|
الفهد وزيراً للداخلية - عصر من الأمن والاستقرار
وزارة الداخلية من الفهد إلى نايف
قصة الأمن في هذا البلد تصديق لدعوة إبراهيم عليه السلام {رب اجعل هذا البلد آمناً}
|
في اطار استراتيجية النهضة الشاملة التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز خلال 20 عاماً من عصره الزاهر كان «الامن» هاجسه الاساسي وكان يؤكد دائماً على ان استتباب الامن الداخلي اساس الانطلاق والنهوض في اي وطن نحو البناء والتطور على كافة المستويات.
فاذا لم يأمن الناس على تنظيم حياتهم وعلى انفسهم واملاكهم وارزاقهم لا يستطيعون الانطلاق للعمل ولا يستطيعون البناء.
ولهذا فان اي خلل في البنية الامنية كما يؤكد خادم الحرمين الشريفين في كثير من احاديثه يؤدي إلى تعطيل او تأخير مسيرة التنمية التي تقوم على سواعد ابناء الوطن.
ومن هذا المنطلق كانت وزارة الداخلية تقوم بتنفيذ احكام شرع الله فوراً على المخالفين والمعتدين، وتعمل اجهزتها الامنية ليل نهار على حماية الناس والممتلكات وتوفير اجواء الامن والاستقرار التي تزيد الانتاج وتوفر الرخاء، وقد انعكس هذا المناخ الامني المستقر على نتاج خطط التنمية التي نفذت في هذا العصر الزاهر لخادم الحرمين الشريفين.
عصر جديد
والحقيقة ان هاجس الامن والاستقرار كان يشغل بال خادم الحرمين الشريفين منذ فترة باكرة في حياته، فلم يكن من قبيل المصادفة ان يتولى وزارة الداخلية سنة 1382ه الموافق 1962م بعد وزارة المعارف «13731380ه» التي تولاها لمدة سبع سنوات كان المراد ان تنعكس تجربته في تطوير التعليم على وزارة الداخلية التي كانت آنذاك بأمس الحاجة لبصمات الفهد في تدريب وتأهيل رجال وزارة الداخلية علمياً وادارياً لقد وضع الفهد في وزارة المعارف الاسس والنظم التي تقود إلى تطوير مناهج التعليم المستمرة من الشريعة الاسلامية ومواكبة علوم العصر.
وهكذا بدأت وزارة الداخلية عصرا جديدا في تاريخها يوم اصدر جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز الامر الملكي رقم 21 بتاريخ 3/6/1382ه الموافق 31/10/1962م بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز وزيراً للداخلية وامضى خادم الحرمين الشريفين في هذه الوزارة ثلاثة عشر عاما يقود ليل نهار عملية التطوير والتنظيم والتعليم وادخال الخدمات وتوسعة نطاقها، وحقق هذا الجهد والاخلاص والمتابعة مجموعة من الانجازات بدأت تتوإلى بعد توليه وزارة الداخلية مباشرة.
فبعد عام من تولي صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبدالعزيز «خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله» مسؤولية وزارة الداخلية بموجب الامر الملكي رقم 21 الصادر في 3 جمادى الآخرة 1382ه، جاء صدور نظام المقاطعات في 21 جمادى الاولى 1383ه، تأكيداً للاخذ بالاساليب الادارية الحديثة، وتتويجاً لمراحل تطور الادارة المحلية في المملكة العربية السعودية، وربط هذا النظام امراء المناطق بوزير الداخلية، ومثل هذا النظام تطويراً لنظام الامراء والمجالس الادارية الذي صدر في عام 1359ه.
واوضح نظام قوات الامن الداخلي الذي صدر بموجب المرسوم الملكي رقم 30 وتاريخ 4 ذي الحجة 1384ه ان وزارة الداخلية مرجع القوات التي تعمل على المحافظة على النظام وصيانة الامن العام الداخلي في البحر والبر، كما جاء في مادته الثانية.
وتأكد بذلك الدور الذي تقوم به وزارة الداخلية في تطوير الادارة وترسيخ الامن في البلاد، اذ تم ربط امراء المناطق الكبرى بوزير الداخلية مباشرة، بينما ارتبطت المناطق الاخرى والقطاعات العسكرية بوكيل الوزارة، اما الشؤون البلدية فأصبحت تابعة لوكيل الوزارة لشؤون البلديات.
وادى تزايد الاعباء الادارية التي تتولاها الوزارة إلى ضرورة تعيين نائب لوزير الداخلية، فكان ان عين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز في هذا المنصب في 29 ربيع الاول 1390ه، إلى ان عين وزيراً للدولة للشؤون الداخلية وعضواً بمجلس الوزراء اعتباراً من 17 ربيع الاول 1395ه، ثم وزيراً للداخلية ابتداءً من 8 شوال 1395ه، ويعاونه صاحب السمو الملكي الأمير احمد بن عبدالعزيز نائباً لوزير الداخلية ابتداءً من 13 ذي الحجة 1395ه.
واقتضت الخطوات التطويرية لمستوى الاداء الاداري في الوزارة النظر في هيكلها الاداري والعمل على اعادة تنظيمه وفق ما يحقق غاياتها، فصدر الامر الملكي رقم 2477/3 في 3 صفر 1393ه بناء على قرار لجنة الاصلاح الاداري رقم 40 الصادر في 23 ذي الحجة 1392ه، قاضياً باعادة تنظيم الوزارة، فتم بموجبه فصل موازنات المناطق التي تأهلت ادارياً وهي: الرياض، ومكة المكرمة، والمنطقة الشرقية، والمدينة المنورة، والقصيم وتبوك، وحائل، والحدود الشمالية، وعسير، واعطيت لامرائها صلاحيات مالية وادارية، مع ربطهم بوزير الداخلية مباشرة، وبذلك اعطيت صلاحيات واسعة لفروع تلك الامارات التي اكتمل تشكيلها وتنظيمها الاداري.
وارتبطت الامارات الاخرى التي لم يكن قد اكتمل تشكيلها الاداري والقطاعات العسكرية مالياً وادارياً بوكيل وزارة الداخلية، وتلك الامارات هي: الجوف، والقريات، وبيشة، وينبع، ورنية، وعفيف، والخاصرة، وجازان، ونجران، والباحة.
الامن العلمي
ثم بدأت قيادة فهد بن عبدالعزيز لمسيرة التعليم في وزارة الداخلية، انطلاقاً من مبدأ الصلة الحميمة بين التعليم والامن فانشأ لوزارة الداخلية عدداً كبيراً من المعاهد العلمية في مختلف التخصصات ذات الصلة بالعمل الامني كان في مقدمتها واهمها كلية قوى الامن الداخلي التي حملت اسمه فيما بعد واصبحت كلية الملك فهد الامنية لتأهيل الشباب السعودي على المستوى الجامعي في العلوم النظرية والتطبيقية والعسكرية ويمكن حصر اهم المعاهد التي انشأها في عهده على النحو التالي:
كلية قوى الامن الداخلي.
معهد ضباط الصف والجنود.
معهد المرور.
معهد قيادة السيارات والميكانيكا.
معهد اللغات.
معهد التربية البدنية
ميدان الرماية الدولي.
مدينة التدريب.
ومعاهد اخرى متخصصة تلبي التوسع في احتياجات وزارة الداخلية مع تطوير الوكالات والاسلحة التابعة لها لتكون جميعاً دعامة للامن والاستقرار اللذين يعتبران مظهرين من ابرز مظاهر الحياة في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها حتى الآن.
وخلال تولي الفهد وزارة الداخلية انضمت إلى الوزارة مسئوليات:
الامن العام.
خفر السواحل.
الدفاع المدني.
الشئون الجنائية.
الشئون البلدية «اصبحت فيما بعد وزارة مستقلة».
امارات المناطق وما يتفرع عنها من تنظيمات ومؤسسات.
وقد استطاعت كلية الملك فهد الامنية وبقية المعاهد ان تستقطب الشباب السعودي من كل مكان وان ترفد وحدات الامن في مختلف قطاعات الدولة بالكفاءات المؤهلة، فخريجوها يعملون في الشرطة والدفاع المدني والحدود والامن الداخلي والجوازات وما إلى ذلك. وبالفعل فقد كانت جهوده في وزارة الداخلية تمثل نقطة الارتكاز التي قام عليها النظام الشامل لقوى الامن في البلاد على اختلاف مهماتها ووظائفها.
لم تكن المهمة التي اوكلت لفهد بن عبدالعزيز بسهلة او يسيرة، فوزارة الداخلية من اقدم وزارات الدولة، فهي الوزارة الثنائية التي انشئت عند التأسيس بعد وزارة الخارجية، وهي اهم وزارة على الاطلاق بالذات في المرحلة الاولى من تاريخ المملكة التي كانت تعمل على توطيد الامن والاستقرار.
فالبلاد بحجم قارة، ووسائل المواصلات في بعض انحائها تبدو صعبة ان لم تكن مستحيلة، ففي بعض الاصقاع جبال وشعاب وفي بعضها فلوات ورمال لافحة، وخلافات سائدة، ولذلك كان لابد من حشد كل الطاقات والامكانات البشرية والمادية للحفاظ على وحدة البلاد، وحماية انجازاتها وقواعدها السياسية والدينية والوطنية التي ارساها الملك عبدالعزيز بعد ان كافح طويلاً ومريراً، كما كان من المهمات الاساسية لوزير الداخلية آنذاك الحفاظ على طرق ضيوف الرحمن آمنة، وكذلك اموالهم وممتلكاتهم بعد ان يصلوا إلى المدينة المقدسة. وكان الأمير فهد يعلم ان استقرار المملكة استقرار لبقية الدول الاسلامية، ومن ثم فقد بدأ همته بعزم وثبات معتمداً على الله ثم على دعم الدولة وقادتها ومسؤوليها لبناء قاعدة امنية صلبة قادرة على حماية مكتسبات الدولة وحماية حدودها، والحفاظ على سلامة مواطنيها وقاطنيها، وقادرة على ضبط السلوك العام، وحسم المنازعات والفوضى بشكل سريع وحاسم، فسيادة الامن ذات ابعاد نفسية واجتماعية وسياسية عميقة المدلول بالنسبة للامم المتطلعة إلى النمو والنهضة، فالاستثمارات الخاصة بالشركات والمؤسسات والمنظمات الدولية تزهد في المغامرة داخل الدول غير المستقرة، ولن تجازف باموالها ومعداتها في بلاد يغيب الامن فيها، وعلاوة على كل ذلك فقد عول الملك فهد على تكريس جهود قوات الامن والشرطة من اجل دعم ومساندة النظام القضائي، هذا النظام العادل الذي اصبح من سمات دولة الشرع والعدل والاتزان، وجعلت منه الصرامة في تطبيق شرع الله ميزاناً حقيقياً للعدل بين الناس، حتى ان الحاكم نفسه ما كان من الممكن ان يتدخل اذا تعلق الامر بحق من حقوق الله. ونتج عن هذا التطبيق الصارم للقوانين الشرعية اختفاء جرائم اللصوصية وقطع الطرق والسلب والنهب وجرائم الحق العام والفساد سواء على مستوى الجماعات او الافراد ومهمة الامن العام والامن الوطني عمل لها الملك فهد بقوة وتعميم وارسى دعائمها وزيراً ودعمها وليا للعهد ثم جعلها معجزة لهذه الامة بين الامم الاخرى بعد ان اصبح عاهلاً للمملكة العربية السعودية.
الأمن الصحي
واكمالاً لرسالته نحو وزارة الداخلية في الفترة التي امضاها الفهد وزيراً لها، اهتم بالرعاية الصحية لمنسوبي الوزارة وعائلاتهم، وحرص على توفير هذه الخدمة لهم من الوزارة مباشرة، فانشأ مستوصفاً صحياً سنة 1388ه بامكانات متواضعة ورعاه وعمل على تطويره من خلال انشاء ادارة للخدمات الصحية بوزارة الداخلية، واستطاعت هذه الادارة الصغيرة ان تصبح بدعمه وتأييده ادارة مستقلة لها ميزانية مستقلة تصرف على الخدمات الصحية لمنسوبي الوزارة، وظل الفهد طوال السنوات يرعى المستوصف الصغير ويتعهده بالاطباء وبجهاز التمريض وبالتوسعة تلو التوسعة حتى اصبح اليوم مستشفى قوى الامن التابع لوزارة الداخلية واحداً من اكبر الصروح الطبية والتعليمية التي تفاخر بها المملكة اليوم.
واصبحت الادارة العامة للخدمات الطبية بوزارة الداخلية تدير عدداً كبيراً من المراكز الصحية في المناطق والقطاعات والسجون وتشارك بمراكزها الصحية الثابتة ومستشفياتها المتنقلة في خدمة حجاج بيت الله الحرام من منسوبي الوزارة والمواطنين وعامة المسلمين في كل المشاعر المقدسة.
وذلك انطلاقاً من فكر الفهد الذي يرى ان الاهتمام بصحة رجل الامن يجب ان لا تقل عن الاهتمام بتعليمه، فالعلم والصحة توأمان لا يمكن فصلهما. ومن هنا كانت وزارة الداخلية اقوى وزارة في الدولة تقوم بتقديم خدمات الرعاية الصحية لمنسوبيها منذ ذلك العهد، وذلك من خلال اعداد الخطط وتنفيذ البرامج والاجراءات الكفيلة بتقديم خدمات الرعاية الصحية الاولية، والخدمات العلاجية للعاملين في وزارة الداخلية وقطاعاتها والعمل على توفير الاحتياجات الطبية من قوى عاملة وادوية واجهزة وعلاج باحدث الاجهزة حتى اصبح معترفا به عالميا كواحد من مراكز التدريب الطبي.
التنظيم الاداري
وقد حرص خادم الحرمين الشريفين بعد مبايعته في اطار الاصلاحات التي بدأها، ان يربط جميع الامارات بوزارة الداخلية، فصدر التنظيم الاداري للوزارة سنة 1402ه بموجب الامر الملكي رقم 21633 الصادر في 15 رمضان 1402ه بناء على قرار لجنة الاصلاح الاداري رقم 123 في 11 رجب 1402ه، فقد تضمن ربط الامارات جميعها بوزير الداخلية مباشرة، مع منحها موازنات مالية مستقلة، كما ان مديري القطاعات الامنية سيرد تفصيلها في الفصل الثالث من هذا القسم تم ربطهم بوزير الداخلية مباشرة، وتقررت ميزانيات مالية مستقلة للقطاعات.
وتضمن نظام المناطق الصادر في عام 1412ه تعديلات قصدت إلى منح وزارة الداخلية دوراً اكبر في تحمل مسؤوليات الادارة المحلية وتنميتها، وضمان فعالية الرقابة الادارية، واصبح عدد الامارات بموجبه 13 امارة بدلاً من 14 امارة، كما تم رفع مستوى قطاع المناطق في الوزارة إلى مستوى وكالة الوزارة.
وقد انطلق صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز من هذه القاعدة الصلبة التي اسسها خادم الحرمين الشريفين عندما كان وزيراً للداخلية، خاصة وان سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز قد عمل مع اخيه نائباً لوزير الداخلية لمدة خمس سنوات وهي الفترة من 29/3/1390ه إلى 17/3/1395ه ثم حين وزيراً للداخلية في 8/10/1395ه يشده في ذلك اخوه صاحب السمو الملكي الأمير احمد بن عبدالعزيز الذي عين نائباً له في 13/12/1395ه.
وهكذا شهدت وزارة الداخلية في ظل التوجيهات السديدة لخادم الحرمين الشريفين خلال العشرين عاماً الماضية على يدي سمو وزير الداخلية وسمو نائبه حفظهما الله مزيداً من التطور في كافة القطاعات الامنية فتطورت اجهزتها وحصل رجالها على اعلى الرتب والدرجات العلمية، وتم تطور الادارات الامنية الحساسة بحيث امكنها بفضل من الله سبحانه وتعإلى احباط العديد من مؤمرات التخريب قبل وقوعها، واكتشاف اصحابها سريعاً ان كانت قد نفذت كما هو الحال في حوادث التفجيرات التخريبية التي حدثت في السنوات الاخيرة.
فكان ذلك تنفيذا للرؤية الامنية التي عبر عنها خادم الحرمين الشريفين في العديد من احاديثه إلى ابنائه وشعبه في اللقاءات العامة.
فقد تحدث الملك فهد في لقائه مع اسرة جامعة الملك عبدالعزيز عام 1404ه بعد ان تقلد مسؤوليات البلاد جميعها: لو نظرنا إلى الامن والاستقرار لوجدنا ولله الحمد ان بلدنا يتمتع بالامن والاستقرار ففي اجتماع لهيئة الامم المتحدة كان ينظر في الجريمة في جميع انحاء العالم اكد المجتمعون ان المملكة العربية السعودية هي في مقدمة الدول ان لم تكن الاولى التي تتمتع بالامن وهذا الامن لم يبن على التعسف، ولا على القوة، بل بني على اسس وقواعد ثابتة إلى ان تقوم الساعة، وهو استيعاب المواطن للعقيدة الاسلامية..اذن فان منطلقنا هو المنطلق الصحيح، وانطلاقاً من هذا الفهم الشمولي لمقتضيات الامن وقاعدته وضوابطه، وظل خادم الحرمين الشريفين يؤكد باستمرار خاصة عن زيارته لابنائه الطلاب في صروحهم العلمية ان العلم هو بحد ذاته نشر للوعي الأمني والوطني لان المخالفة والجريمة لا يرتكبها الا جاهل.
وسيظل هذا البلد آمنا ومؤمناً باذن الله، تصدق عليه دعوة إبراهيم ابو الانبياء عليه السلام «رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني ان نعبد الأصنام» إبراهيم 35 وسيظل هذا الوطن مهوى أفئدة المسلمين في كل مكان «ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون» إبراهيم 37 وصدق الله وعده.
|
|
|