لا نقول إلا كما قال حبيبنا المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم عندما توفي ابنه
إبراهيم: «إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا خالد لمحزونون».. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
فالحمد لله على قضائه وقدره.. نعم فهو رفيق درب يصغرني بسنة واحدة، ومن باب الدعابة كان دائماً يكرر ويقول ليست سنة بل 11 شهرا.
فقد كان نعم الأخ والصديق والمستشار الناصح الأمين، وأنا هنا لن أعدد مناقبه وصفاته الحميدة، فالبعيد قبل القريب يشهد له بذلك.
كنت أقول لبعض الأخوة والأقرباء والأبناء أنا أجزم بأن كل شخص من أسرتنا لو طلبت منه ذكر موقف واحد مع أخي خالد لذكره فرد عليّ الكثير منهم ليس موقفاً واحداً بل اثنان وثلاثة وأربع، بل وأكثر.
وبحكم عمله في مستشفى الحرس الوطني كاستشاري جراحة منذ تخرجه عام 1408هـ من كلية الطب في جامعة الملك سعود وهو يعمل في هذا الصرح، كان مستشارا للكثير من أفراد الأسرة، رجال ونساء وشباب في جميع ما يشكل عليهم من أمور صحية ويطلبون منه النصيحة والتوجيه في هذا الجانب، سواء كان في نفس المستشفى أو غيره من المستشفيات.. وكان لهم نعم الناصح الأمين.
ورغم أن الكثير لم يكن يعلم بمرضه فكانوا يتصلون عليه و يستشيرونه وكان يقدم لهم النصيحة والرأي السديد في الجانب الصحي.. والأعجب رغم ما كان يعانيه أثناء مرضه ذكر لي الكثير منهم أنه كان يتابع معهم ويطلب منهم تزويده بكل ما يستجد، وسأذكر هنا أحد هذه المواقف.
ذكر لي الأخ عبد الله ابن الخال فهد التويجري، أنه اتصل على أخي الدكتور خالد يستشيره في أمر بعد عارض صحي حصل له وأن المكالمة استمرت 45 دقيقة يناقش معه الخطة العلاجية التي يحتاجها عبدالله.. فيشجعه ويطمئنه رغم كل ما كان يعانيه من آلام وأوجاع.. واستمر يتابع ويتصل ويطمن ويطمئن عن حالته.
كان يقدمها بكل أريحية وبدون ملل أو كلل فيتابع حالاتهم بالاتصال عليهم مراراً وتكرارا، بل أننا أحياناً عندما نعلم بحالة أحد الأقرباء المرضية ونتصل به، نجد أنه على علم بالموضوع وأنه على اتصال دائم بهذا القريب ومتابع ومهتم بحالته.. وهناك الكثير من القصص التي ذكرت لنا ولكن المجال لا يتسع لذكرها جعلها الله في ميزان حسناته. فلله دره رحمه الله.
رغم المصاب الجلل والحزن الكبير الذي خيم علينا إلا أن مثل هذه الأحداث والقصص التي لم نكن نعلم عن الكثير منها بسبب أنه لا يتحدث عنها أبداً، ولكن تحدث بها أصحابها وأخبرونا بها، فمثل هذه القصص تثلج الصدر وتروح عن النفس حزنها وآلامها. فالذكر للإنسان عمر ثاني.
ومن بعض المواقف التي ذكرها لنا أخونا فهد بن أحمد الصالح وهو بالمناسبة عم زوجة أخي خالد رحمه الله.. حيث قال إن الدكتور خالد في أي مجلس يحضره يرفض الحديث عن أي شخص غير موجود بحديث سيئ وانه يقاطع المتحدث ويطلب منه التوقف ما دام الشخص غير موجود وأن سكوتنا يعني قبولنا واشتراكنا بالإثم، وأنه قد يضطر لمغادرة المجلس إذا لم يستطع منع المتحدث.
وكما جاء في الحديث الذي صححه الألباني (من ذب عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة). جزاه الله خيرا وجعلها الله في ميزان حسناته.
وقد كان حريصا على حضور المناسبات العائلية والاجتماعية والمشاركة سواء في الأفراح والأحزان تأسيا بالوالد رحمه الله.
هذه إشارات بسيطة لسيرته العطرة رحمه الله ولو أردت الاستطراد وذكر الكثير من القصص لاحتجت إلى الكثير من الصفحات.. ولكن كما يقال حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.. فالناس شهداء الله في أرضه.
أسأل الله العظيم أن يغفر له ويرحمه ويجعل ما أصابه رفعة في درجاته، ويجبر مصابنا فيه ويخلفه في عقبه، ونعزي الجميع في وفاته وخاصة زوجته أم محمد وابنه محمد وبناته سارة وعبير ونوف كما أعزي نفسي وإخوتي وأختي وأبناءنا وبناتنا جميعاً وخالاتي وخوالي وأبناءهم والعزاء الخالص أقدمه لوالدنا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ محمد بن أحمد الصالح والد زوجة أخي، والذي سطر مرثية في الفقيد لامست شغاف قلوبنا وكانت كالبلسم الشافي لجراحنا، وتحدث وأسهب عن كل ما يجول بخواطرنا فله منا الحب والتقدير والدعاء بأن يطيل في عمره ويمتعه بالصحة والعافية.
كما نعزي جميع أسرة التويجري في وفاته وجميع أحبابه وأصدقائه، وقد توفي يوم الخميس 23-3-1446هـ ووري جسده في مقبرة النسيم بالرياض.
رحمه الله واسكنه فسيح جناته..
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
** **
- جمال بن عبدالمحسن التويجري