الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
لم يأت اهتمام الإسلام بالوالدين عبثاً، ولم تكن الدعوة لصون حقوقهما بلا مبرر، وإنما جاء بسبب فضلهما العظيم، وعدت الشريعة عقوق الوالدين من الكبائر وعظائم الذنوب، والعقوق أحد الذنوب التي تعجل عقوبتها في الدنيا.
«الجزيرة» التقت عددا من المختصين في مختلف التخصصات، وممن يعملون في الحقل الاجتماعي والأسري ليتحدثوا عن كيفية معالجة مشكلات عقوق الوالدين في المجتمع؛ فماذا قالوا؟
معضلة تربوية
يرى المهندس الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله حنفي رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بجدة أن الخروج من هذه المعضلة التربوية، وحفظ حقوق الوالدين لا يكون إلا بمواصلة تربية الناشئة على كتاب الله، وسنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وتكثيف الجرعات التربوية والإيمانية التي تهذب السلوك وتوجد لدى الفرد معياراً للتعامل مع والديه، مع إيضاح صور عديدة من التصرفات والأفعال التي تعتبر من باب العقوق، وما أكثرها، من ذلك: نهرهما والعبوس أمامهما وترك الإصغاء، وتفضيل الزوج أو الزوجة عليهما، والتخلي عنهما في حالة العجز وكبر السن، وذلك لأن ضعف الوازع الديني والانحراف السلوكي والخلقي وتعاطي المخدرات من أبرز أسباب عقوق الوالدين، والعلاج يكون بإزالة الأسباب جذرياً عن طريق التربية الدينية والخلقية والسلوكية، وإبراز الجوانب التي تعظّم بر الوالدين مثل: طاعة الوالدين والتبسم أمامهما ومساعدتهما في الأعمال، وكثرة الدعاء لهما، وغير ذلك كثير، فأبواب الخير والإحسان إليهما كثيرة يصعب حصرها، كما أن الاسترشاد بالأمثلة في تربية الأبناء والبنات يوضح تعامل سلفنا الصالح مع والديهم، فمثل هذه القصص لها تأثير واضح وراسخ في عقول الناشئة.
مواجهة مباشرة
وتؤكد الدكتورة هيفاء بنت عثمان فدا رئيس مجلس إدارة جمعية يسر للتنمية الأسرية بمكة المكرمة أن البر والعقوق فعلان وسلوكان يتناوبهما الإنسان، أو يتفرّد بأحدهما، مشيرة إلى إنها واجهت كثيرًا من حالات البرّ، وواجهت حالات أكثر من حالات العقوق، إلا أنّ دراسة الأسباب المسبّبة للعقوق بذات الأهمية التي تكون عليها معالجته، ولنبدأ بالتّعليم، والتّنشئة المنزلية، وقيمة البرّ الإسلاميّة والاجتماعيّة، ومن ثمّ نخلص إلى طرق معالجة العقوق التي تعد تطبيقًا لما سبق من طرق التّربية وأسبابها.
دراسات علمية
ويقول الدكتور عزت عبدالعظيم استشاري الطب النفسي بالرياض: من واقع تعاملاتي مع مثل هذه المشكلات وشكاوى بعض الآباء ودفاع الأبناء عن أنفسهم، اتضح لي أنه يجب دراسة كل حالة على حدة دراسة مستفيضة وبصورة شخصية، مع عمل بحث اجتماعي للأسرة لاستيضاح وضع مثلث العلاقة الأسرية بين الأبناء والآباء والأمهات، لأنه في الغالب يوجد اضطراب أو خلل واضح في توازن العلاقة الأسرية، وبالتالي حدوث صراعات فيما بينهم من أهمها حالات الطلاق، كما أن عقوق الأبناء يكون غالبًا بسبب بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية وأهمها حالات الإدمان واضطرابات الشخصية وسوء السلوك والتي تتطلب التعامل معها على محاور عدة.