محمد العشيوي - «الجزيرة»:
اتجهت بوصلة الدراما السعودية في الماراثون الرمضاني هذا العام نحو العمل التراجيدي الأجمل على المستوى الخليجي بمسلسل «خيوط المعازيب»، الذي كشف عن قصص من الواقع في ستينيات القرن الماضي، والذي رصد بدوره حياة المجتمع في الأحساء في حقبة تاريخية ترصد التحولات الاجتماعية والازدهار التجاري، حملت معها إرثاً توارثته الأجيال في عالم صناعة البشوت.
ووثّق العمل حياة التجارة وتفاصيل دقيقة تحسب لصناع العمل الذي أبرز جوانب مرحلية لتعايش أهالي منطقة الأحساء.
ظلت حرفة صناعة البشت سائدة في المنطقة الشرقية تحديداً في الأحساء، والتي وثقها التسلسل الزمني للعمل الذي شكل واحدة من الحرف التي يفخر بها أبناء المنطقة، بتنوعها وطقوسها الجغرافية، لتكون الدراما شاهدة على حرفة واقعية بعيداً عن الوثائقية التي انبثق منها المسلسل التراجيدي الذي أصبح نقطة تحول في الدراما الخليجية والسعودية هذا العام.
وأبرز العمل تنوعاً حضارياً بالترابط والتكافل الاجتماعي وتسليط الضوء على اللهجة الحساوية التي منحت العمل رؤية درامية وهوية تتماشى مع النمط الدرامي ومحاكاة لنخيل الأحساء، الذي يُعد واحداُ من مفاخر المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى العلاقة القوية التي تربط الأبناء بالآباء ومظاهر للتعايش البسيط بين المجتمع.
وكان للسيناريست، والإخراج جانب إيجابي في إيصال الرسالة الدرامية للمشاهدين وتأصيل للمجتمع الحرفي آنذاك قبل فترة انتشار التعليم.
وبلور «خيوط المعازيب» التنقل في الأدوار، وحيثيات القصة ليكون جل ممثلي المسلسل من أهالي المنطقة كما لعبت مشاركة النجوم الشباب دوراً كبيراً في خلق روح درامية أظهرت الانسجام والتجانس في الحبكة الدرامية، حيث يسير العمل في خطين متوازيين بين القضايا الاجتماعية والمكانة الاقتصادية في التجارة، لتكون نقطة الجذب بعمل الأطفال للمهنة أيضاً يدوياً في صورة توثق النمط الاجتماعي والمهني، كما لعب العمل تباعداً وجذباً بين الشخصيات واحتضنت روحاً من المرح، وجانباً من القسوة وامتزاجاً بين الذكاء والمراوغة والجشع من جانب آخر.
ورسم العمل تجسيداً وتقارباً بين الأهالي علاوة على ازدهار الصناعات الحرفية المنوعة، واحتل البشت الحساوي منذ القدم على جودة في الصناعة اليدوية ليكون محط أنظار الجزيرة العربية، ويمثل عنصراً ثقافياً بارزاً يعبر عن الهوية السعودية.
الجانب الإبداعي للعمل هو بتنفيذ القيصرية في ظرف عشرة أيام بعدد 16 محلاً تجارياً والتي تعنى بالسوق الذي ظل معاصراً في مدة أيام التصوير والذي تجاوز مدته العام ونصف العام بالإضافة إلى بيت شعبي عتيق محاط بمزارع أعادت الحنين للمشاهدين في تلك الفترة بجهد كبير في إعداده والاجتهاد في الإخراج لكل من المخرجين عبدالعزيز الشلاحي ومناف عبدال.