الأحبار هي وسيلة الكتابة في المخطوطات والوثائق، وقد استخدمت على الورق والرقاع والرق من الجلود وسعف النخيل، وذلك منذ أن شعر الإنسان بحاجته للتوثيق والتعلم والتعليم. فاستخدموا تراكيب بسيطة وأحيانا معقدة في صناعة الأحبار لا تخلو من الطبيعة واستحدثوا أفكارا وأحيانا معجزات تركيبية فذة من مواد خام ووسائط ولواصق..
فقسموها لنوعين أحبار سوداء وأحبار ملونة
السوداء تعمقوا فيها وأبدعوا في تطويرها عبر القرون لأنها الأساس في الكتابة والاعتماد عليها أكثر عكس الأحبار الملونة التي تستخدم كشكل جمالي وزخرفي
لذلك انتقوا المصادر النباتية التي استخدمت بشكل كبير في التراث المخطوط لكن الأبحاث التي تصفها وتشرحها قليلة ووجد شيء بسيط عنها في مخطوطة لجابر بن حيان يشرح طريقة عمل الأحبار والمواد المستخدمة وقد تكون الوحيدة التي وجدت عن الأحبار وهو أول من استخرج ماء الذهب والفضة واستخدم بعد ذلك في الكتابة والزخرفة كذلك تمكن من اختراع نوع مضيء من الحبر ليساعد على قراءة المخطوطات والرسائل في الظلام.. وفي كتابة (الخواص في صفة عمل مداد هندي) لصنع مداد عجيب خذ عيدان شجر الصنوبر فإنه يكاد يقطر دهنه من كثرته.. فنلاحظ انتقاء المصادر بشكل جيد عند العرب...
فاعتمدوا نوعا ما على الفلسفة والمعتقدات الدينية على اختيار أحبار الكتب المقدسة بالالتزام بطهارة المواد المستخدمة وجودتها من بخور راتنج المر واللبان. يذكر بأن بعض العلماء المسلمين كان يفضلون استعمال الحبر الموثوق من طهارة مواده والمعروف أهل صنعته ويتحرزون من المداد الصيني الذي قد يكون صنع بأيد غير مسلمة أو دخل في صناعته مواد محرمة فتوجه بعض علماء المسلمين في التخصص في أحبار المصاحف لأخذ الأجر الكبير وحرصا منهم على القرآن.
الأحبار السوداء لها تراكيب معينة من حبر كربوني وحديدي ونباتي وتكون مصادرها أما نقيه مثل الكربون الأسود الذي يأتي من الفحم النباتي (Charcoal) بكلسنته على حرارة عالية وجو خالٍ من الهواء.. أو كربون (soot) وهو عبارة عن احتراق غير كامل للهيدروكربونات مثل الأفران والمصابيح والبخور فشرعوا إلى خلط الكربون بمواد أخرى أما لغرض الثبات أو الوضوح أو لسهولة الاستخدام، فظهر الحبر المختلط بمكوناته الكثيرة من عناصر معدنية للعفص الحديدي المتكون من حمض التانيين وكبريتات الحديدوز كذلك من مكوناته كربون الفحم وكربون السناج والأحجار والفلين وأشجار الصنوبر.. كلما زادت نسبة عنصر الكربون في الحبر كان اللون اسود غامقا وكلما كانت نسبة الحديد والكبريت في الحبر أكثر كان اللون الأسود فاتحا أو معتما.. وهذه المكونات لا بد أن تحتاج لوسائط ومواد رابطة وإضافات أخرى
ومن المواد الرابطة (نباتية) كالصمغ العربي وصمغ الأجاص و(حيوانية) كغراء الحيوان والسمك والأرانب وبياض البيض وتضاف لها إضافات أخرى كالماء والنبيذ والخل والعسل والسكر واللبن.
ويتم مزجها بنسب دقيقة وتحت حرارة معينة فكما نرى أن المحافظة على جودة المداد والأحبار يحتاج معرفة كبيرة بنوعيته وعمره ودرجة وضوحه باستخدام الأجهزة الحديثة والقارئة للأحبار مثل التصوير الطبقي المتخصص في تمييز الأحبار السوداء وتركيباتها الخمسة المتقادمة إذا ما عجزت العين المجردة عن الرؤية.
** **
- جميلة عبدالله المطيري