تبدأ الراوية والمؤلفة الأستاذة ليلى الأحيدب تأخذ بيدنا نحو حياتها الخاصة وهي تجربة الكتابة الصحفية وقد تعرفت على بضع كتّاب من بينهم (علي) الذي ترتبط بإنتاجه الصحفي حتى الإعجاب، بل وتفضله على كافة من تتناول إنتاجهم حتى أصبحت تعشقه إلى درجة تقليده في كافة تصرفاته، بل وتطارد إنتاجه وسلوكه اليومي حتى أصبحت قصة حب من جانب واحد وإن كان يعرف في دخيلته هذا الإعجاب.
و(علي) له علاقات نسائية متعددة في محيط عمله وإنتاجه، حيث تطلعنا المؤلفة على شلة من الأصدقاء والصديقات يجتمعون بشكل شبه أسبوعي في شقق مخصصة لتلك الاجتماعات ويتبادلون الأحاديث، بل والعلاقات الجنسية دون رقابة من أحد، إذ تربطهم الدراسة والعمل في مصالح متعددة.
وهكذا تدفع المؤلفة بهذه المجموعة إلى متابعة العلاقات فيما بينهم فيلتقون ويتبادلون الأحاديث واللقاءات والاتصالات الهاتفية، وكل يعيش على هوى تلك العلاقات والتصرفات الشبابية، حيث إن أكثرهم لم يتزوج وإن كانوا يمارسون الجنس فيما بينهم بالخفاء، وفي ثنايا الرواية تعرض المؤلفة لعلاقات هؤلاء بالتفصيل اليومي بأسلوب فيه الكثير من الشفافية وكشف ما لا يخفى على القارئ. وللحق فإن الكاتبة نجحت في أن تشدنا إلى العلاقة التي تربطهم بطريقة واقعية وأقرب ما تكون إلى الرومانسية الرائعة التي تعكس تلك العلاقات وتجاذب المصالح، وإن كانت المؤلفة ركزت على علاقات البطلة مريم من كافة الجوانب الأسرية بما في ذلك وضعها الدراسي في الجامعة بعد أن تخطت الثانوية مع شقيقتها التوأم الملازمة لها (ريم) والتي تعيش معها في منزل واحد ويدرسان في مستوى واحد ولها هي الأخرى علاقات مع زميلات المدرسة وتتحاوران مع بعضهما بالصوت عبر الهاتف، حيث إن المتصل يختلط عليه أيهما يحادث لتشابه أصواتهما، وإن كانت المؤلفة تركز على علاقاتها هي بالتفصيل كسلوك ذاتي ومن خلالها نعيش في أحداث الرواية تحركات الآخرين التي نطّلع من خلال سلوكهم بالعلاقة المختلفة وبما أن الكاتبة تركز على سلوكها وعلاقاتها بمن يعجبها وهما علي ويوسف اللذان تعشقهما وتلازم تصرفاتهما نحوها من خلال الأحداث اليومية، وتشعرنا الأحداث التي تستعرضها الكاتبة بأسلوب شيق ورقيق خلال مختلف المواقف التي تتابعها الكاتبة لسلوكها المتلازم معها وإن كانت العلاقة الأسرية ليست بعيدة عن أهداف الرواية إذ تتطرق الكاتبة لكل ما يستدعي الكشف عنه، مع العلم أن والدة المؤلفة متوفاة منذ صغرها وعاشت في كنف خالتها وجدتها، أما علاقتها بزوجة والدها فهي غائمة إلى حد بعيد كسيرة ذاتية، ومن متابعة علاقتها مع علي عشيقها فكانت أن حاولت تدبير الزواج منه بأسلوب أقرب إلى الخديعة عن طريق تدخل هيئة الأمر بالمعروف الذين تضبطهم في مكان واحد كأسلوب للزنا فترغم عشيقها على هذا الزواج الذي كان يتهرب منه ولا يريده، وبعد الزواج سافرت معه إلى مصر كشهر عسل احتوى على بعض الأحداث المثيرة من خلال علاقات عابرة ربطت بينها وبين خليجيين التقت بهم في القاهرة.
الأحداث التي تستعرضها الكاتبة من خلال ثلاثمائة صفحة لا تدخل الملل على القارئ، بل تجعله مشدوداً إلى متابعة الأحداث بأسلوب مثير تأخذ بتلابيبه الواقعية، ولا يحس بالضجر من المتابعة اليومية التي تتمكن الكاتبة من السيطرة عليها بالتفصيل الانضباطي التي تمليها الأحداث وقد نجحت الكاتبة باستعراض دقائع الأمور ما يتطلب الوضع الفني للرواية بعيداً عن الترهل والإسفاف الذي لا تستدعيه الأحداث الضرورية كمؤلفة متمكنة من طرح الوقائق التي يتطلبها الموقف وبالإجمال فالرواية ناجحة والكاتبة استطاعت أن تدير الأحداث بواقعيتها الرائعة بعيداً عن الافتعال وإن كانت سيرة ذاتية بما فيها إخفاء حملها على زوجها الذي كان يرفض الأبناء بينهما.
فتهنئة مني إلى الكاتبة على هذا النجاح في أول عمل روائي تطرحه للقراء.
الرياض