|
التربية الخاصة في أزهى عصورها
د. ناصر بن علي الموسى
المشرف العام على التربية الخاصة بوزارة المعارف
|
إذا كان المعوقون الآن يفخرون ويفاخرون بما تحقق لهم من انجازات تقارب المعجزات، خلال عشرين عاماً فقط من ولاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يحفظه الله لمقاليد الحكم في مملكتنا الحبيبة، ويعلنون بكل العزة والاعتزاز أنهم يعيشون «العصر الذهبي للمعوقين»، فإن ذلك لم يكن صادراً فقط عن حب صادق وتقدير فائق لهذا القائد الحكيم، وسمو ولي عهده العظيم، وسمو النائب الثاني الكريم، وانما كان ذلك تعبيراً صادقاً عما شهدته المملكة خلال هذه الفترة وما تشهده الآن من مظاهر الرقي والتقدم في شتى المجالات، ومنها مجال التربية الخاصة الذي اصبحت المملكة فيه تتبوأ مكانة مرموقة بين دول العالم، وتضطلع بدور ريادي مشهود بين دول المنطقة، خاصة في تطبيق الاساليب التربوية الحديثة، وفي مقدمتها اسلوب «دمج الاطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في المدارس العادية».
إن هذه المكانة المرموقة، وذلك الدور الريادي، ما كان للمملكة ان تبلغهما لولا الله، ثم تلك الرعاية والعناية والدعم غير المحدود الذي حظيت وتحظى به الجهات المعنية بالفئات الخاصة من لدن حكومتنا الرشيدة أيدها الله وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الامين، وسمو النائب الثاني، يحفظهم الله ويرعاهم.
واذا كان نسعد ونزهو بثمار التربية الخاصة من معاهد وبرامج وهي تترعرع وتزداد نضجاً ونمواً عاماً بعد عام حسبما سنورده تفصيلاً فيما بعد فإنه لا بد لنا ان نذكر بكل التقدير والامتنان صاحب اول غرس من غراس حقل التربية الخاصة، الا وهو رائد التعليم الاول في بلادنا، اول وزير للمعارف بها، الملك فهد بن عبدالعزيز الذي اصدر آنذاك قراره الوزاري التاريخي رقم 294 في 1/2/1380ه بإنشاء اول معهد للمكفوفين في الرياض.
إن عشرين عاماً في عمر الأمم ليست إلا عشرين يوماً في حساب الزمن، ومع ذلك فقد حققت فيها المملكة ما لم تحققه دول اخرى في مئات السنين، وبوصفنا معنيين هنا بالتربية الخاصة وما تحقق فيها من انجازات، فإنه يجدر بنا قبل ان نستعرض تلك الانجازات ان نشير الى أن المملكة العربية السعودية اصبحت تأخذ المفهوم الشامل الحديث للتربية الخاصة، الذي يندرج تحته جميع فئات المعوقين على اختلاف إعاقاتهم، الى جانب فئة الموهوبين.
وكما أشرنا من قبل، إلى أن المملكة أيضاً كانت في طليعة الدول التي طبقت أحدث الاساليب التربوية، وفي مقدمتها اسلوب دمج الاطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، فإن هذا الاسلوب يستهدف القضاء على عزلة المعوقين في معاهد خاصة بهم ومساكن داخلية لهم، في مقابل فتح برامج تربوية لهم في المدارس العادية لتحقيق هدف الدمج ذي الفوائد التربوية، والنفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، ولهذا سوف نرى لدى استعراضنا لعدد المعاهد والبرامج ان اعداد المعاهد التي كان ينعزل فيها المعوقون عن أقرانهم الأسوياء تظل ثابتة عاماً بعد آخر، في مقابل الزيادة المطردة سنوياً في عدد البرامج التربوية، وفصولها الملحقة بالمدارس العادية.
وإذا اردنا ان نترجم ما نقول الى لغة الارقام التي لا تكذب ولا تتجمل فحسبنا اختيار شريحة زمنية من هذا العصر الزاهر لحكم خادم الحرمين الشريفين، لتعطينا مقياساً لمدى قوة الدفع الانجازية في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ولتكن تلك الشريحة الزمنية هي من العام الدراسي 1415/1416ه الى العام الدراسي الحالي 1422/1423ه وباستقراء ارقام هذه الشريحة الزمنية يتضح لنا ما يأتي حسب الجدول المبين ادناه .
كما تميزت وتزينت تلك الشريحة الزمنية بصدور مرسومين ملكيين، كل منهما يعد نقلة حضارية وتاريخية ونوعية في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة:
المرسوم الأول صدر عام 1421ه بالموافقة السامية على «نظام رعاية المعوقين».
المرسوم الثاني صدر عام 1422ه بالموافقة السامية على قرار مجلس التعليم العالي «بإتاحة الفرصة للطلاب الصم لإكمال دراستهم في مؤسسات التعليم العالي، وخصوصا الكليات التقنية وفقا لاستعدادهم وقدراتهم».
وبعد..فإذا كان أبناء المملكة العربية السعودية جميعهم يطلقون على عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز اطال الله في عمره «العهد الزاهر للمملكة العربية السعودية»، فإن أبناء المملكة من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم يرون التربية الخاصة في أزهى عصورها، يزيدون على ذلك بأن هذاالعصر أيضاً هو «العصر الذهبي للمعوقين».
نسأل الله ان يمد في عمر قائد مسيرتنا، وراعي نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز،
وسمو النائب الثاني الأمير سلطان بن عبدالعزيز، يحفظهم الله ويرعاهم، ويسدد على طريق المجد خطاهم.
|
|
|