|
«لا حدود للصرف على الحرمين والله الرزاق ذو القوة المتين» فهد بن عبد العزيز
20 عاماً في خدمة الحرمين الشريفين
|
( وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود، وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامرٍ يأتين من كل فجٍ عميقٍ ، ليشهدوا منافع لهم...)
( صدق الله العظيم)
الآيات 26، 27، 28 سورة الحج
توارث ملوك آل سعود خدمة هذا الدين أباً عن جد، وقام ملكهم على شهادة ان لا إله الا الله، وفي سبيل الله خاضوا جهادهم وأقاموا دولهم وماتوا دونها فإما اعلاء كلمة الله او الشهادة حتى استطاع البطل المغوار الامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ان ينتصر على أعداء التوحيد والوحدة.. توحيد العقيدة ووحدة التراب الاسلامي.
وتأسست المملكة العربية السعودية على هذا الارتباط الحميم بين الحكم والشريعة، وتشرب ابناء الملك المؤسس هذه العقيدة وعاشوا لها ومن أجلها يسيرون على خطى ابيهم في خدمة الاسلام والمسلمين، فكان من أولى اولوياتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام وتسخير كل طاقاتهم وامكاناتهم لحراسة هذا البيت العتيق والعمل على توسعته لاستيعاب اكبر عدد ممكن من ضيوف الرحمن.
انجازات متصلة
كانت آخر توسعة شهدها المسجد الحرام قبل العهد السعودي سنة 306ه الموافق سنة 918م ، لهذا كان هاجس خدمة حجاج بيت الله الحرام وتوسعة الحرمين الشريفين من أهم اولويات الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود بعد اعلانه المملكة العربية السعودية، ففي سنة 1354ه أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بإجراء ترميمات وتحسينات شاملة للمسجد الحرام بمكة المكرمة، وتوفير كافة اسباب الراحة والنظافة والصحة لحجاج بيت الله الحرام. وفي سنة 1368ه اعلن توجه الملك عبدالعزيز لتوسعة المسجد النبوي الشريف الذي بدأ يضيق بالمصلين وبدأ تنفيذ هذه التوسعة سنة 1370ه وانتقل الى رحاب الله رحمه الله سنة 1373ه قرير العين برؤية العمل الجاري في التوسعة التي انتهت سنة 1375ه حيث تمت إضافة مساحة قدرها «12271م2» للمسجد حيث أصبحت مساحة المسجد النبوي بعد هذه التوسعة «16500م2».
وبعد ان اتم جلالة الملك سعود رحمه الله توسعة الملك المؤسس أمر بإجراء توسعة شاملة للمسجد الحرام نفذت على ثلاث مراحل خلال الاعوام 1375/1379/1381ه واضيفت مساحة تزيد عن 151 ألف متر حيث أصبحت مساحة الحرم المكي الشريف بعد هذه التوسعة 193 ألف متر مربع. وسار الملكان فيصل وخالد على النهج نفسه في إحداث توسعات جديدة للحرمين الشريفين في عهديهما الميمونين بما يخدم راحة حجاج البيت ولكن اكبر توسعة على الاطلاق تمت في تاريخ الحرمين الشريفين روعي فيها توفير كافة سبل الراحة لحجاج بيت الله، كما روعي فيها جمال المعمار الاسلامي بأيد فنية ماهرة تمت في عهد من آثر ان يتشرف بحمل لقب «خادم الحرمين الشريفين» الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله .
توسعة الحرم الشريف بمكة المكرمة
في الثاني من شهر صفر عام 1409 هجرية قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود بوضع حجر الأساس لتوسعة المسجد الحرام وتتضمن التوسعة إضافة جزء جديد على مبنى باب العمرة وباب الملك عبدالعزيز، وتبلغ مساحة أدوار مبنى التوسعة «57000 متر مربع» موزعة على الدور الأرضي والدور الأول «القبو» وهناك أيضاً 190000 مصل إضافي، واشتمل المشروع على تجهيز المساحات الخارجية ومنها الساحة المتبقية من جهة السوق الصغير، والساحة الواقعة شرقي المسعى بمساحة إجمالية تبلغ 59000 متر مربع تكفي لاستيعاب 130000 مصل، وبذلك تصبح مساحة المسجد الحرام شاملة مبنى المسجد بعد التوسعة الحالية والأسطح وكامل الساحات 3280000 متر مربع تتسع لزهاء 730000 مصل.
ضم مبنى التوسعة مدخلاً رئيسياً جديداً وثمانية عشر مدخلاً عادياً بالإضافة إلى مداخل المسجد الحرام الحالية البالغ عددها ثلاثة مداخل رئيسية وسبعة وعشرين مدخلاً عادياً، وقد روعي في التصميم إنشاء مدخلين جديدين ل«القبو» إضافة إلى المداخل الأربعة الحالية، ويشتمل مبنى التوسعة مئذنتين جديدتين بارتفاع تسعة وثمانين متراً تتشابهان في تصميمهما المعماري وفي المواد المستخدمة مع المآذن السبع القائمة، ولتسهيل وصول أفواج المصلين إلى سطح التوسعة في المواسم تم إضافة مبنيين للسلالم المتحركة أحدهما في شمال مبنى التوسعة والآخر في جنوبه مساحة كل منهما 375 متراً مربعا، وبذلك أصبح إجمالي عدد مباني السلالم المتحركة سبعة تنتشر حول محيط الحرم والتوسعة لخدمة رواد الدور الأول، ويبلغ ارتفاع الواجهات الخارجية للتوسعة عشرين متراً وستة وتسعين سنتمتراً وجميعها محلاة بالزخارف الإسلامية ومكسوة بتداخلات من الرخام والحجر الصناعي، ويشتمل الحرم الآن على ثلاثة طوابق «القبو» وارتفاعه أربعة أمتار والطابقين الأرضي والأول، ويبلغ ارتفاع كل منهما عشرة أمتار وقد تم تبليط سطح التوسعة بالرخام حتى يتسنى للمصلين استخدامه وثمة ثلاث قباب للتوسعة تقع جميعها في النصف تقريباً بموازاة المدخل الرئيسي، ارتفاع كل منها ثلاثةعشر متراً وتحتوي على فتحتين بكامل محيطها وشكلها الخارجي مماثل للقباب الموجودة على سطح الحرم الحالي، تقدر كمية الأعمال الإنشائية لهذه التوسعة بحوالي 570.111 متراً مكعباً من الخرسانة و 700.12 طن من حديد التسليح وبالنسبة للكهرباء، فقد أقيمت محطتا تحويل على جانبي التوسعة، تحتوي كل منهما على ثلاثة محولات، أما تجهيزات الإنارة في التوسعة فهي مستقلة، حيث زودت بثريات تتناسب مع شكلها المعماري، وهي توفر مستوى إضاءة أعلى من المستوى السابق، وتم تنفيذ شبكة إذاعية داخلية تتناسب مع مساحة التوسعة تم دمجها مع الشبكة القديمة، وقد أعيد تصميم وتوزيع الخدمات ضمن المناطق الفاصلة بين المسجد الحالي ومبنى التوسعة بما يسمح بأداء أفضل بما في ذلك تصريف مياه الأمطار، وتوفير مصادر لشرب ماء زمزم، وشبكات لإطفاء الحرائق ومخارج لمياه التنظيف، وجاء مشروع تحويل انفاق السيارات والمشاة، وتهيئة المساحات المحيطة بالمسعى للصلاة متمما لهذه المشروعات، ولتهيئة الساحات المحيطة بالمسعى للصلاة فقد قضت توسعة الحرم شرق أوسط المسعى بإلغاء دورات المياه الموجودة تحت الأرض، وإزالة الكباري الحديدية، وتمهيد المنطقة بمساحة كلية بلغت 41000 متر مربع، ضمنها مساحة تبلغ 31500 متر مربع ساحات مبلطة بالرخام الأبيض ومحاطة بأسوار برونزية، مجهزة للصلاة، كما تم إنشاء مبنى لدورات المياه الجديدة شمال ساحات المسعى، من دورتين بمساحة إجمالية بلغت 14000 دورة مياه و «1091» نقطة وضوءو«162» نافورة لمياه الشرب مع ممرات تسهل انتقال المواطنين من الغشاشبة إلى ساحات الصلاة الجديدة دون تعارض مع حركة المرور كما روعي تأمين دورات مياه خاصة للنساء بمداخل منفصلة.
توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف
التوسعة الأولى للمسجد النبوي الشريف وعمارته: منذ عمارة السلطان عبدالمجيد الثاني في عام 1277ه / 1861م لم يشهد المسجد النبوي الشريف أية توسعات وأصبح ضيقاً بالنسبة للمصلين والزائرين، كما أن بعض الأعمدة والجدران اعتراها التصدع والخراب، ومع تولي جلالة الملك عبدالعزيز «رحمه الله» مقاليد الحكم في البلاد وتوحيده للمملكة، كان من أولى اهتماماته خدمة الحرمين الشريفين وتفوير سبل الراحة للحجاج وزائري مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فأصدر جلالته أوامر بإجراء التوسعات اللازمة في المسجد النبوي الشريف، وفي شهر شوال عام 1370ه/1951م بدأت أعمال التوسعة وانتهت في عام 1375ه/ 1955م، وقد حافظت التوسعة السعودية على عمارة السلطان عبدالمجيد العثماني التي تحتل حالياً القسم القبلي للمسجد النبوي، بينما تحتل العمارة السعودية القسم الشمالي منه. وتبلغ التوسعة السعودية 6224 متراً مسطحاً، فأصبحت مساحة المسجد بعد التوسعة الأولى 16327 متراً مسطحاً، وخلال إحدى الزيارات الملكية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله سنوياً لمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم للوقوف شخصياً على مشاريعها وتفقد أحوال أهلها لفت نظره مدى الحاجة إلى زيادة مساحة الحرم النبوي الشريف، فأصدر تعليماته لوضع الخطط والدراسات اللازمة لتنفيذ توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف، وفي يوم الجمعة 9 صفر عام 1405ه الموافق 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1985م وضع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حجر الأساس لهذه التوسعة الكبرى وفي العام التالي بدأ العمل في التنفيذ، وهاهي المدينة المنورة يصنع تاريخها المعاصر من جديد بمشاريع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، تلك المشاريع التي استهدفت عمارة وتوسعة الحرم النبوي الشريف وإعادة تخطيط المدينة المنورة وتحسينها وتجميلها بما يليق بمكانتها في عقول المسلمين وقلوبهم، تضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لعمارة وتوسعة الحرم النبوي الشريف، إضافة مبنى جديد إلى مبنى المسجد القائم، يحيط ويتصل به من الشمال والشرق، والغرب بمساحة مقدارها 82000 متر مربع تستوعب 127000 مصل، وتمت الاستفادة من سطح التوسعة للصلاة بمساحة مقدارها 67000 متر مربع تستوعب 90000 مصل، وبذلك أصبح المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة يتسع لأكثر من 258000 مصل ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165000 متر مربع وتتضمن أعمال الإنشاءات دوراً تحتياً«قبو» بمساحة الدور الأرضي للتوسعة لاستيعاب أجهزة التكييف والتهوية، وتحتوي التوسعة على سبعة مداخل رئيسة يتألف كل منها من سبع بوابات، وهناك مدخلان آخران من الناحية الجنوبية يتألف كل منهما من سبع بوابات، وهناك مدخلان آخران من الناحية الجنوبية يتألف كل منهما من بوابتين بالإضافة إلى ست بوابات جانبية، وبذلك أصبح إجمالي البوابات 59 بوابة يضاف إلى ذلك ثماني بوابات لمداخل ومخارج السلالم المتحركة التي تخدم سطح المسجد المخصص للصلاة جنباً إلى جنب مع 18 سلماً داخلياً، فضلاً عن سلالم الخدمة، وللمسجد عشر مآذن جديدة ارتفاع كل منها 99 متراً يضاف إلى ذلك الهلال ليصبح الإرتفاع الإجمالي 105 أمتار، أيضاً بزيادة 33 متراً عن ارتفاع المآذن السابقة، ويبلغ الارتفاع الداخلي للطابق الأرضي بالتوسعة 12055 متراً بينما يبلغ ارتفاع الدور السفلي «القبو» حوالي 4 أمتار، أما الأعمدة فعددها 1204 بقطر 64 سنتمتراً، والارتفاع من منسوب الطابق الأرضي وحتى نقطة بداية القوس 6.5 متر وقد زود المسجد بسبع وعشرين قبة تتوافر لها خاصية الانزلاق فوق منسوب سطح التوسعة، وصممت الزخرفة بالتوسعة بحيث تحقق الجانب الجمالي، وليتم التناسق مع نظائرها بالتوسعة الأولى ويشمل ذلك أعمال الحليات، والزخارف، والكرانيش، لتجميل الحوائط والكمرات والمآذن، وقد استحدث نظام جديد لتكييف الهواء داخل الحرم النبوي الشريف، بتبريده من خلال مواسير المياه الباردة، حيث أقيمت محطة تكييف على موقع مساحته 70000 متر مربع بعد 7 كيلومترات غرب المسجد النبوي الشريف وشمل هذا التطوير ساحات الصلاة المحيطة بالمسجد، والطرقات ومواقف السيارات تحت الأرض والمرافق التجارية والحكومية وغيرها من التسهيلات المعدة لخدمة زوار المسجد الشريف، كأماكن الوضوء، ودورات المياه وغيرها، وتبلغ مساحة الساحات المحيطة بالمسجد 235000 متر مربع مغطاة بالرخام وفق أشكال هندسية إسلامية، كما يستعمل قسم كبير منها للصلاة أيام الجمع والمواسم. أما مساحته فقد بلغت حوالي 1350000 متر مربع يمكنها استعياب 250000 مصلٍ وفي حالة استعمال كامل المساحة للصلاة فإنها تستوعب 40000 مصلٍ وبذلك تكون جملة الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به 650000 مصلٍ في الأوقات العادية أما في أيام العمرة والحج وفي شهر رمضان المبارك فإنه يمكن زيادة الطاقة الاستيعابية إلى مليون مصلٍ أو أكثر.
العمل يُصدِّق القول
وهكذا نجد ان اختيار الملك فهد بن عبدالعزيز مسمى «خادم الحرمين الشريفين» يأتي مصداقاً لكل ماقام به من توسعات وما قدمه من خدمات ورمزاً بالغ الدلالة على إلتزام القيادة السعودية بمسؤولياتها تجاه أهم مقدسات الاسلام، وعلى المكانةالتي تحظى بها المدينتان المقدستان.
ان الخطط التي نفذت في هذا العهد المبارك لتوسعة الحرمين الشريفين والمساجد التاريخية مثل مسجد قباء ومسجد القبلتين ومسجد الجمعة بالمدينة المنورة، وغيرها من المساجد يأتي تجسيداً لهذا «الاتزام» السعودي، وهو التزام ترجمته قيادة فهد بن عبدالعزيز الى واقع ملموس شهد المسلمون من مشارق الارض ومغاربها بعظمته وروعته.
انه بفضل الله وتوفيقه تحقق على يدي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز هذه المشروعات العملاقة وتضاعفت المساحات المتاحة للمصلين والزائرين، وتيسر انسياب حركة مئات الألوف من المسلمين، وتوفرت لهم خدمات وتسهيلات على ارقى المستويات تشمل النقل والرعاية الصحية والاتصالات وتكييف الهواء وترطيبه في اماكن الاختناق والازدحام والاماكن الحارة.
لقد رعى خادم الحرمين الشريفين بنفسه خطط الاعمار الكبرى وتابع كل مراحلها وأشرف على تنفيذها وعاش أوقاتاً مع العاملين فيها يتفقد ويسأل ويتأكد، وكلما تم انجاز مرحلة كان من اشد الناس سروراً بذلك، وسعادته بهذا الانجاز لم تعرف الحدود.
وقد اعلن حفظه الله «ان الصرف على الحرمين لا حدود له وان الله الرزاق ذو القوة المتين» وقد كان لحضوره المستمر وزياراته المتكررة لمكة المكرمة والمدينة المنورة تأثير كبير على سرعة الانجاز وإتقانه وإذا نظرنا إلى ذلك العمل العظيم الخاص بتوسعة الحرمين الشريفين بلغة الأرقام نجد أن تلك المشروعات الخيرية المباركة قد بلغت تكاليفها مليارات «نحو سبعين ملياراً من الريالات»، حتى أصبح الحرم المكي يتسع لنحو مليون مصلٍ وقت الذروة، وكذلك الحال بالنسبة للحرم النبوي الشريف. إن الصورة المشرقة التي يراها الحجاج اليوم في مكة المكرمة والمدينة المنورة تسر قلب كل مسلم وهي مبعث سعادة وفخر لنا جميعا، أبناء هذا البلد الطاهر ولقيادتنا المؤمنة الرشيدة التي وعدت وأوفت، وقالت ففعلت، ووضعت مقدسات الإسلام في حدقات العيون، وعملت بإخلاص ومثابرة لكي يكون «بيت الله» العتيق ومسجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالشكل الذي يتمناه كل مسلم مكانة واحتراماً وأمناً. ولقد جسد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز دور المملكة في مجال رعاية حجاج البيت الله الحرام باعتبار أن خدمة زوار بيت الله الحرام شرف وواجب لايضاهيه شرف آخر.
|
|
|