|
مسيرة خادم الحرمين الشريفين العشرينية
(صحة المسار وصوابية المنهج)
|
(نظرية الرجل العظيم في التاريخ لم توجد من فراغ .. إنها حقيقة حية تعكس أثر القائد في حركة التاريخ ودوره في صناعة وتوجيه مجراه، والعلاقة الجدلية بين القائد والشعب، والملك فهد بن عبد العزيز آل سعود واحد من القادة الذين صنعوا التاريخ وأثروا في التاريخ العالمي).
يعيش الشعب السعودي أياماً حافلة بالبهجة والمسرة احتفاءً بمرور عشرين عاماً على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مقاليد الحكم وزمام الأمر في المملكة . وإن مشاعر الفرح التي عمت أرض الوطن والتي تعلن بكل صدق وإخلاص ولاءها ووفاءها وتأييدها المطلق لدليل ناصع على ما يكنه الشعب السعودي من المحبة لقائده العظيم الذي مضى به في دروب العزة والكرامة والرغد وتغلب على كل العقبات التي واجهته في الزمن الصعب بتوفيق من الله ثم بحكمته النيرة وبصيرته النافذة ومقدرته الفائقة على استشفاف المستقبل.
ذكي تظنيه طليعة عينه
يرى قلبه في يومه ما ترى غدا
إن الرؤية الدقيقة الشاملة والخصائص القيادية العليا التي يتحلى بها خادم الحرمين الشريفين تبدو لنا في مسيرته المجيدة التي قاد خطاها في العشرين عاماً التي مرت فإذا نحن أمام منظومة من الأعمال العظيمة والمنجزات الكبرى تتوالى على نسق يسلم بعضها إلى بعض بترتيب محكم يحركها رأي سديد وبصر نافذ وصبر ومثابرة لبلوغ الأهداف فلا ملل ولا كلل حتى يبلغ البنيان تمامه.
لقد أدرك القائد الفذ (فهد بن عبد العزيز) بنظرته الثاقبة أن التنمية البشرية لا تعلو عليها أي تنمية أخرى، وأن التنمية في مختلف مجالات الحياة (تربوياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً و... الخ) ما هي إلا وسائل لبناء الإنسان السليم والمتوازن والمتكامل، الإنسان الذي يحكم عقله في معالجة مشكلات حياته كافة، ويتسلح بالإرادة القوية والعقيدة الراسخة والعزيمة الفولاذية التي لا تلين أمام النوائب ولا تستسلم أمام المغريات .. الإنسان الحر الذي يمتلك القوة فيكون سيد نفسه وأهوائه والمنتمي إلى أمة عريقة تضرب جذورها في أعماق التاريخ فيعتز بتراثها الغني وقيمها الروحية وما أسهمت به في مسيرة الحضارة الإنسانية (إبداعاً وإنتاجاً وابتكاراً) في مختلف جوانب الحياة .ولم تك أي خطوة من الخطوات التي قطعتها مسيرة القائد التاريخي (الفهد العظيم) في هذا المجال إلا محوطة بحلمه يجنبها التخبط والضياع ويوجهها نحو الأهداف السامية والنبيلة التي رسمها منهجاً له فكانت الخطوات مدروسة بأناة بعيدة عن البديهة والارتجال:
نار الروية نار جد منضجة
وفي البديهة نار ذات تلويح
وقد يفضلها قوم لعاجلها
لكنه عاجل يمضي مع الريح
|
وإنطلاقاً من ذلك أولى خادم الحرمين الشريفين الإنسان السعودي اهتماماً بالغاً فاعتبره الطاقة والفاعل الأساس في بناء الحياة والمجتمع، واعتبره رصيداً بشرياً وثروة حقيقية بما يملك من علم وثقافة وقيم ومبادئ وأخلاق ومُثل عليا، وبما يحدثه من أثر في أسرته ومجتمعه الصغير والكبير، ووجه منذ توليه وزارة المعارف عام 1373ه إلى إحكام بناء الإنسان وهندسة عقله ونفسه وتسليحه بوسائل الدفاع المكنية التي تجعله قادراً على مواجهة الظروف الصعبة والتحديات المعاصرة وتجعله في الوقت نفسه قادراً على التفوق والإبداع والتميز.
والمتأمل في مجموعة السمات والخصائص القيادية لخادم الحرمين الشريفين في ضوء نظرية القيادة المعروفة يجد أنه يمتلك صفات القائد وصفات المفكر معاً .. يمتلك القدرة على تحقيق عملية الترابط بين صفات القائد وصفات المفكر لينتج إبداعاً منظماً ومستمراً يستجيب للوضعية القائمة ويولد قوة فاعلة مؤثرة ويمتلك القدرة على معرفة الواقع القائم وإدراكه وتحديد أسباب الضعف وعوامل القوة. وإن عنصر الإبداع عند خادم الحرمين الشريفين يرتكز على قدراته الذاتية الكبيرة وثقافته الواسعة ووعيه السياسي والاجتماعي المبكر والتزامه بقضايا أمته وإدراكه لطبيعة الظروف القائمة والقدرة على استشراف المشكلات الملحة في سياق الحالات الاجتماعية القائمة والفعل الإبداعي الذي يحمله.
وهو قائد مفكر يرتكز على قاعدة راسخة من الإدارة التي جعلت منه قائداً يمتلك القدرة على تحديد القرار الصائب والقدرة على إبداع الوسائل اللازمة لتنفيذه، والقدرة على تحديد البدائل والاحتمالات القادرة على السير بهذا القرار نحو تحقيق الأهداف المنوطة به.
إنه القائد المفكر الملتزم، وعملية الالتزام تتجسد لدى الملك فهد بن عبد العزيز في الربط والتفاعل بين قدراته الذاتية والظروف الموضوعية، وعملية الوعي والالتزام تجسدت فعلاً تغييرياً ومشاركة خلاقة ومبدعة وفق رؤية منسجمة وقدرة على إدراك الحاضر وتجاوز آنية الظواهر القائمة ومحدوديتها ورؤيتها في بعدها الحقيقي زمانياً ومكانياً يتجاوز شكلية الأمور والأحداث إلى جوهرها وكلّيتها والنفاذ إلى المعنى العام وتحديد العلاقات التي تحكم حركة المجتمع والتنبؤ بمسيرة تطورها. من خلال ما تقدم نجد أن القائد (فهد بن عبد العزيز) هو قائد يمتلك كل صفات القائد ومفكر يمتلك كل صفات المفكر .
وإن شخصية الملك فهد بن عبد العزيز (قائداً مفكراً) ترتكز على خصائص وصفات ذاتية تتجسد في قاعدة معرفية ثقافية واسعة وفعل إبداعي خلاق ووعي وإدراك شاملين وإرادة وقوة راسختين والتزام ديني ووطني واجتماعي قوي وقدرة على تحقيق عملية التفاعل بين الخصائص والصفات الذاتية السابقة والمجتمع في حركية مستمرة متطورة فاعلة مؤثرة تنتج القوة اللازمة على التغيير والتطوير.
كثيرة هي السمات الشخصية التي تميز بها فكر القائد (الفهد) خلال عشرين عاماً من توليه سدة الحكم في المملكة، وهذه السنون كانت حافلة بأحداث وتطورات ساخنة ومصيرية إلا أن القائد فهد بن عبد العزيز كان شجاعاً في عقل وعاقلاً في شجاعة فهو لا يتردد في اتخاذ قرارات جريئة عندما تتعلق الأمور بكرامة وشرف الأمة، كما لا يقدم على اتخاذ قرارات أخرى تمس كرامة المواطنين ، وإن أبرز ما يميز الممارسة السياسية للقائد (الفهد) هو العلمية التي تستند إلى ممارسة يومية واستراتيجية بعيدة المدى.
وعطفاً على ذلشك فليس غريباً أن يعيش القائد التاريخي (فهد بن عبد العزيز) في ضمير وقلب وعقل كل فرد من أبناء وطننا الشاسع (رجالاً ونساءً ، شيوخاً وأطفالاً) بجب كبير وإجماع شعبي قل نظيره .. بادل الشعب قائده حباً بحب ووفاءً بوفاء فكبر الفهد بشعبه وكبر الشعب بقائده حتى غدت المملكة العربية السعودية دولة القرار العربي والإسلامي والعالمي في معظم الأحداث.
بورك للفهد ثقة شعبه . وبورك للشعب بفهده الفذ الذي وقف نفسه لمجتمع أمته فكان الأنموذج والقدوة والمثال .. وصدق شاعرنا إذ يقول:
ما عرفناه في الرجال مثيلاً
بل عرفناه في الرجال مثالاً
|
مدير الإشراف التربوي والتدريب بإدارة التعليم بمحافظة المجمعة
|
|
|