|
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز كما أعرفه
عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز
|
من الصعب أن يكتب المرء عن ألصق الأشخاص بنفسه، وأقربهم إلى وجدانه أياً كان ذلك الشخص، ويزداد الأمر صعوبة عندما يكون الشخص المراد الكتابة عنه هو والدي ومولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله ولعل هذا الاعتبار بحد ذاته يشفع لي فيما قد يعتري هذه الكلمة من قصور وما قد يحصل لها من نقص.
من المعروف ان خادم الحرمين الشريفين حفظه الله شخص استثنائي بكل ماتعنيه هذه الكلمة من مفاهيم واعتبارات فهو شخص لايسبر له غور، متعدد الاهتمامات، عميق الابعاد، وقد كُتب الكثير عنه أيده الله من جوانب عدة، وسيكُتب الكثير عنه في قابل الأيام وسيتناول المختصون والأكاديميون بالتحليل قراراته حفظه الله سواء ذات الشأن المحلي أو المتعلقة بالنطاق الإقليمي والعالمي، وكذلك مواقفه التاريخية، والاتجاهات التي تبناها في مختلف المنعطفات السياسية الهامة التي حصلت خلال العشرين عاماً الماضية من عمره المديد إن شاء الله بصفته شخصاً قيادياً ذا وزن وتأثير في مجرى السياسة الإقليمية والعالمية يستمد أهميته أولاً من مكانة هذا البلد وقيمته على خارطة السياسة الدولية ومن قدرات الشخص وإمكاناته الذاتية المتميزة.
ورغم هذا التعدد، ومع تنوع تلك الأبعاد فإني اعتقد جازماً ان مفتاح هذه الشخصية العظيمة يكمن في عبارة «الفهد انسان مسلم مؤمن إيماناً عميقاً بربه متمسك تمسكاً قوياً بتعاليم دينه» ذلك أنه حفظه الله أولاً وقبل أي شيء آخر إنسان مسلم بكل ماتحمله هذه العبارة من معان ومفاهيم، ثم هو بعد ذلك مواطن من مواطني هذه البلاد المباركة شاء الله عز وجل له ان يكون في موقع المسؤولية منذ نعومة أظفاره فتولى مسؤوليات جساماً عدة توجت ببيعته ملكاً على هذه البلاد وتوليه إدارة الأمور فيها منذ عام 1402ه وعليه فإن الفهد من وجهة نظري يعتبر ان اكثر العبارات تعبيراً عن حقيقته، وأقربها إلى نفسه وأكثرها التصاقاً بذاته عبارة «الإنسان المسلم».
ومن هذا المنظور فهو يعد نفسه أباً لمن يصغره سناً من مواطني هذا البلد، وأخاً لمن يقاربه في السن، واضعاً نصب عينيه قول الله عز وجل (إنما المؤمنون إخوة) متمثلاً أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى ومنها «المسلم أخو المسلم» وهذا الترابط الوثيق بينه وبين المواطنين يدعمه حرص أكيد منه على معرفة معاناتهم وسعي حثيث على إزالة هذه المعاناة وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم.
ولعل أكثر مايصوّر هذا التعبير، ويعكس حقيقته اختياره حفظه الله للقب «خادم الحرمين الشريفين» بدلاً من «جلالة الملك»، فهذا الاختيار بحد ذاته يعكس طبيعة فهد الإنسان المسلم ومشاعره الحقيقية فعلاوة على مايوحي به هذا اللقب من تواضع في الخلق هو سجية في الفهد لايشوبه ضعف، ومن بساطة في النفس جُبل عليها بإهاب العزة الإيمانية فإنه يعبر عن أهم مايهتم به حفظه الله وهو خدمة هذا الدين وأهله من خلال خدمة الحرمين الشريفين والعناية البالغة بعمارتهما وجميع مايتصل بهما، ومن خلال سعيه الدؤوب لعمارة المساجد وإنشاء المراكز الإسلامية في سائر أنحاء المعمورة امتثالاً لقوله تعالى: «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر» وتطبيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة».
وشخصية الإنسان المسلم جعلت لديه حفظه الله حساسية مرهفة للغاية ضد الظلم وإحساساً عميقاً بأهمية العدل والإنصاف ودورهما في احقاق الحق ودرء الظلم.. هذا الإحساس وتلكم الحساسية المرهفة انتجا تعاطفاً وتفاعلاً ايجابياً مع المظلومين وكراهية ونفوراً من الطغاة والظالمين ولذا كانت أسعد اللحظات لديه عندما يرفع ظلماً وقع على إنسان أو يحول دون وقوع ظلم كان وشيك الوقوع، وهو بهذا يحقق قول الرسول صلى الله عليه وسلم «أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً » فقال رجل: يارسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أرأيت إن كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: «تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره».
وكذلك نجد شخصية الإنسان المسلم المتبع لتعاليم الدين في كل شؤون الحياة جليلها ودقيقها متجلية في حرصه حفظه الله على ان تتم معالجته لكل أمر يعرض له بالشمولية التامة والحرص الشديد على تفاصيل وجزئيات الموضوع، والمتابعة الدقيقة لكل مراحله، وكان هذا ولايزال دأبه في تناول جميع القضايا على مختلف المستويات وتنوع المواضيع ملتزماً في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» وهذا يأتي من الإحساس الكبير بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه وأنه راع مسؤول عن رعيته.
وقربي منه وملازمتي له أطال الله في عمره أتاحا لي الاطلاع عن كثب على المشاعر الإنسانية الفياضة التي يجيش بها صدره عند تفاعله مع الأحداث على مختلف المستويات، ومعرفة مبادراته الخيّرة التي تأتي تجاوباً مع تلكم الأحداث محلية كانت أو عربية أو إسلامية أو دولية. هذه المبادرات تندرج في مجملها في إطار عاطفة الإنسان المسلم المتفاعل مع الكون وحوادثه تفاعلاً إيجابياً منتجاً ولولا يقيني بأن الإخبار عن تلك المبادرات والإعلام عنها أمر غير محبذ لديه لعددت بعضاً منها، لكنها معروفة سيذكرها الذاكرون في مظانها المعلومة، وهو يقوم بما يقوم به من مبادرات أداءً للواجب، وسعياً وراء الأجر والثواب، أعظم الله له الأجر وأجزل المثوبة.
هذا هو خادم الحرمين الشريفين كما أعرفه وكما يحب هو أن يعرفه الناس، حفظه الله وأيده بالعز والتمكين، وحفظ الله صاحب السمو الملكي سيدي ولي العهد وصاحب السمو الملكي سيدي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وجمع الله شمل الأمة الإسلامية على الخير وأدام على هذا البلد نعمة الأمن والرخاء، والله يتولى الجميع بالحفظ والرعاية، إنه على كل شيء قدير.
|
|
|