الشكر هو: المجازاة على الإحسان والثناء الجميل الطيب على من يقدم الخير، وأجل وأعظم من يستحق الشكر والثناء على العباد هو الله جل جلاله؛ لما له من عظيم النعم على عباده، وقد أمرنا الله تعالى بشكره على تلك النعم وعدم جحودها ونكرانها،فقال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (سورة البقرة: 152).
ولقد أنعم الله تعالى وتفضل على عباده بالكثير من النعم والأفضال، وإن أعظم نِعم الله عزَّ وجلَّ على الإنسان هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ومن نعم الله تعالى الدنيوية على الإنسان خلق الإنسان في أحسن تقويم، وبسط الأرض بما يناسب عيش الإنسان، ونعمة الجسد والسمع والبصر، ونعمة العلم بعد الجهل، فأول ما يخلق الإنسان لا يكون عالماً بشيء، ثم يعلمه الله تعالى ويهديه إلى ما ينفعه بما خلق له من الحواس، قال تعالى: {وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } («سورة النحل: 78).
هذا وإن حال المسلم إما أن يكون شاكراً لنِعم الله تعالى، وإما صابراً على الابتلاء؛ لذلك فإن شكر الله تعالى له أهمية كبيرة في حياة المسلم خاصة عندما يعلم الإنسان أن الله تعالى وعده بالمزيد من النعم إن أقبل عليه بالشكر، فقال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} (سورة إبراهيم: 7).
ولابد في الشكر من الاعتراف بفضل الله تعالى ونِعمه على الإنسان، وقال ابن كثير: في تفسير قوله تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (سورة سبأ: 13)، قال عكرمة: أي وقلنا لهم اعملوا شكراً على ما أنعم به عليكم في الدنيا والدِين، وقال أبو عبد الرحمن الحبلي: الصلاة شكر والصيام شكر وكل خير تعمله لله شكر، وأفضل الشكر الحمد...، وعن ثابت البناني قال: كان داود عليه السلام، قد جزأ على أهله وولده ونسائه الصلاة، فكانت لا تأتيهم ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي، فغمرتهم هذه الآية: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} تفسير ابن كثير: 429/ 3 .
والشكر لله على درجتين كما قال ابن رجب الحنبلي: إحداهما واجب وهو أن يأتي بالواجبات، ويتجنب المحرمات، فهذا لا بد منه ويكفي في شكر هذه النعم، ومن هنا قال بعض السلف: «الشكر هو ترك المعاصي، وقال بعضهم: «الشكر أن لا يستعان بشيء من النعم على معصيته».
والدرجة الثانية من الشكر : الشكر المستحب وهو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض، واجتناب المحارم بنوافل الطاعات، وهذه درجة السابقين المقربين «جامع العلوم والحكم» الصفحة: 245، 246».
هذا وإن الشكر من كمال الإيمان وحسن الإسلام فهو نصف الإيمان، كما أن الشكر اعتراف بالمنعِم والنعمة، وسبب من أسباب حفظ النعمة بل من الزيادة فيها، ولا يكون الشكر باللسان فقط، بل كذلك بالجوارح والأركان، كما أن الشكر من أسباب كسب المؤمن رضا الله تبارك وتعالى.
ومن نافلة القول: إنه حتى تكون شاكراً لله تعالى على ما أنعم عليك، فإنه يجب عليك الاعتراف بقلبك أن واهب هذه النعم لك هو الله تعالى، فتعظمه وتنسبها إليه، وأن تعترف بذلك بلسانك قولاً وتقريراً، وتشكره بجوارحك فعلاً وأداء، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.