الأستاذ والمربي عبداللطيف بن عثمان الملا -رحمه الله- والمولود في حي الكوت بالهفوف سنة 1352هـ، والذي اشتهر هذا الحي بتواجد مجموعة من البيوتات والحلقات العلمية والدينية فيه، إضافة إلى وجود مسجد الشيخ محمد بن أبي بكر الملا، والذي درس فيه فارس هذا التقرير العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية ضمن حلقات هذا المسجد، وهو شخصية نادرة في الفكر التربوي والثقافي، ورائد من رواد التعليم في الأحساء واسع الثقافة والاطلاع أول ما تعرفت عليه كان يشرف على المسابقات الثقافية عندما كان مديراً لمدرسة القدس بالهفوف التي تقع شمال قصر إبراهيم، وكنت أحد المشاركين في هذه المسابقات الثقافية، ومع مرور الأيام علمت أنه كان وراء نشر هذه المسابقات بين طلاب المراحل الابتدائية والمتوسطة، وبحكم أنه سبق له الالتحاق بدورات مختلفة في الجامعة الأمريكية ببيروت ودراسته للغة الإنجليزية في لندن، فكان بالتالي قادراً على الحديث مع زوار الأحساء، حيث كانت الإمارة تدعوه لترجمة من يزور الإمارة أيامها. هذا وبحكم ترددي كل خميس على مكتبة عمه الشيخ عبدالله الملا صاحب أول مكتبة في الأحساء، تعنى بتوفير مختلف الكتب والروايات والمجلات والصحف السعودية والعربية، وفي هذه المكتبة الشهيرة، رحم الله صاحبها أبا محمد. صادف أن شاهدني أكثر من مرة عندما أحضر من مدينتي المبرز إلى الهفوف أسبوعياً لأستلم حصتي من المجلات والصحف السعودية والمصرية واللبنانية التي يتم حجزها لشخصي المتواضع، وكان العم عبدالله -رحمه الله- يزيد على حصتي بعض المجلات أو الصحف التي باتت رجيعاً فيهديها لي مجاناً وكان الأستاذ عبداللطيف يحيي عمه على هذه المبادرة التي تساهم في تعزيز عشق القراءة لدى الناشئة. فكان يرد عليه باسماً: هذه رسالة المكتبة إضافة إلى أن رجيع المجلات والصحف وحسب اتفاقنا مع الجهة التي ترسلها لنا من جدة تركت لنا التصرف في الرجيع ومن باب أولى أولادنا أولى. واكتشفت مع الأيام أنه أيضاً يتم حجز المجلات له فهو قارئ نهم ومحدث مفوه وصوته المميز الذي تشبع بعلوم القرآن الكريم جعله فصيحاً بصوته الهادئ لذلك كان خطيباً مجيداً، وبالتالي تميز فارسنا أبا خالد في الاحتفالات والاستقبالات التي تقام في الأحساء بمناسبة استقبال الملوك والأمراء أو في المناسبات التعليمية وما أكثر ما قام بإلقاء كلمة بهذه المناسبة أو تلك لذلك بات متميزاً في العديد من المجالات حتى عندما كان طاباً في «المدرسة الأميرية» كان طالباً حاضراً في العديد من نشاطاتها، ومع مرور الأيام أصبح مشاركاً فاعلاً في النشاطات الاجتماعية والإنسانية ومساهم بجدية في العديد من الندوات التربوية والثقافية ومتواجداً بهمه في النشاطات والفعاليات التي تنظمها المراكز الصيفية المتعددة وفي مختلف مدن وبلدات الأحساء، وكان له حضوره في جمعية البر الخيرية، ومنذ إنشائها. وكان عضواً بمجلس خدمة المجتمع والتعليم المستمر بالمعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود كل هذا، وذاك جعل منه رائداً في العديد من الفعاليات والنشاطات حتى كتاباته التي كان ينشرها في صحيفة اليوم وهجر ظهر ذلك واضحاً في كتبه المنشورة مثل كتابه «لمحات من الحياة التعليمية في الأحساء»، وكتاب «في ظلال النخيل»، وكتب أخرى مخطوطة جميعها كانت تتسم بالبساطة والمباشرة والمخاطبة المقنعة وبسلاسة مشوقة، ولا شك أنه تشبع من خلال مخزون ثقافي ولغوي ومن هنا كان قادراً -رحمه الله- على القيام بتأليف عدد من التمثيليات الاجتماعية مثلت في بعض مدارس المنطقة ولا شك أن قدرته على تأليف مثل هذا الفن التمثيلي الراقي كان وليد ما كان يقرأه من كتب وروايات وقصص مختلفة، إضافة إلى اطلاعه على التراث والتاريخ واهتمامه بكل ما من شأنه يثري طلاب المدارس التي كان يديرها، ومن هنا عزز من تواجد المكتبات في المدارس وحتى اهتمامه بالصحافة المدرسية، وكان حاضراً في الجمعيات المختلفة، والتي كانت منتشرة في «الأميرية» فلكل نشاط جمعية يتنافس فيها طلاب المدرسة التي كانت أشبه بالجامعة أيامها كما قال عنها وكتب معالي الدكتور محمد بن عبداللطيف آل ملحم. وما ذكره معاليه صحيحاً، حيث كان أبا خالد الأستاذ عبداللطيف خريج هذه المدرسة يعتز بها كثيراً، وبتميزها وحتى زملاء الدراسة الذين ما زالوا أحياء، أمد الله في أعمارهم يذكرونها بالخير، فلا عجب أن يتميز طلاب الأميرية في مختلف المجالات، ومن أشهر من تخرج من هذه المدرسة صاحب السمو الملكي الشاعر والفنان خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة ومستشار الملك سلمان بن عبدالعزيز، وكثيرون من أصحاب السمو والمعالي والسعادة رجال الأعمال والاقتصاد خريجو هذه المدرسة آثروا الأحساء ومختلف مناطق المملكة أطال الله عمر من هو على قيد الحياة.
ولاشك أن أبا خالد بعد رحيله ترك إرثاً ثميناً إلا وهو ولديه خالد وعصام وثلاث بنات أشهرهم الدكتورة إيمان والتي باتت مديرة لمستشفى العيون بالظهران، وبعد رحلة طويلة في العمل والإدارة والتميز تقاعدت. وكما يقال من خلف ما مات فها هو ابنه سعادة أمين الأحساء المهندس عصام بات يشار له بالبنان لما حققه من أعمال وإنجازات في الخبر عندما كان يعمل سابقاً وها هو يثري الأحساء وبدعم من محافظها صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن طلال بن بدر آل سعود محافظ الأحساء والتي باتت الأحساء غير. بفضل الله وقيادة الوطن ورؤيته الوثابة المشبعة بالخير والعطاء.