|
بمناسبة مرور 20 عاماً على عهده الميمون:
دور خادم الحرمين الشريفين في نشأة كليات المعلمين وتطورها بالمملكة
لمحة تاريخية عن تطور إعداد معلمي المرحلة الابتدائية ونشأة كليات المعلمين في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين
د. خلف بن رشيد الحربي
|
تناولت بعض المراجع العربية التي تمكن الباحث من الاطلاع عليها نشأة التعليم في المملكة العربية السعودية وتطوره بصفة عامة وإعداد المعلمين بصفة خاصة، وأجمعت تلك المراجع على أن عام 1344ه يمثل بدايات التعليم الرسمي في المملكة العربية السعودية، إذ شكل في ذلك العام أول جهاز إشرافي يشرف على التعليم، سمي (بمديرية المعارف) واستمر عمل هذا الجهاز حتى عام 1373ه، وقد كانت مؤسسات إعداد المعلمين آنذاك لا تتعدى معاهد علمية سعودية أنشئت عام 1346ه مدة الدراسة فيها أربع سنوات بعد الابتدائي، وأسست عام 1364ه مدرسة دار التوحيد بالطائف، مدة الدراسة فيها خمس سنوات بعد الابتدائي. وطورت المعاهد العلمية عام 1365ه، لتكون مدة الدراسة فيها 5 سنوات تمهد للالتحاق بالتعليم الجامعي.
وخلال الفترة الأولى من تأسيس مديرية المعارف كان هناك ما يسمى ب : (معلمو الضرورة) وهم كل من يجيد القراءة والكتابة ويحفظ ما تيسر من القرآن الكريم، حيث كان هؤلاء هم نواة المعلمين في المملكة العربية السعودية.
وفي الثامن عشر من شهر ربيع الثاني عام 1373ه صدر المرسوم الملكي بإنشاء وزارة المعارف بالقرار رقم 5/2/26 4950، وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أول وزير لها.
فأنشأت تلك الوزارة الفتية معاهد لإعداد المعلمين الابتدائية (1373 1389ه) يلتحق بها الحاصلون على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية، وأنشئت معاهد معلمين ليلية من عام 1375ه 1385ه، بهدف رفع مستوى المعلمين الذين لا يحملون مؤهلات علمية أو تربوية، وهكذا مرت معاهد المعلمين الابتدائية بمراحل للتطوير والتحسين حتى 85/1386ه، حيث وصلت تلك المعاهد إلى مستوى جيد من التطور، كما أنشئت خلال هذه الفترة مدارس لتحفيظ القرآن الكريم المتوسطة والثانوية.
وفي عام 84/1385ه أنشئ معهد لإعداد معلمي التربية الرياضية وآخر لإعداد معلمي التربية الفنية، ثم طور معهد التربية الرياضية بالرياض إلى كلية متوسطة للتربية الرياضية عام 1407ه وتم تحويلها إلى كلية معلمين للتربية البدنية والرياضة خلال العام الدراسي 19/1420ه. وصفي معهد التربية الفنية لاحقاً نظراً لوجود التخصص في الكليات المتوسطة (كليات المعلمين حالياً).
وفي عام 1395ه، وخلال خطتي التنمية الثانية والثالثة أنشئت كليات متوسطة لإعداد المعلمين، حيث صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 65، وتاريخ 10/5/1395ه بإنشائها، حيث أنشئت أول كلية متوسطة في شوال عام 1396ه بالرياض وتلاها إنشاء الكليات المتوسطة تباعاً في أنحاء المملكة التي بلغ عددها ثماني عشرة كلية، وكانت هذه الكليات تمنح درجة الدبلوم، واشتملت على التخصصات التالية: (الدراسات القرآنية الدراسات الإسلاميةاللغة العربيةالرياضيات العلوم الاجتماعياتالتربية الفنية التربية الرياضية).
وبجانب الكليات المتوسطة كانت هناك مراكز لإعداد معلمي العلوم والرياضيات في المرحلة المتوسطة والابتدائية، تمّ إنشاؤها في مطلع عام 1394ه في كل من الرياض ومكة المكرمة، ثمّ تلاهما إنشاء مركزين آخرين في كل من الطائف والدمام، وهكذا استمر العمل بالمراكز والكليات المتوسطة إلى أن اعتمد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود افتتاح كليات معلمين تمنح درجة البكالوريوس مدة الدراسة فيها أربع سنوات كحد أدنى، وذلك وفقاً للموافقة السامية رقم 6360 في 5/5/1407ه، وبدأت الوزارة بتصفية جميع مؤسسات إعداد المعلمين للمرحلة الابتدائية دون مستوى البكالوريوس، ومنذ عام 1409ه بدأ العمل ببرنامج البكالوريوس الذي ما زال يخضع لعملية التطوير التربوي المستمر ليواكب أحدث الطرق التربوية العالمية، وغير مسمى الكليات المتوسطة لإعداد المعلمين إلى كليات معلمين، وتم تطوير الإدارة العامة لكليات المعلمين بالوزارة إلى مستوى وكالة سميت «بوكالة الوزارة لكليات المعلمين» حيث صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 59 في 1/4/1418ه بتسمية الدكتور محمد بن حسن الصائغ وكيلاً لها بالمرتبة الخامسة عشرة.
الجدير بالذكر أنّ أول كلية سميت بكلية المعلمين كانت في مكة المكرمة في عهد مديرية المعارف عام1972م، إلا أنها وكما أفادت المراجع العلمية التي اطلع عليها الباحث تحوّل مسماها إلى كلية التربية في مكة المكرمة، لتشكل مع كلية الشريعة التي تم افتتاحها في مكة المكرمة عام 1369ه نواة جامعة أم القرى. (الرشيد، 1394ه، ص9، والقاضي 1401ه ص52، ومصلح، 1402ه ص ص 1154، والحقيل ، 1403ه، ص7، والسنبل، 1407ه، ص141، والتوثيق التربوي، الأعداد من 29 34، والحقيل 1414ه، ص ص 11 47، ومركز المعلومات الإحصائية بوزارة المعارف، 17/1418ه، والدليل الوثائقي الذي أصدرته كليات المعلمين، 1419ه، بتصرف).
طبيعة كليات المعلمين وتطورها:
اتضح من العرض السابق كيف نشأت كليات المعلمين، وتناول هذا المبحث طبيعتها وتطورها، فكليات المعلمين مؤسسات تربوية تنتمي إلى مؤسسات التعليم العالي في المللكة العربية السعودية مهمتها إعداد الكوادر الوطنية لممارسة مهمة التربية والتعليم في المرحلة الابتدائية للبنين، وبذلك فإن خريجيها يسهمون إسهاماً فعالاً في التنمية الشاملة التي تعتبر إعداد وتأهيل المواطن السعودي من أهم أهداف خططها الخمسية، ولم يقتصر دور كليات المعلمين على الإعداد، وإنما تعتبر هذه الكليات ورش عمل مهمتها إعادة تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية أثناء الخدمة، ففيها يكمل المعلم الحاصل على مؤهل أقل من بكالوريوس تعليمه لينال تلك الدرجة، وفيها يتم إعداد محضري مختبرات لمدارس التعليم العام، وفيها تقام دورات تربوية تجديدية لمديري المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وبرامج لإعداد المرشدين الطلابيين ورواد النشاط ومعلمي الكبار ودورات تنشيطية متنوعة للمعلمين في مختلف التخصصات، ووصل عدد كليات المعلمين إلى (17) كلية معلمين، بالإضافة إلى كلية متوسطة واحدة للتربية البدنية والرياضة، تنتشر في (17) مدينة من مدن المملكة العربية السعودية، ويدرس فيها 26903 طالب، وعدد أعضاء هيئة التدريس فيها (2050) عضو هيئة تدريس، وعدد فصولها 769 فصلاً دراسياً، وتغذي هذه الكليات ما يقارب 6267 مدرسة ابتدائية، تضم 1200598 طالباً، حسب إحصائية وزارة المعارف للعام الدراسي 21/1422ه.
وما زالت تسهم في سعودة التعليم الابتدائي وتتطلع للإسهام في سعودة التعليم المتوسط والثانوي من خلال مسارات جديدة بدأت تدخلها في برامج كليات المعلمين. وأصبح لها مجلس علمي ومجلس كليات برئاسة معالي الوزير، وأنشئت في الكليات مراكز لخدمة المجتمع وأخرى للبحوث التربوية.
وأخذت وكالة الوزارة بكليات المعلمين على عاتقها تطوير المكتبات وتزويدها بأحدث الكتب والدوريات والحاسوب. ورصدت لها الميزانية المناسبة سنوياً، كما نشطت عملية الابتعاث الداخلي والخارجي للمعيدين والمحاضرين وأولت الوكالة جل اهتمامها للنشاط الطلابي وأنشأت إدارة للإشراف عليه، وهكذا مرت مسيرة إعداد المعلمين من معلم الضرورة عام 1344ه الذي لا يجيد سوى مبادىء القراءة والكتابة وبعض المعارف الشرعية إلى كليات تربوية هي كليات المعلمين التي تمنح درجة البكالوريوس في التعليم الابتدائي، وتعتبر هذه الكليات مراكز إشعاع ثقافي وحضاري وعلمي وتربوي في مناطق ومحافظات المملكة.
وما تلك الاجراءات التطويرية لكليات المعلمين إلا استجابة لسياسة الدولة التعليمية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وإحساساً من الوزارة بضرورة رفع كفاءة ومستوى تأهيل معلم المرحلة الابتدائية، وبالتالي فاعليته وإنتاجيته ليكون في مستوى التحدي الحضاري ومتطلبات العصر المعلوماتي، الذي يعتبر التعليم أهم وسائله، وتعتبر المرحلة الابتدائية أساس انطلاقته نظراً لاعتماد المراحل الدراسية التالية لها عليها اعتباراً من المرحلة المتوسطة، فالثانوية فالجامعة حيث تُنسب للمرحلة الابتدائية وإلى معلميها مستويات النجاح والتفوق أو الضعف والرسوب والتسرب التي تحدث في المراحل التالية لها. (الدليل الوثائقي لكليات المعلمين، 1419ه، بتصرف).
أهداف كليات المعلمين:
وكانت وزارة المعارف في سعيها الدؤوب لتطوير كليات المعلمين تتطلع لتحقيق الأهداف التالية:
1إعداد معلم المرحلة الابتدائية تربوياً وأكاديمياً والمتمسك بتعاليم الإسلام والعمل بها.
2رفع مستوى التأهيل التربوي والأكاديمي للمعلمين القائمين على رأس العمل وتجديد معلوماتهم ومفاهيمهم التربوية.
3الإسهام مع الجهات المختصة بالوزارة بإجراء البحوث التربوية النظرية والتطبيقية التي تؤدي إلى تطوير المناهج والكتب المدرسية للمرحلة الابتدائية.
4المشاركة في إعداد وتطوير وتنفيذ البرامج والدورات التدريبية لمعلمي المراحل التعليمية المختلفة حسب مقتضيات التطور في مجالي التربية والتعليم.
5التعاون مع إدارات التعليم في حل المشكلات التربوية عن طريق البحث العلمي التربوي وغيره من الوسائل.
6التعاون مع المؤسسات التربوية داخل المملكة وخارجها لتطوير التعليم والاشتراك بالبحوث التربوية والعلمية وحضور المؤتمرات والحلقات لتبادل الخبرة والمعرفة.
7تنظيم برامج تأهيلية للطلاب بعد الثانوية العامة لإعداد محضري المختبرات المدرسية وأمناء المكتبات والمتخصصين في الوسائل التعليمية. (الدليل الوثائقي لكليات المعلمين، 1419ه، ص47).
* عميد كلية المعلمين بعرعر
|
|
|