عندما يكون الملك خادما والضيوف ضيوف الرحمن وشعب بايع على الولاء والسمع والطاعة تتجلى أقدس معاني التلاحم والإيمان الجمعي في خدمة أقدس العباد في أقدس الأيام والأماكن.. إنه الحج. فخادم الحرمين الشريفين يرقب الحجيج بعين العطف ويتفقد حاجاتهم ويلبي كل ما من شأنه أن يعلي تلبية الحاج ودعائه ليسكت كل أصوات النشاز.. طبيب يعالج بالمجان ورتبة لواء يتفقد الميدان وجندي أصبح للحاج كالعكاز ومتطوع يسقي العطشان.. شعب مؤمن بقيادته ورسالته المقدسة.. إنها المملكة العربية السعودية.
بعيدا عن الإنجازات للحرمين الشريفين وخدمة الحجيج التي يشهد لها القاصي والداني المسلم وصاحب الضمير، إنها روح الخدمة المقدسة، إنها خدمة حاج متلهف للقاء الله في بيته وعلى قمة جبل نطق من وحي رسوله بأول كلمات جسدت مكانة عبده، تتجلى فيها معاني فخر بتواضع ونية بطهر من دنس الدنيا وعمل دؤوب يسكت عويل المنافقين.
ولكي تستشعر سمو المهمة فانظر لوجوه الحجيج وقد اغرورقت أعينهم بالدموع فرحا وارتفعت أكفهم للسماء دعوة، ربنا اجعل هذا البلد آمنا واحفظ القائمين عليه ملكًا وشعبًا، هكذا تتطلع المملكة العربية السعودية لرضا الحاج فهو أسمى وأقدس رضا فرضاه من رضى الله وهي تعمل بكل ما أوتيت من قوة لخدمة ضيوف الرحمن ولجم نعيق الغربان فالنا الشرف والعزة أن نكون ملبين لله ليلبي الحاج بسكينة وطمأنينة وأمن في حله وترحاله.
فالمملكة قوة مع حلم تقتص للمظلوم وتحفظ الحقوق فالحق شعارها للردع والنخلة رمز صبرها ونهجها للصفح والخير.. إنها واحة سلام وعدل وقوة.. هي هكذا منذ الأزل وستبقى كذلك للأيد.. تغرس الخير في كل مكان وتتطلع للمستقبل بروح تعانق السماء وتسابق الزمان، وتشهد بذلك مستهدفات وإنجازات رؤية 2030 فهي وثبة نوعية نحو مستقبل واعد بالنمو والازدهار على امتداد المملكة. وفي هذا السياق فللحج عناية خاصة ليس فقط كركن من أركان الإسلام بل هو ركن أساسي من برامج رؤية 2030 الطموحة.. واقتبس هنا ما أوردته وزارة الإعلام على موقعها في 28 يونيو 2023 أحدثت رؤية 2030 نقلة نوعية في مختلف الخدمـات المقدمـة لحجـاج بيت الله الحرام، وأتاحت برامجها ومبادراتها الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها لأداء فريضتي الحج والعمرة بيسر وسهولة، في ظل التطوير الكبير والمتسارع الذي يجري في مشاريع البنية التحتية للمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة. وفي إطار السعي الى تقديم الأفضل، دشن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - برنامج خدمة ضيوف الرحمن في عام 2019، كأحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030، التي وضع أسسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، للمساهمة في تسهيل توفير الإقامة والنقل والتغذية والرعاية الصحية والتوجيه والإرشاد للحجاج.
وسعت المملكة لإثراء تجربة ضيوف الرحمن وأجريت دراسة شملت آلاف المسلمين حول العالم، أسهمت في تحديد التوقعات ومعرفة احتياجات ضيوف الرحمن مستهدفة..
* تحقيق تجربة روحانية متميزة للحجاج والمعتمرين، وصمم لهذا العرض برنامج رحلتهم وفق سبع نقاط اتصال رئيسة تبدأ بنقطة ما قبل الوصول، ثم القدوم والمغادرة، ويليها التنقل، وزيارة الحرمين والمشاعر المقدسة، وأداء النسك بصحة وأمن، وأخيرا نقطتا الضيافةِ واستكشافِ المملكة.
* إثراء التجربة الدينية والثقافية بإتاحة زيارة المواقع التاريخية والثقافية في منطقتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، بعد تأهيلها وتطويرها وتحسين المواقع التاريخية فيها مثل مواقع الغزوات والمساجد والآثار التاريخية.
* تعريف الضيوف بالتراث المحلي لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وتحفيزهم لتوسيع نطاق رحلتهم واستكشاف مستوى التطور والازدهار الذي تحقق في المملكة.
* إتاحة التأشيرات الإلكترونية للحجاج والمعتمرين من جميع الدول وتمديد فترة موسم العمرة، إضافة إلى العديد من الإنجازات التقنية مثل إطلاق مبادرات منها «إياب»، و»الحج الذكي»، و»حج بلا حقيبة»، إلى جانب التأمين الصحي الشامل.
* تكامل وتعاون 70 جهة في القطاع الحكومي والخاص وغير الربحي لإثراء وتعميق تجربة الحاج والمعتمر، من خلال تهيئة الحرمين الشريفين، وتهيئة المواقع السياحية والثقافية، وإتاحة أفضل الخدمات قبل وأثناء وبعد زيارتهم لمكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، وعكس الصورة المشرِّفة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين.
بارك الله لهذه البلاد قيادة وحكومة وشعبا على كل الجهود المبذلة في خدمة الحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.