|
خادم الحرمين الشريفين النبوغ المبكر .. والدور الريادي
|
يبرز الوطن شامخاً يعلو هام السحب.. وتبرز معه عطاءات كانت قناديل تضيئ معالم الطريق .. وترسم ملحمة البناء والشموخ. فمكانة الدول تقاس بما تقدمه من عطاء إنساني تحفظه الأجيال وتتناقله وتستمد منه الكثير من الأسس التي تنطلق منها وتبني عليها حضاراتها الجديدة ومعطياتها المادية والروحية، وحضارات الشعوب الغابرة لم يصل إلينا ذكرها إلا من خلال الرصيد المعرفي والفكري الذي خلدته تلك الشعوب وبنته تلك الحضارات، فلقد ارتبطت تلك الحضارات الخالدة بمسيرة إنسانية بالإنسان، فحين يكون الإنسان محور الاهتمام يكون لتلك الحضارة تميزها وديمومتها وتفردها. والمملكة بقيادة خادم الحرمين تبرز واحدة من الدول المتقدمة التي استطاعت أن تسخر كل ما من شأنه خدمة الإنسان السعودي ورقيه وتقدمه وتأهيله لمسايرة الركب الحضاري الذي يشهده عالم اليوم وسط مفاهيم جديدة وأنماط متعددة من وسائل البناء الثقافي والفكري، مع تميز المملكة في إيجاد معادلة فريدة تجمع بين الثابت المرتكز على عقيدة إسلامية صافية، وبين المتغير الذي تتطلبه المرحلة ويفرضه التنامي التقني المثير، مما جعل لها مكانتها وتجربتها الحضارية بخصوصيتها الثقافية والفكرية.
وعندما نتحدث عن الوطن الغالي تبرز قياداته محوراً للمعادلة الحضارية منذ تأسيس البناء على يد المغفور له الملك عبد العزيز ثم أبنائه من بعده ويظل العهد الزاهر لخادم الحرمين . وبعد مرور عشرين عاماً عهداً مشرقاً نهضت فيه المملكة بمشروع التأهيل الحضاري المتمثل في بناء الإنسان السعودي وتنمية قدراته كما نهضت في كل ميادين الحياة الأخرى التي نحياها الآن.
واهتمت بلادنا في عهد خادم الحرمين منذ اللحظة الأولى بتنمية الثروة البشرية إلى جانب تنمية الموارد الطبيعية، فكان بناء المصانع إلى جانب بناء المدارس وإقامة المستشفيات، يرافقه إقامة المؤسسات التعليمية والثقافية التي تسهم في تنمية وتطوير إنسان هذه البلاد فكرياً وثقافياً حتى ينهض بعملية التنمية في المجتمع السعودي.
في دوحة الوالد المؤسس
ولد خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله بمدينة الرياض في عام 1343ه الموافق 1923م ونشأ في ظل جلالة مؤسس المملكة وموحد شملها الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه، وتلقى حفظه الله العلم في طفولته في مدينة الرياض .. وفي مكة حيث درس فترة من الزمن في المعهد العلمي بمكة المكرمة ومنذ حداثته وهو شغوف بملازمة مجلس والده البطل عبد العزيز وكانت هذه المجالس والتوجيهات التي تلقاها حفظه الله في صدر شبابه ينبوعاً استسقى منه مما صقل شخصيته وأخصب تفكيره وجعله مهيئاً لتولي أكبر المناصب، فقد كان والده رحمه الله ينتدبه لبعض المهام عندما لمس فيه النضج المبكر والاستعداد الذي يؤهله لتمثيل المملكة، وكذلك كان الملك فيصل يرحمه الله يوفده ويعهد إليه بكثير من المهام الكبيرة وقد تقلد حفظه الله عدداً من المناصب الرفيعة فكان أولها تعيينه وزيراً للمعارف في عام 1373ه الموافق 1953م ثم وزيراً للداخلية في سنة 1382ه الموافق 1962م ثم نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء في عام 1387ه الموافق لعام 1967م.
دور رائد
ولخادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز دور رائد في نمو وتطوير المجتمع السعودي من خلال المناصب العديدة والمتنوعة التي تقلدها وهو يسترشد في ذلك بالأهداف والقيم الإسلامية السامية، وقد ظلت سياسته حفظه الله تتميز بخطط التنمية المتوازنة والشاملة فلم تركز على جانب وتترك جانباً آخر فتنمية الموارد صارت جنباً إلى جنب مع تنمية الإنسان السعودي فكان بناء المصانع إلى جانب بناء المدارس وإقامة المستشفيات يرافقه إقامة المؤسسات التعليمية والثقافية التي تسهم في تنمية وتطوير إنسان هذه البلاد فكرياً وثقافياً حتى ينهض بعملية التنمية في المجتمع السعودي والتي ظلت ملحمة حقيقية قد لا يصدقها إلا من عايشها وكانت مثار إعجاب العالم كافة. ونهض بتعزيز الدفاع عن المملكة وترسيخ الأمن الداخلي الشامل فيها وتحقيق معدل مرتفع للنمو الاقتصادي في المملكة عن طريق تنمية الموارد الاقتصادية، كما عمل على تخفيف اعتماد المملكة على صادراتها من البترول عن طريق التوسع في التعليم والتدريب ورفع المستوى الصحي والصناعي وزيادة الرفاهية لجميع فئات المجتمع السعودي ودعم الاستقرار الاجتماعي في المملكة العربية السعودية في مواجهة المتغيرات والتحديات الاجتماعية وغيرها.
اهتماماته بتحقيق الأهداف
كما اهتم حفظه الله ببناء التجهيزات الأساسية اللازمة لتحقيق أهداف خطط التنمية الثانية والثالثة وتشمل هذه التجهيزات مجالات النقل ووسائل المواصلات والبلديات والإسكان وتنمية المواد الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد أولاً ثم التصدير لخارجها ثانية وتنمية الموارد المائية العذبة لرفع أثر شح هذه المياه الذي يلحق بالغ الضرر بالتنمية الاقتصادية والصناعية والزراعية .. ثم جاءت خطط التنمية الرابعة والخامسة تهدف إلي تحقيق المظهر المتوازن اقتصادياً وصناعياً وزراعياً وثقافياً وفكرياً على أسس من تعاليم دين الإسلام وقيمه الروحية السامية والدخول إلي عالم التقنية الحديثة والتعامل معها بالصورة التي تضع المواطن السعودي في ميدان التحدي التقني.
وهكذا الوطن:وهكذا استطاعت المملكة بفضل الله أولاً ثم بفضل قيادتها الحكيمة أن تؤسس هذا البنيان على ثوابت الدين وهدى من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن تتبنى مشروع التأهيل الحضاري المتمثل في بناء الإنسان بالعمل والفكر والثقافة التي سارت وفقاً لتلك الخطط التنموية المتتالية، وبلغت بلادنا المباركة هذه المكانة العظيمة من الرقي والتقدم وجمعت بين الأصالة والمعاصرة فلم يمنعها تمسكها بالإسلام من الأخذ بالوسائل العصرية النافعة اللازمة لتحقيق التطور والازدهار.
صالح بن غدير التويجري
مدير فرع جمعية
الهلال الاحمر بالقصيم
|
|
|