قد تشرفت بزيارة الطائف غير مرة، ولكن هذه المرة كانت بدعوة من نادي الطائف الأدبي الثقافي، حيث تدشين مجموعة من إصدارته الأدبية والثقافية في حفل يليق به وبها، وقد كنت من ضمن المكرمين في هذا الحفل مع خمسة عشر أديباً ومبدعاً ومثقفاً، قد نشر لنا النادي إصدارات إبداعية وثقافية جديدة.. إنها كانت ليلة انتعش فيها الأدب والإبداع والثقافة، وامتزج بالورد الطائفي، وفاح عطرهما وعمت الرائحة المكان.
هنا تأكد لي أن الطائف ليست فقط مدينة للورد أو الإبداع والأدب، بل مدينة لكليهما معاً وإن كان ذلك ليس جديداً ولكنني شهدته بنفسي، فهي مدينة للثقافة والأدب والورد منذ القدم، وما سوق عكاظ وغيره من تاريخ وأعلام الشعر والخطابة إلا رمزاً أدبياً وإبداعياً وثقافياً وتراثياً.. وأنه أيضاً لا يختلف اثنان على أن الطائف هي مدينة للورد، وهذا ما عُرف عنها، وليس شهرتها كمدينة للورد مقتصرة فقط على جغرافية المملكة، بل إلى آفاق أوسع من ذلك.. فعند زيارتك لهذه المدينة الحالمة، أول ما تراه ويأسرك ويحيط بك من كل جانب.. من الأمام والخلف هو وردها ونقاء هوائها وكثافة غيومها..
فأول ما لفت نظري منذ أن دلفتُ صالة المطار، هو تلك المطوية (المنشور) المعنونة « الورد الطائفي «، وهي من إعداد وعمل هيئة السياحة العامة والآثار بالطائف وكأنهم يقولون لك: هذه مدينتنا ؛ مدينة الورد وإن هدايانا هي الورد، وإن هذه المطوية تعطيك نبذة عن الورد، وليس أي ورد، إنه ورد الطائف لا غير..! فهي تتضمن لمحة عن الورد في الطائف بأسلوب شائق وأنيق حيث جاء فيها: (للورد قصة عشق مع الطائف تعود إلى قرون عديدة، وارتبط الطائف بالورد بعلاقة حميمية منذ القدم....) لعلك لاحظت أن أول لفظة في المطوية كانت الورد ثم العشق ومن ثم الطائف والحميم والقدم وهذه المفردات لها عدة مضامين عميقة، تنطوي في تجاويف الروح والنفس، كما الانتعاش بالورد والتغزل بالحب والعشق، فقصة العشق متأصلة منذ القدم والعناق بينهما (الورد والطائف) قديم بقدمها.. وذكرت المطوية أن هنالك مهرجان سنوي للورد يقام كل عام ويتزامن مع موسم قطف الورد، وكذلك تضمنت المطوية لمحة سريعة عن زراعة الورد وموسمها، وإضاءة حول طرق استخلاص الدهن منه (دهن الورد)، وقد سكنت مساحة المنشور معلومات هامة عن الورد في الطائف بالأرقام (عدد مزارع الورد المنتجة تقدر بـ760 مزرعة على مساحة من الأرض تساوي 1672 دونماً وبعدد 78340 شجيرة ورد وأن معدل عدد الورد في عام 1431هـ هو 230 مليون وردة، وقد أعطت عدد 9500 تولة من دهن الورد)، بمعنى أن هذه المعلومات تؤكد أن الطائف هي حقاً «مدينة الورد» ولعلك تعرف أكثر عن الطائف ووردها حينما تزورها وتتجول فيها.. إنها حقاً مدينة للورد والأدب والإبداع والثقافة، فطائف الورد هي طائف الإبداع، ولا غرابة في ذلك، فهي تجمع في عقدها الورد والثقافة والأدب والسياحة والآثار والأصالة العريقة، وأن أهلها كرماء، فقد حظينا بكرمهم خلال يومين مدة إقامتنا عندهم في مدينة الورد والإبداع.
Albatran151@hotmail.com
الأحساء