يُعدّ العمل الخيري من أهمّ القيم الإنسانية النبيلة التي تسود في مختلف المجتمعات، فهو ينبع من شعور الفرد بالمسؤولية تجاه إخوانه، وحرصه على مدّ يد العون للمحتاجين، وتقديم المساعدة لهم لتخفيف معاناتهم وتحسين حياتهم. ويزداد دوره أهميةً عندما يتعلق الأمر برجال الأعمال، الذين يملكون إمكانيات مادية تتيح لهم المساهمة بشكلٍ فعّال في دعم مختلف القضايا الإنسانية والاجتماعية.
فتحقيق النجاح الاقتصادي، لا يقتصر على جني الأرباح فقط، بل يجب أن يمتد إلى المساهمة في تنمية المجتمع وجودة الحياة. فالعمل الخيري هو واجب إنساني ومسؤولية اجتماعية تقع على عاتق الجميع، خاصة رجال الأعمال. في هذا السياق، نذكر الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر (أبو زكي)، أحد رواد العمل الاجتماعي والثقافي في المملكة، الذي قدم مساهمات جمة في مختلف المجالات كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
ففي يوم السبت الماضي، تشرفت بالتعرف عن كثب على بعض هذه المشاريع التي قام الشويعر بدعمها مالياً في (مدينة جلاجل)، خلال رحلة لهذه المدينة مع وفد يتكون من مجموعة من المثقفين والشخصيات البارزة لمرافقة أبي زكي في زيارة للاطلاع على هذه المشاريع المتنوعة ثقافياً واجتماعياً. فمدينة جلاجل تعتبر مسقط رأس الشويعر حيث وُلد فيها بين عامي 55 - 1358هـ؛ إذ إن سجل مدرسة شقراء الابتدائية يذكر أنه من مواليد 1355هـ، بينما حفيظة النفوس (الهوية الوطنية) تقول إنه وُلد عام 1358هـ. ومدينة جلاجل واحة من واحات السعودية الغنية بالتاريخ والثقافة، تقع في محافظة المجمعة بمنطقة الرياض. تشتهر بكونها مركزاً حيوياً يعكس التطور السريع في مختلف نواحي الحياة، من التعليم والصحة إلى الخدمات البلدية والاجتماعية. تُعرف بأنها ثاني مدينة صحية في المملكة والخامسة خارج الاتحاد الأوروبي، مما يدل على مستوى الرعاية الصحية المتقدم الذي توفره.
ومن بين المواقع التي زارها الوفد، قاعة الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر، والتي تعتبر من أهمّ المعالم الثقافية والاجتماعية في مدينة جلاجل، وتقع القاعة في مقر لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية، وتتميز بموقعها الإستراتيجي في قلب المدينة، مما يسهل الوصول إليها من جميع الاتجاهات. بنيت بدعمٍ سخي من الشيخ الشويعر، وتتميز بتصميمها الحديث والأنيق، وهي مُجهزة بأحدث التقنيات والمعدات، مما يجعلها مناسبةً لإقامة مختلف الفعاليات والمناسبات. كما زرنا الجمعية الخيرية بجلاجل، فالشويعر أحد أهم الداعمين للجمعية، حيث قدم لها العديد من التبرعات السخية، مما ساهم في تمويل مشاريعها المختلفة. ومن أبرز مساهماته: تبرعه بمبلغ 3 ملايين ريال لإنشاء مشروع إسكاني خيري، تكفله ببناء روضة أطفال وتأمين احتياجاتها كافة، وبناء مبنى لإدارة الجمعية.
كما توجهنا بعد ذلك إلى نادي سدير الرياضي، واستمعنا لشرح واف عن إسهامات أبي زكي في دعم النادي دعماً مستمراً متواصلاً وذلك لخدمة شباب المدينة، إيماناً منه بأهمية دور الرياضة في تنمية المجتمع وبناء أجيال قوية. فلقد قام بدعم العديد من الأنشطة الرياضية في النادي، كتوفير المعدات الرياضية الحديثة، ورعاية الفرق في الألعاب المتنوعة في مختلف الفئات العمرية، ودعم إنشاء مرافق رياضية جديدة في النادي.
ومن ثم حطت رحالنا في مركز عبدالعزيز الشويعر للرعاية الصحية ذلك الصرح الطبيّ الشامخ الذي شيد على نفقة أبو زكي، إيماناً منه بأهمية توفير خدمات صحية متميزة لأهالي جلاجل. يُقام المركز على مساحة واسعة تُقدّر بـ 25 ألف متر مربع، ويُعدّ تحفة معمارية تُجسّد أحدث معايير المنشآت الصحية التكاملية. ويضمّ المركز عياداتٍ تخصصيةٍ متعددة تُلبي مختلف احتياجات المرضى، فضلًا عن سكنٍ مُؤثثٍ للأطباء الزائرين، ومسجدٍ مُتّسعٍ، ومساحاتٍ خضراء. ولم يقتصر عطاء الشيخ عبدالعزيز الشويعر على تشييد المركز، بل امتدّ ليشمل دعمه المستمرّ لتطويره وتحديثه. ولقد أثمر هذا الدعم السخي عن حصول المركز على شهادة الاعتماد من المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية (سباهي)، وذلك عام 2022م.
خاتماً، يُجسّد الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر (أبو زكي) مثالاً يُحتذى به في العطاء والإنسانية، فقد سخّر ثروته ومكانته لخدمة المجتمع ودعم قضايا الخير في مختلف المجالات. ولعلّ ما رأيناه خلال زيارتنا لمدينة جلاجل من مشاريعٍ عظيمةٍ شاهداً حياً على كرمه وإيمانه العميق بأهمية التنمية المستدامة. ولم تقتصر إنجازات الشيخ الشويعر على ما ذكرناه فحسب، بل حظي بتقديرٍ كبيرٍ من مختلف الجهات، ونال العديد من الجوائز، منها وسام الملك عبدالعزيز آل سعود من الدرجة الأولى عام 2019م والذي تسلمه من وزير الصحة آنذاك الدكتور توفيق الربيعة. نسأل الله أن يبارك في عطائه الخالد، وأن يجعله قدوةً حسنةً للجميع. وندعو إلى الاستفادة من تجربته ونشر ثقافة العطاء في المجتمع، فالعطاء هو أساس التكافل والتضامن، وهو السبيل لبناء مجتمعٍ متماسكٍ. والشكر موصول إلى أهالي مدينة جلاجل على حسن الاستضافة.