كلمعة البرق أو كـ الدنيا... تأتين في ثانية وتغيبين في ثانية... تهمسين كنسمة جنوبية في ليل صيفي رطب...
كمواسم الحصاد... تكونين عطاءً ونماء... أو... كمدارج البن فوق سفوح الجبال... أو كعرائش عنب وحقول الخوخ تغدقين على الأرض فيء الإخضرار
تأتين وسمية... وتأتين كهبَة ريح تزحم الشمال إلى الجنوب
تدندنين «أنشودة المطر» فينهمر المطر فوق أشواق ليل السهارى... أو ربما تأتين حين يأتي المطر.... مطر... مطر... فلا مطر...
هكذا يكون مجيئك يا سيدة المواسم والفصول.
تبحرين بين الرموش والهدب... تتسكعين فوق رصيف العمر... تدخلين وتخرجين بين الروح ونافذة الحياة
تأتين... تذهبين... هنا أو هناك.... فأينما توجهين مستقرك العمر.
وحين تأوين إلى نومك... تمتد يدك الكسلى إلى رف الكتب المنضود... لتقرأي قصيدة كنا قرأناها معا... فيرتعش جسدك المتثائب الغارق في السرير... فيهرب النعاس من خلف ستارة النافذة صوب المدى الفاصل بيني وبينك.
وأنا هناك... على الجانب الآخر من الليل... أحاول أن أكتب لك عن شيء لم استوضحه ولا أعرف ما هو
لأني حين أكتب لك... أنسى حروف الأبجدية... وتتضاءل في عيني حدود الرؤية... حتى لا أكاد أميز بين المكان والمكان... ولا أفرق بين ثواني الوقت وساعاته ولا بين الليل والنهار... فكأني إنما أنا بين حقيقتك ووهم استحضارك الذي لا يأتي.
فأعاود ترديد... مطر... مطر... فلا مطر...
أنه ليل الجدب... ولا مطر في ليل الجدب.
-