدمات كالدفع الرقمي، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً لتنظيمه، فلا تزال الأسعار تشهد ارتفاعاً دون مبررات واضحة، ولا يوجد ما ينظم هذه الارتفاعات.
إننا بحاجة إلى دراسة جادة لتحليل الوضع الحالي، ومعرفة أبرز التحديات والمشاكل التي تواجه السوق الإيجارية في الرياض، والتعرف على أفضل التجارب العالمية من خلال المقارنات المعيارية مع الدول المتقدمة في هذا المجال، وكيف واجهت الارتفاع، ولعل أقرب مثال هو قواعد تنظيم رفع الإيجار في السوق البريطاني.
وعليه أتمنى أن يصدر تنظيماً يقوم على تصنيف العقارات والشقق بناءً على عمر العقار، وموقعه، والمرافق المتوافرة به ومستوى خدماتها، وثانياً مراعاة متوسط أسعار الإيجار في الحي نفسه، كما هو معمول به في الحاسبة، الإيجار في إمارة دبي، وثالثاً إيجاد مبررات لرفع أسعار الإيجارات كتقديم خدمات إضافية أو صيانة أو غيرها، إضافة إلى إلزام المؤجر بتثبيت سعر الإيجار لفترة لا تقل عن ثلاث سنوات، ووضع نسبة كحد أعلى لرفع الإيجار، مثلاً 10 %، وأعتقد أن هذه الخطوات ستساهم في استقرار السوق الإيجارية حتى للمحلات التجارية التي تعاني من ارتفاع الإيجارات، مما أدى بها على رفع أسعارها بشكل غير طبيعي.
أتفهم رغبة المستثمرين في تحقيق الربح من تأجير المحلات والشقق، وأدرك أن زيادة أسعار الأراضي تسببت بارتفاع عالٍ بقيمة العقارات، وهو ما انعكس على ارتفاع الإيجارات، ولكن على الرغم من هذا كله، أعتقد أن استمرار رفعهم للإيجارات دون مسببات حقيقية، سيجعلهم يؤدون دوراً اقتصادياً سلبياً، حيث تؤدي ارتفاعات الإيجارات إلى رفع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية، وتجعل قدرة الناس على الادخار ضعيفة، وجعلت الكثير من الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة تفشل بسبب رفع الإيجارات دون وجود أسباب واضحة، ولا تسهم في أي تطور ملموس في الاقتصاد، لذلك أتمنى أن نسعى في تطوير الجهود لرفع نسب تملك العقار، وإيجاد المزيد من المشاريع، كما نجحنا في فرض رسوم الأراضي البيضاء، وأتمنى أن تعمل الهيئة العامة العقار على إصدار تنظيم ينظم السوق الإيجاري، ويجعله أكثر تنظيماً وجاذبية ونضوجاً.