الحمد لله على قضائه وقدره، ولا نقول إلا كما قال الصابرون (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم ارحمها رحمة واسعة ونور قبرها واجعله لها روضة من رياض الجنة، وافتح اللهم لها فيه باباً إلى الجنة وافرشه من فُرش الجنة.. وآنس اللهم وحشتها وارفع منزلتها واجعل روحها في حواصل طير تغدو وتروح بالجنة ..
اللهم يسّر حسابها، ويمّن كتابها واجعلها ممن يقال له يوم القيامة {لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} واجعل منازلها في أعلى عليين في الفردوس الأعلى من الجنة يا أرحم الراحمين.
إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى..
عظّم الله أجر والدتي/ الجوهرة بنت عبدالله العويد، وأخوالي وخالاتي وأحفادها وحفيداتها وجميع أقاربها وأحبابها، وأحسن عزاءهم واجبر مصيبتهم ورزقهم الصبر والسلوان والرضا والتسليم بقضائه وقدره، والحمد لله على قضائه وقدره.
غفر الله لها وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة، وجعل ما أصابها رفعة في درجاتها وتكفيراً لخطيئتها، وألبسها ربي الحلل واجعل قبرها روضة من رياض الجنة واجمعنا وإياكم بها ووالدينا والمسلمين أجمعين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ألهمكم ربي الصبر وأجزل لنا ولكم بالصبر الأجر {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
نعم.. ليس شيء أصعب على النفس من فقدان عزيزٍ حبيبٍ غالٍ على النفس، ولكنَّ المؤمن يرضى ويسلم بقضاء الله وقدره..
فقد كتب الله علينا جميعاً مصيبة الموت إذ لا مفر منه ولا محيد.
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}.
أمي دلال -رحمها الله- بصفاء روحها وعذب منطقها وحنان قلبها ودفء مشاعرها وإن من تربى على صدرها واستشفى بالقرب منها وسعد بجانبها وأحس بفضل دعواتها في حياته ومخرجه من ضوائقه فإنه لن ينس نظراتها، ولن ينس فرحها بسعادته ولا حزنها بتعبه.
لن ينسى دخولها وخروجها وقيامها وجلوسها وصلاتها ودعاءها.
لن ينسى مواقفها وتعبها وهي تتابع الجميع أين ذهبوا؟ لماذا تأخروا؟
نعم، هي الأم والمربية والمعلمة والطبيبة والأنيسة والجليسة مأوى الأسرة ومهجع وملفى الجميع.
مع هذا كله ففي الله ورحمته وسعة فضله وجوده عزاء للجميع. إن ما عند الله لوالدتنا الغالية من الرحمة بل الرحمات، وعظيم الفضل من الخيرات والمسرات في حياتها البرزخية ثم الأخروية من الكرامة، وما أعده الله لها من النزل العظيم إذ قد توفيت على التوحيد والعمل الصالح والصبر على البلاء محتسبة صابرة راضية بما أصابها - فاختارها أرحم الراحمين غير مبدلة في الدين ولا محرفة ولا مفتونة - فتلك كرامتها وأمنيتها ودعواتها التي طالما سألتها الله أن تموت عليها وهي الثبات حتى لقاء الله.
مع كثرة طلبها وإلحاحها على الرحيم الكريم القبول لأعمالها واخلاصها فيها. فبشراها أن الله بشرها وهو خير المبشرين (فبشر عباد الذين يستمعون القول..).
وبشراها قول الله {بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ}..
وبشراها.. أنها قدِمَتْ على من هو أرحمُ وأرأفُ وأكرمُ بها منا، فيالها من البشرى.
لذلك عزَّ علينا فراقُها بإحسانها لنا ورحمتها بنا حتى وهي في أشد حالات ضعفها ومرضها رحمها الله.
ومن عظيم البر والإحسان : الدعاء لها والصدقة عنها وذكر ونشر مآثرها وما علمناه وتعلمناه عنها من الخير.
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
أسأل الله أن يجمعنا بها في الفردوس الأعلى من الجنة.
{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}.
** **
- محمد بن عبدالله أبابطين