نحن بلا ذاكرة، ولو سألت بعض شباب الصحافة عما يمثله لهم اسمه لترددوا، ولو عرضت عليهم وسمه لقدروا ولم يقرروا، لكنه في عقده الثامن: ولد في المدينة المنورة عام 1352هـ مطمئن إلى ما قدمه، سعيد بما يقدمه، مكتفٍ من ذكريات العمل الصحفي بدافعية التأسيس، ومن العمل التجاري بنجاح التجربة، ومن العلاقات الاجتماعية بجمال الأوفياء.
لا يرى نفسه (صحفياً)؛ فهو لا يملك أنف الذئب وأذن الوطواط وجلد الفيل ليشم الخبر ويرصد الصدى ويتحمل الصدمات، غير أنه مبتهج إذ جاء في زمن المؤسسات لينقل الصحافة - مع آخرين- من أفق الأدب المحدود إلى فضاء الحياة الممدود.
قال الأستاذ أحمد حمد الهوشان شيئاً من ذلك في لقاءات عابرة منها (ضيف الجزيرة)، ورأى - قبل أكثر من ربع قرن - أن الصحافة الحقة هي صحافة الرأي، وأن الصحفيين الجديرين هم المهرة المدربون، ولم يكذبه الزمن؛ فقد باتت الصحافة صناعة لا مكان فيها لمن يقتعد كرسيه منتظراً خبر (الأمس) وتصريح (الهمس)،ولم يعد ثمّ مكان لمختبئ أو منكفئ.
أبو فهد - رجل الأعمال- لم يتردد -حين كان رئيس تحرير الرياض- أن ينشر خبراً يمسّ شركة سيارات تُعلن في صحيفته لخلل فني في منتجاتها؛ فسمعة التاجر لا تجيءُ بالتعمية، ونفع المواطن منطلق التنمية.
يحكي أستاذنا أبو راكان العوهلي أن لدى صديقه أحمد الهوشان نشاطاً ثقافياً مستتراً؛ فهو قارئ جيد، ولديه كتاب أكمل ترجمته، ونتساءل: لماذا يتوارى هؤلاء في ذروة العطاء؟ ولِم يتركون الساحة وهم يستطيعون الإضافة؟
الأستاذ الهوشان من عائلة يعود أصلها إلى مدينة (الرس)؛ درس في كتاتيب المدينة المنورة والمدارس الحكومية وتخرج من بريطانيا، وزامل الدكاترة عبدالعزيز الخويطر وأحمد محمد علي ورضا عبيد، وعمل قريباً من أب الإدارة السعودية الحديثة أبي زياد فهد الدغيثر الذي سيبقى علماً ومعلماً لم نره بعد مثلما لا نرى آخرين وجدوا الضوء في الظل، والمعادلة في الزاوية، والحكمة في الصمت الطويل.
الوفاء ذاكرة.