قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} وقال جل وعلا: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}.
في مساء يوم الأربعاء السابع عشر من شهر صفر من هذا العام الهجري 1446 من الهجرة النبوية الشريفة انتقل إلى رحمة الله تعالى ابن عمي الأخ/ محمد بن مريع بن حسن الشهراني أخي الحبيب وقريبي البار ورفيق عمري الماجد الوفي وزميلي الأنيس المساند المبادر في كل ما يهمني ويبهجني بروحه المتألقة وشهامته ومروءته؛ لا غرو فأبوه عمي مقام والدي معالي الفريق الركن(م) مريع بن حسن الشهراني المدرسة الأولى التي تخرج فيها وتربى على خلالها الحميدة وعلى مكارم الأخلاق.
رحمه الله رحمة الأبرار ورفع منزلته في عالي الجنان غادر هذه الدنيا الفانية على إثر عارض صحي ألم به وفجعني فيه وبِتُ أحدث نفسي بأنه ما زال باقياً ولم يرحل عنا، ولكنها الأقدار والأعمار بيد الله. لقد كان رحيله مؤلماً ومحزناً ومصابنا فيه مصاب جلل اهتزت له الأفئدة وانفطرت له القلوب إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا زياد لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي الرب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، كان أبو زياد طيلة حياته باراً بوالديه وأسرته وفيَّاً مع كل من عرفه واتصل به وتعامل معه، الكل يذكره بالخير ويدعو له بالرحمة والرضوان. كان صادقاً في تعامله شريفاً في سلوكه كريماً في وصله متصالحاً مع نفسه ومع الآخرين قليل الكلام إلا فيما يفيد وينفع، لا تفارق الابتسامة محياه. ينطوي على نفسٍ نقية طاهرة محبة للخير والبر والإيمان والنقاء، وكان طيلة مرضه محتسباً صابراً مقبلاً على ربه بالرجاء في رحمته وحسن ملاقاته أحسبه كذلك والله حسيبه.
نعم: رحلت أخي الحبيب أبا زياد عن هذه الدنيا الفانية إلى الدار الآخرة في ضيافة الرحمن أكرم الأكرمين، ندعوه عزّ وجل أن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة وأن يجعل قبرك روضةً من رياض الجنة، وأن تغمره شآبيب عفوه ومغفرته ورحماته كما ندعو الله تعالى أن يجعل ما أصابك طهوراً وأجراً ورفعةً في مقام الشهداء والصالحين والمنعم عليهم. ستظل صورتك المشرقة أبا زياد ماثلةً في الذهن والوجدان ولن تفارقني ما دمت حيَّا صورة تشع بالسماحة والرضا ومعاني المروءة وخلال النبل والوفاء كما كنت يا أبا زياد طيلة العمر وما سطرته ذكرياتك الغالية الجميلة. إن من بشائر الخير ومعاني العزاء تلك الجموع التي احتشدت في الصلاة عليك وتشييعك في المسجد وفي المقبرة وأثناء الدفن. الكل يلهج بالدعوات الطيبات لك وينوهون بمأثرك الحميدة وصفاتك النبيلة، وما أعقب ذلك من توافد جموع المعزين على منزل أبيك معالي الفريق الركن مريع بن حسن حفظه الله طيلة أيام العزاء جميعهم يعبر عن المشاعر الفياضة الصادقة والدعاء لك بالمغفرة والرضوان ولوالديك وأهلك، وقرابتك، وذويك بالصبر والسلوان. كذلك من البشائر المفرحة ما ختمت به اللحظات الأخيرة من حياتك يا أبا زياد حينما ختمتها بتلاوة القرآن الكريم وبالاستغفار والحمد لله على قضائه وقدره وبشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وابتسامة الوداع التي ودعتنا بها.. كذلك فإن من أجمل ما قيل عنك عقب رحيلك وأصدق المشاعر تجاهك ما ذكره عنك عمي الكريم والدك العظيم معالي الفريق ركن مريع بن حسن حفظه الله فقد وصفك بالابن البار لوالديه وأعلن عن رضاهما التام عنك وقال: بأنك لم تغضبهما ولم تجرح مشاعرهما طيلة حياتك فهنيئا لك هذا الفضل وهذه الشهادة وهذه التزكية من أغلى الناس اللذين قرن الله طاعتهما ورضاه بطاعته ورضاه، وهذا ما ينبغي أن يطمح إليه كل إنسان يشعر بالأمانة والمسئولية في هذه الحياة لنيل هذا الثناء والرضي من الوالدين. أسال الله أن يجعل هذه الشهادة الأبوية شفيعة لك ورفعة لدرجاتك وزلفى لديه أبا زياد.
اللهم أجبر مصابنا واجعل الخير والبركة والصلاح في خلفه.
**
- عبداللطيف بن سعيد الشهراني