تعد المؤسسات التعليمية محضناً رئيساً في تكريس المواطنة الصالحة لدى الطلاب المنتسبين إليها، وتقع عليها مسؤولية كبيرة في تثقيف الطلبة وتوعيتهم بمتطلبات المواطنة الصالحة، وتنمية الوعي الوطني لديهم، وتوعيتهم بالمهددات المحيطة بوطنهم وما يستجد في هذا الجانب خاصة مع الطفرة التقنية والتكنولوجية.
والجامعات لا ينحصر دورها في تقديم الجانب العلمي والمعرفي للطالب وإنما لا بد أن يصاحب ذلك التوعية والتثقيف في كل ما يهم الطالب ويهيأ لأن يكون عضواً فاعلاً في مجتمعه مساهما في نهضته ورقي وطنه، لديه شعور الاعتزاز والفخر بمنجزات وطنه، والتفاني في خدمته في المجالات المتاحة له، وبهذا تُخرج الجامعات شخصية علمية ناضجة واعية لديها إحساس بالمواطنة.
وإذا كان الأمر كذلك فإن الأمر يتطلب من أطراف العملية التعليمية في الجامعات كافة مراعاة هذا الجانب والقيام بالدور المناسب -كل بحسبه- في سبيل تكريس المواطنة في نفوس الطلاب، فأعضاء هيئة التدريس لا ينحصر دورهم في إلقاء المحاضرات دون مراعاة إظهار القدوة للطلاب في المواطنة سواء بالقول وبالفعل وهذا مما يطول الحديث فيه، وتقديم التوعية للطلاب بالوسائل التعليمية المتعددة فتارة بالكلمة وتارة بالأنشطة وهكذا بما يعود كله في صالح غرس المواطنة وتكريسها في نفوس الطلبة.
كذلك الهيئة الإدارية والتعليمية في جميع مستوياتها يكون دورها من خلال إيجاد الفعاليات الموجة للطلاب والتي يراعى فيها جانب التأثير المباشر وغير المباشر في الطالب، والتنويع فيها والتجديد والابتكار في الأدوات والوسائل. كذلك استحداث المقررات المتخصصة في هذا المجال وتضمينها في الخطة الدراسية للطلاب في جميع التخصصات الجامعية، وهذا نقطة ربما لا ينتبه لها عند إعداد الخطط الدراسية واختيار المقررات في البرامج الدراسية، حيث يركز على المقررات التخصصية دون تضمين الخطط الدراسية لمثل هذه المقررات الأساسية، وفي أدنى الأحوال فمن المهم أن تضمن المقررات العامة المتطلبة من طلاب الجامعة هذا الموضوع على نحو واسع؛ مما يكون له أثر في تكوين هوية الطالب وبناء الشخصية الوطنية إلى جانب الشخصية العلمية، كما أن الحاجة المعاصرة أصبحت ملحة لوجود ذلك خاصة في ضوء المتغيرات المعاصرة ووسائل التواصل المتنوعة المؤثرة، ويحتاج من جميع أفراد الجامعات التكاتف والتآزر في سبيل تحقيق هذا الهدف المنشود والمأمول منهم.