حاوره: محمد الهويمل
صدر للباحث الأستاذ عبد الله الهدلق كتابه (ميراث الصمت والملكوت) بعد كتابه (جلاد الحكمة المصلوبة). ويتجه كتاب الهدلق إلى تقرير محور إبداعي جديد يفيد بأن الكتابة عن التجارب الخاصة غير مرتهن بسن متقدمة كما هو الدارج. وموجزه طائفة من المواقف الجديرة بالتقييد والرصد استفزت غفلة الغافلين عنها فسطرها شبه صامتة كما هو عنوان الكتاب. كتب الهدلق ما لا يعرفه أحد ممن غابوا عن مشهد الموقف.
(الثقافية) حاورت الأستاذ عبد الله عن جملة من المحاور طالت قراءة السيرة والكسل الذهني وحزمة الأصوات الثقافية داخله وحيثيات مشروعه القادم بشأن السير الذاتية.
كتابك فلاشات متحركة جذاب وثر.. كيف ترى حاضر ومستقبل هذا اللون من الكتابة، ولاسيما أن ثقافة ما بعد الحداثة تتجه إلى هذا الضرب من الكتابة؟
- يلذّ لي هذا الأسلوب من الغواية الذي تفرش به طريقي، ليس هناك ما هو أشد تأثيراً على نفس الإنسان من أن يعلم - مصادفة - أنه عبقري! لم أكن أعلم أن أسلوبي قد نال شرف سلوك الطريق نفسها التي تسلكه ثقافة ما بعد الحداثة، فإن كان شيء من ذلك صحيحاً فإني أستغفر الله.
الكاتب حزمة من الأصوات الثقافية.. هل تلبستك شخصية ثقافية تماهيت معها وفرضت نفسها على قلمك على مستوى المفردات والتراكيب؟
- لا أحب في العادة من يصدّر إجاباته بقوله: (لا شك).. لكني هنا (لست أشك) في أن كيمياء القلم شديد التركيب والتعقيد، فكل كاتب أقرأ له لا بد أن أتناص معه شئت ذلك أم لم أشأ، على مستوى الوعي أو على مستوى اللاشعور؛ لذا فإني مدين لكل من قرأت له، لكن ليس هناك شخصية ثقافية تماهيت معها وفرضت نفسها على قلمي، ليس هناك إلا أن يكون العقاد في البدايات، كان ضرباً من الغوص في بحر قلمه لأستخرج لآلئ نفسي.
قراءة فكر عالم بخلاف قراءة سيرته.. هل قراءة السير أقل تكلفة ذهنية وأكثر متعة، أي هي لون من الكسل العقلي؟
- لا يمكن أن يوصف فعل القراءة بالكسل العقلي.. هناك مستويات من القراءة، والقارئ يتخيّر منها ما يناسب مزاجه العقلي، الكسل العقلي والترهّل الفكري هناك عند من قال عنه برناردوشو: سامحه.. فهو يظن أن عادات قبيلته هي قوانين الطبيعة..
تفتعل ضدية صادقة وموفقة بين الدهشة والمثقف النمطي، ألا ترى أن الدهشة الثقافية موهبة بحد ذاتها؟ ثم أين شيوخك حمد الجاسر وبكر أبو زيد من هذه الثنائية؟
- الدهشة الثقافية ليست موهبة، وإنما هي قدر الموهوبين.. وحمد الجاسر وبكر أبو زيد كانا استثناءً في سياق معرفي وثقافي مختلفين.
قلت إن فيما كتبه لويس عوض ما يكشف كذب جيهان السادات على قناة الجزيرة، ما تفاصيل هذا الكذب؟
- تفاصيله أن جيهان السادات في مقابلتها مع أحمد منصور على قناة الجزيرة نفت أن يكون أحدٌ قد كتب لها أطروحتها العلمية لكن لويس عوض قد ذكر في ترجمته الذاتية (أوراق العمر) أنه مع أستاذ آخر قد كتبا لها هذه الأطروحة؛ ولذلك قلت في هذا الكتاب (ميراث الصمت والملكوت): إن من لا يقرأ التاريخ يسخر منه التاريخ.
أعدت الصراع الحاضر إلى (ابن تيمية، مارتن لوثر، ماركس، هرتزل، الخميني) وصعود أيديولوجيتهم.. كيف يمكننا تحديد القيم السالبة والموجبة لهذا الصعود؟
- هل تظنني من السذاجة بحيث أحاول الإجابة عن هذا السؤال فأضحك الناس مني، كحال بعض المساكين من كتابنا حين يظن أن المثقف هو من يتحدث بأي شيء عن كل شيء.. جواب هذا السؤال المهم يحتاج إلى فريق منظم من المفكرين والباحثين تحت إشراف مركز من مراكز الدراسات الاستراتيجية.
ما حيثيات مشروعك القادم بشأن السير الذاتية؟
- هناك مشروع متعثّر، على أن السير الذاتية ليست في أعلى درجات السلم من اهتماماتي، هناك ما هو أولى بكثير.. لا أزعم أن القضايا الكونية الكبرى وحال هذا العالم يؤرقني كثيراً، فأنا لم أنم منذ زمن كما أنام في هذه الأيام، لكن هناك بعض الأولويات في مشروعي الثقافي الصغير، أسأل الله سبحانه أن يعينني عليها.. سلمك الله.