حيَّتك مكةُ أرضُ الوحي يا شام
جد الحنين بنا، والعشق تهيام
يا روضة الحسن في أنحاء موطننا
ومشعل الغار يستعلي به الهام
سمت الجمال ربيع في مدائنها
ألوانه من مزيج السحر أحلام
وجه العروبة والفرسان من قدم
وموكب الفتح إكبار وإعظام
يستشرفون من الآمال بارقة
تهدي النفائس بكراً وهي إلهام
الموفضون إلى العلياء في شغف
والصامدون وما هاموا كمن هاموا
من ها هنا رحلة الأمجاد قد بدأت
يسودها في رحاب النور إسلام
ومن دمشق، إلى حمص إلى حلب
أنى اتجهت ففي أعراقها (سام)
ردي على السائل المكبود يا شام
متى سيبزغ فجر وهو بسام؟
متى تعود لهذا الشرق أمته
وموطن يزدهي بالعدل رنام؟
نار العداوات، أمريكا تؤججها
دسائس كلها بغض وإيلام
أحلامنا مثلما الأزهار قد ذبلت
على جديب الرؤى ألوى بها السام
عروبة أسلمت للريح إمرتها
فالظلم يلهو بها والنار إضرام
عروبة عاث فيها الهول وانطفأت
مشاعل الليل وارتاضت بها الهام
كأنها رثّتِ الأوطانُ وانبعثت
روائح الجهل والأعمار أصنام
كل يقيم على البأساء مرتقباً
عصراً جديداً به فضل وإنعام
وكيف نأمن في عصر يؤلمنا
خيراً، ويسكننا جور وإظلام؟
وكيف نرضى به غدراً يلاحقنا
وشرعة الغدر، أرزاء والآم؟
ضاق الزمان وضقنا من فجائعنا
حتى الفجائع ضاقت وهي آثام
أميرة أنت دنيانا وآمرة
إليك تمشي على الرمضاء أقدام
كان الصباح بهياً في نضارته
حين ارتقت عن سواد الجهل أفهام
يوم اكتسى الدهر من أيامنا حللاً
وازدان بالنصر فرسان وأقوام
تلك العروبة والإسلام رائدها
وسوف يرجعها للمجد ضرغام
هذي السما وعيون الشمس مسرجة
هذي النهى وبدور الأرض أعلام
تستنطق النجم أجيال فيخبرها
إن العلا كله سبق وإقدام
سورية الحب عشّاق وهيّام
وأصدق الحب إيثار وإكرام
أرض الحضارات والأحقاب شاهدة
يحيك قطر السنا, تهنيك أنسام
لا تغمض الجفن هذا الليل معترك
لغاصب همه سحق وإعدام
يا أمتي ودعاوى الزيف مرجفة
دعوى التحرر إغراء وإيهام
لا القدس عادت ولا الجولان عائدة
لأن كل سلام الشرق أوهام
يظن صهيون أن الموت يفزعنا
ونحن جند المنايا وهي حكام
أحرارنا غضبة الأوطان يشعلها
ظلم وذل وتقتيل وإجرام
إن الشعوب إذا جدّت عزائمها
فسوف ينصرها عقل وصمصام
الليل أوشك أن تهوي كواكبه
فلتشعلِ الشمس في الظلماء يا شام
***
ألقيت هذه القصيدة في الاحتفال الذي حضره الأستاذ رياض نعسان أغا وزير الثقافة السوري نيابة عن رئيس الجمهورية السورية لتكريم الرواد العرب (بدمشق) وكنت أحدهم في ذلك التكريم.