يثار في الصحف ويتطاير مع الغبار من حين لآخر كلام حول شهادات دكتوراه تساهلت بعض الجامعات - أو تراخت - بعض الجهات في أمر هذه الشهادات وسبق أن نُشر في بعض الصحف - و(الجزيرة) تحديداً - حول طريقة مناقشة بعض شهادات الدكتوراه في جامعة الإمام وغيرها من الجامعات، وأحسن بعض الأساتذة والدكاترة (الحقيقيين) وكتبوا في حينه عن فوضى الحصول على تلك الشهادات والطريقة القروية عند مناقشة الأطروحات الدكتورية، وعقّب وكتب أكثر من واحد وبثّوا وأظهروا أشياء وأشياء يندى لها الجبين ويخزى لها الضمير إن كان هناك جبين مرفوع أو ضمير حي - أي والله - وقد قمت بنشر مقالة في مجلة اليمامة منذ أكثر من ثلاثين عاماً تحت عنوان (وقد يجهل الإنسان وهو مدكتر) قبل أن يتسع الشقّ على الراقع.. (العدد 436 من يوم الجمعة عام 1397هـ للعام 1977م)..
ولم تحرك الجامعة ساكناً ولم تسكّن متحركاً (وهذه الجامعة يتحدث الناس حولها جهراً بكلام في المجالس يختلف عمّا يقال في الاجتماعات الرسمية أو يكتب في المجلات الحكومية..) .
لو حصل مثل هذا في بلاد أخرى لضجّت وسائل الإعلام وتحرك الرأي العام.. وحُقّق في الموضوع ودقّق..! أمّا الجامعة فموقفها أعجب من العجب!!!
تُرى أين مجلس الشورى أين مجلس الجامعات أين ديوان المظالم - الذي كثيراً ما أنصف المظلوم من الظالم - بل وأين وزارة الخدمة المدنية وهي من الجهات المعنية قبل ذلك وبعد وكيف تسلل أُناس بشهادات مزيفة إلى مناصب عالية في الدولة وإلى عضوية مجالس وهيئات عُليا - خُدعتْ بهم - وقبضوا الملايين من المال العام بسبب شهادات مزيفة.
خطير تجاهل ما حصل وأخطر منه أنَّ من خطفوا هذه الشهادات أصبحوا يتحكمون في رقاب الناس ويضايقونهم!! نعم يضايقون أصحاب الشهادات - الحقيقية - الذين أخذوها بجهد اليمين وعرق الجبين، أما بعض أولئك الذين أخذوا شهادات من جامعة الإمام - وغيرها - في غفلة، وخطفوها عنوة، وفحّشوا على الكراسي بطريقة بهلوانية، ونصّبوا أنفسهم فوق المناصب بشكل سامج غير مناسب، أخذوا يسيطرون على بعض الأجهزة الحكومية ويتحصنون خلف الألقاب - الكرتونية - بحصانات منحوها لأنفسهم عبر شهادات مزيفة وترقيات مخالفة وقفزات تثير الشك والريبة ولم يتساءل أحد في الأجهزة الرقابية أو الجهات التأديبية..
عجيب والله أمر هذه الأجهزة التي لطالما استفسرت وسألتْ وعقّبتْ وألحّتْ في السؤال عن مبلغ خمسين ريالاً!!! أين شجاعتها العنترية؟! لماذا لا تبرز هنا؟!
حاول ولو مرة أن تدخل مع بعض الدكاترة المزيفين المتغطرسين في مناقشة جادّة أو حادّة حول شهادته وموضوعها ومن ناقشها وأشياء أخرى: إنه سينزعج منك وينقلب عليك.
لماذا؟؟ لأنك لمست المُحرَّم وتحدثت عن المقدس عنده والمنجّس عندك وهو لقبه - المزيّف - جرب ولو مرّة واقترب من كشف المستور وهتك المحذور ثم قل بصوت الواثق من نفسه: افتحوا ملفات فساد الشهادات المزيفة والدكاترة المزيفين عندها سوف تفاجؤون بل تُفجعون وترددون ياللهول!! ياللهول!! كل هذا يجري ونحن لا ندري؟!
نعم وأكثر من هذا يجري تحت الكرسي، لأجل هذا انحدرت واندحرت جامعاتنا إلى أسفل سلّم التقييم العالمي.
الطائف - عصبة الأدباء