الأستاذ (الدكتور زيد الرماني).. زاده ربي قلم معطاء سيّل، إذ صدر له حتى عام 1440هـ قرابة الـ(170)كتاباً وبحثاً ومطوية. ونشر له حتى عام 1440هـ قرابة الـ(6000) دراسة ومقالة، كما وأنه تحسب ما أن يموج في فنّ من وجوه الكتابة إلا وقطف لنا من ثمار ذاك ما تميس مادته بعطاء مما يمدّها، فيكاد يشبعها..
بالذات والدكتور (ما شاء الله) لا نادراً ما تغيب كتاباته عن صفحة «وجهات نظر».. وهذا الاتصال -المداومة- أحد وجوه مبلغك الشيء، فـ(من طرق أربعين يوشك أن يُفتح له».. ولا ننس لأديسون وتجاربه التي تترا، فلم يكلّ منها فتقطع مفاوز مبلغها حبال أمانيه، أو يتأفف..، حتى أبلغته إشعال المصباح لينتقل بل قل ينقلب العالم يومها إلى حالة قارب أن يتشابه ليلهُ بالنهار، للضوء الذي من سراج الشمس وهج نهارها ومن نور ذاك المصباح مساؤها..بعد أن كان من قبل يغطشه الليل.
نعود لهذا الوافر العطاء دكتورنا العزيز.
ولعلي وقد اطلعت على عجالة على بعض مقالاته، لأُركّز على الأخير الذي يمس الاقتصاد وربما تناوله من طرف «الادخار»، في العدد المتفق- إصداراً - مع العاشر من رمضان لهذا العام، فالموضوع كلنا نحتاجه، فحسبي مما قاله شاهد.. كلمات للشيخ الأديب مصطفى الغلاييني في كتابه (أريج الزهر): «العاقل من يسلك سبيل الاقتصاد، وينظر إلى أمواله نظر المستغني عنها المحتاج إليها، فإن فعل ذلك كان سعيداً في ماله، وعاش عيش الأغنياء» ويزداد أهمية أنه لا ينقص أحدنا وعي ميزاته، ومع هذا فقلّ من يطبّق لخلط عجيب داهمنا بين التوكّل والتواكل! وكم ممن يهمل شيئاً وهو - بالمقابل- مهوّلاً لما دونه بدرجات، وليس درجة، ولا درجتين.. حتى إلا أنه (الرماني..) راعى أن يجابه بالنصح، فأتى لهذه النقطة بطريقة خلاف المواجهة التي أحياناً لا تؤتي ثمارها، بأن طرقها بملمس محبب {.. إن المرء لا يدري ما يأتيه به المستقبل، لأنه يجهل الغيب. فالدهر أبو العجائب، وصروف الأيام أمها، وحالة المرء بينهما، يدفعها الأول فتتلقاها الثانية، فتبقى حاملاً بها إلى أن تتمخّض ثم هو لا يعرف ماذا تلد له؟ فإن كان المرء عاقلاً فإنه يتقي صروف الدهر بما يحتفظ به من المال ليدفع عنه عواديها}.
فإهمال هذا المطلب، أي الاختلال في التوازن المالي هو الذي يجعل المرء مهما كان دخله إلا وتمر به الضائقة مرة بالشهر أو مرتين، و(مع) هذا لا تجده يفيق! والدليل تكرارها بالأشهر الأخرى وهكذا دواليك.
والادخار رغم أهمية أمره، لكن وكعملية تحتاج تفعيلاً.. تلفاها أبعد ما تكون في كنن اهتماماتنا، وقد بلغت دركة ما بلغته يوماً تولى (دورات) إدارة الوقت!، وكذا (المشي) وأهميته، وموضوع نهمنا بالشراء.. وأيضاً سلوكياتنا- كأبوين- أمام أبنائنا، ومدى تأثيرها في انعكاس تربيتهم (حيث يأخذون منّا ما يشاهدونه أكثر مما يسمعون من وعظنا..) والذي لا نطبق منه إلا لمماً!
والأمر في جميع مثل هذه أن المثلبة تتضاعف (حين المعرفة بالأهمية، ثم التكاسل في التطبيق)، وزدنا تلكما مثلبة ثالثة يوم حوّلنها دون أن نشعر إلى عرضيات، ولسان حالنا إن تيسّر التطبيق فنعمّا، و.. إلا فصفحة الأعذار جاهزة للتسويق عنّا بالكثير مما وراء تماهلنا.
دكتورنا {زيد} بوركتم وحرصكم على أمّتكم وبورك قلم لم يفتّ عضده قلة التجاوب مع إرشادات ما يطرح، ولا غرو فالأنبياء طُلب منهم التبليغ فقط لا النتائج بـ{وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} النور آية.
وبالتأكيد أن كل من عنده آثرة من علم أدرك هذه الجزئية بل ماد فهمه لأبعادها حتّى ألمّ بها، ولعل هذا عزاء كافٍ -حبيبنا.. - لكل ناصحٍ إن لم يجد طاعة.