أستغرب كثيراً إجحاف بعض الفنانين للدور الذي تقوم به الصحافة المحلية تجاه الفن والفنانين التشكيليين في المملكة، عندما نعود إلى الصحافة العربية على سبيل المثال لن نجد هذا الاهتمام الذي يتواصل منذ عقود بالمتابعة والأخبار والعرض والتحليل والنقد. هنا وفي هذه الجريدة يقوم أخينا الفنان محمد المنيف بدور كبير لا يحس قيمته أو يدرك حجمه إلا كاتب، يقوم بتحرير صفحات وصلت قبل اشهر إلى ثلاث في الأسبوع الواحد تتناول كل ما يحيط الفن التشكيلي داخلياً وخارجياً وهذا الجهد قلماً نجد أحداً اضطلع به. فكثيرون لم يطل بهم الأمد في تحرير صفحة أسبوعية أو حتى نصف صفحة مع أن جميع الصحف السعودية خصصت خلال فترة من عمرها صفحة للفن التشكيلي يحرر مادتها ويشرف عليها أحد الفنانين.
العمل الصحفي مهمة كبيرة وهو مثل النار التي تأكل نفسها العمل فيه لا ينتهي فهو يطلب المزيد من المتابعة والتدقيق والجدية والاجتهاد ولذلك فليس صعباً أن نميز بين مادة سهلة يمكن لأي منا استعراضها وبين مادة يبذل فيها المحرر جهداً كبيراً.
في الواقع أود الإشادة بهذا العمل الكبير الذي تضطلع به الجزيرة ويقوم به زميلنا الفنان المنيف فليس هناك من محرر استطاع البقاء محرراً ومشرفاً وجاداً وبمثل تلك الفترة مثل المنيف ومع ذلك فهو يتحمل كثيراً من المتاعب وأولها من بعض أسماء قليلة جداً من الوسط الذي يوجه له صفحته، إن بعض أولئك لم يتوان في بث كيده وشكاويه وتظلماته المفتعلة على قيادة تحرير الجزيرة أو في أي مجلس ومناسبة، لكن معرفة قيادة تحرير الجزيرة بقدرة المنيف جعلته دوما داعمة لجهده ولعطائه ولما يقدمه من خدمة تتجاوز ثلاثين عاما كما تدرك بثاقب بصيرة أن العمل الصحفي أو الإعلامي عامة ليس للاسترضاء فمن الطبيعي أن هناك من يختلف معك ولكن أيضاً من حق كل منا التعبير عن ما يريد وفق آداب الحوار وأصوله واحترام الآخر.
لم يكن هناك غير المنتديات الفنية مكاناً للبعض لينشروا ما لا تنشره أي صحيفة يسرحون ويمرحون ويشتمون دون رقيب أو حسيب ومع ذلك فلا يضير أحداً شيئاً مما قيل أو يقال.
في بعض الصحف أو المجلات الأجنبية وقليل من العربية محرر الفنون التشكيلية أو الجميلة وهؤلاء المحررون هم القائمون على أي عمل يمس هذا الجانب فلا تنشر المقالات إلا عن طريقهم وما يكتبونه يعبر عن وجهة نظر المجلة أو الجريدة في معظم الأحيان ولذا فقد رسخت تلك المجلات لمفاهيم في العمل الصحفي المحترف بعيدا عن الأهواء والنزوات التي نراها الآن في المواقع والمنتديات الالكترونية أو في بعض الصحف التي يجهل بعض محرريها ما تنطوي عليه رسائل بعض القراء أو حتى الفنانين.
اود التأكيد على الدور الكبير لهذه الصحيفة في مجالات الأدب والفنون التشكيلية وأدعو أن نحافظ على هويتها التي أخذها زميلنا المنيف محلية تقع في الوسط من الجميع ودافعا ومحفزاً ومشجعاً للجميع وأود الإشارة إلى بعض الزملاء والزميلات الذين استطاع محررو مشرف الصفحات من استقطابهم للعمل وللكتابة هنا ولم نزل نقرأ لبعضهم وساذكر (د. مها السنان وحنان الهزاع وخلود محمد ومحمد الخربوش وحالياً جلال الخيرالله) وربما آخرون.
أتمنى أن نعي أهمية أن تكون لدينا صفحات في مجال اختصاصنا وأن نعمل على الحفاظ عليها في وقت غابت عن كل الصحف المحلية إلا من نشر متفرق ليس في كل الأحوال بأهمية مادة أدبية أو فنية من وجهة نظر محرر الصفحة أو المشرف عليها.
solimanart@gmail.com