«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكّد المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي الدكتور فهد بن محمد التركي، أن الدول العربية تواجه تحديات اقتصادية تستلزم بذل المزيد من الجهود والتحرك نحو تبني سياسات تساعد في دعم متطلبات تحقيق نمو الاستقرار الاقتصادي وبلوغ مستويات مقبولة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحقق طموحات شعوب المنطقة.
وقال الدكتور التركي في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات الدورة الاعتيادية الثامنة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، في القاهرة أمس، إن من أبرز هذه التحديات ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية، حيث بلغت 10.9 % نهاية العام الماضي؛ وهو ما يمثل ضعف المعدل العالمي وفقًا لبيانات البنك الدولي.
وبين الدكتور التركي، أن تزايد معدلات المديونية من أبرز التحديات التي تواجه اقتصاديات الدول العربية، وذلك في ظل تطورات الدولية الراهنة، الأمر الذي يبرز أهمية احتواء مسارات الدين وتعزيز تحركه في مستويات قابلة للاستدامة.
وأوضح أنه من المتوقع، وفقًا لتقديرات صندوق النقد العربي، أن يتحسن معدل نمو الاقتصادات العربية في هذا العام ليسجل 2.8 % وأن يرتفع ليصل إلى 4.5 % في العام القادم، وذلك مقارنة 0.3 العام الماضي، وفيما يخص التضخم في الدول العربية، فمن المتوقع أيضًا أن يشهد تراجعًا خلال العامين القادمين وأن يبلغ معدل التضخم نحو 11 % خلال العام الحالي ونحو 7.8 % في العام القادم، وذلك مقارنة ب 13.2 % العام الماضي، وذلك باستبعاد الدول العربية التي تواجه معدلات تضخم غير مسبوقة نتيجة ظروف داخلية غير مواتية.
وأشاد الدكتور التركي بجهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في احتواء الضغوط التضخمية وضبط أوضاع القطاع المالي والمصرفي وتعزيز سلامته واستقراره حيث كشف مؤشرات السلامة المالية للدول العربية أن متوسط نسبة كفاية رأس المال بلغت 17.4 % مع نهاية العام الماضي وهو أعلى بصورة ملموسة من متطلبات بازل 3 ، فيما وصلت نسبة الأصول السائلة إلى إجمالي الأصول لهذا القطـــاع نحو 34 % في نهاية الفترة نفسها، كما أن نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير الملتزمة من المصارف العربية بلغت أكثر من 90 % نهاية العام الماضي.
وأضاف إن التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي تمثل فرصًا كبيرة للدول العربية، إلا أن الاستفادة من هذه الفرص يتطلب أنظمة وقوانين فعالة وإدارة مناسبة للمخاطر المرتبطة بهذه التطورات، مشددًا على أن هناك ضرورة ملحة لتعزيز قدرة الاقتصاديات العربية على تعزيز مرونتها الاقتصادية لمواجهة أي صدمات محتملة.
وأشار الدكتور التركي إلى أن «صندوق النقد العربي شهد منذ انطلاق هذا العام عملًا دؤوبًا لتطوير الإستراتيجية القادمة 2025 ـ 2030 والتي تتقاطع مع اليوبيل الذهبي لتأسيس الصندوق، وقد شمل العمل تقييمًا عميقًا لأداء الصندوق خلال 4 عقود الماضية واستطلاع آراء الدول الأعضاء حول الجوانب التي يجب وضعها كأولويات لعمل الصندوق القادم، وأيضًا تحليلًا معمقًا لحاجات التمويل للدول الأعضاء في آفاق 2040 ، إضافة لدراسة معايير أداء وإدارة الترتيبات المالية الإقليمية والمؤسسات المالية الدولية الشبيه، وفي ضوء ذلك قدم الصندوق التوجهات الإستراتيجية الجديدة لمجلس المحافظين في اجتماعه الأخير في القاهرة الذي عقد مايو الماضي ، الذي قام باعتمادها وتشكيل لجنة مصغرة من 7 من المحافظين لدراسة تعزيز موارد الصندوق وتحديث اتفاقية التأسيس».
وكشف المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي عن أن اللجنة أنهت أعمالها ورفعت تقريرها وتوصياتها للدول الأعضاء، حيث لاقت دعمًا وترحيبًا كبيرين من جميع دول الأعضاء، مشيرًا إلى أن الصندوق قطع شوطًا كبيرًا في ترجمة هذه التوجهات الإستراتيجية إلى إستراتيجية شاملة ومتكاملة تشمل أهدافًا تلبي تطلعات دول الأعضاء وتضم مبادرات ومعايير أداء محددة في إطار رؤية الصندوق أن يكون ركيزة أساسية لمنطقة عربية متينة بصفته رائدًا في الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام.
وقال الدكتور التركي «إنه في إطار تعزيز موارد الصندوق والتوظيف الأمثل لموارده الحالية تم بموافقة مجلس المديرين التنفيذيين رفع الموارد المتاحة للإقراض بمبلغ 910 ملايين دولار أمريكي في يوليو الماضي».
وحول منصة «بنى»، قال رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي إن العام الجاري شهد نموًا كبيرًا في حجم أعمالها، حيث إنه من المتوقع أن يصل عدد المعاملات هذا العام إلى نحو 120 ألف معاملة، وهو ما يمثل نحو 4 أضعاف ما تم تحقيقه العام الماضي، إضافة إلى ذلك تم بذل المزيد من الجهود لخفض التكاليف بناء على توجيه مجلس المحافظين، ونتيجة لهذه الجهود المجتمعة لزيادة حجم الأعمال وتقليل التكاليف، فإن المنصة مازالت على المسار الصحيح وفقًا للسيناريو الأساسي الذي تم وضعه من قبل الشركة الاستشارية «بي دبليو سي» في الاجتماع الأخير لمجلس محافظي صندوق النقد العربي الذي عقد في القاهرة خلال شهر مايو من هذا العام.
وأضاف: «أن هذا المسار سيؤدي إلى تحقيق نقطة التعادل المالي» broken even» «خلال عام 2028 ، وبالنظر إلى المستقبل فإن الإستراتيجية الخاصة بالمنصة تعتمد على الاستمرار في الحرص على تقليل التكاليف مع ضمان استمرار نمو حجم الأعمال، وفي هذا السياق تعول المنصة بشكل كبير على المبادرات المتعلقة بالربط بين أنظمة المدفوعات المختلفة لتحقيق المزيد من النمو».