من أول وهلة أعتقد أن الوكيل الجديد للشؤون الثقافية يفتقد إلى «الكاريزما» و«الشخصية الثقافية» التي كان يتمتع بهما الوكيل السابق أو هكذا أعتقد، ولذلك أظنه يحتاج إلى أشياء أخرى تعوضه عن تلك الميزتين أو أتمنى ذلك.
* لا شك أن التعامل مع المشهد الثقافي بقنواته وإشكالياته ومتطلباته وحقوقه وواجباته يختلف عن التعامل مع عمادة كلية أو برامج لمركز الثقافي، فنوع الكفاءة والكفاية لا تتساوى قيمتها في كل المسئوليات، فكل مسئولية تتطلب قيمة ونوع من الكفاءة والكفاية المخصوصتين، وأرجو أن يكون هذا الأمر حاضرا في ذهن الوكيل الجديد فلا يوزن قيم الأشياء بالمكاييل نفسها ولا يتعامل مع المشهد الثقافي على أساس أنه «عميد» أو «أمين مركز ثقافي» بل على أساس أنه وسيط ثقافي بين المثقفين ووزير الثقافة.
* اندهشت من تصريح سعادة الوكيل الجديد الذي نشر قبل أسبوعين في الحياة، وسبب دهشتي قول سعادة الوكيل «بأنه مشغول بالتعرف على الواقع الثقافي وتشخيصه وتحديد الفجوات التي تحتاج إلى عناية عاجلة ووضع تصورات عملية للعمل»!!.
وإذا كان سعادة وكيل الوزارة للشؤون الثقافية ما زال في «كيجي ون» ثقافة و مازال في طور»التعرف على الواقع الثقافي» و»تشخيصه» و»معرفة فجواته التي تحتاج إلى عناية» فعلى أي أساس تم اختياره؟ بما أنه لا يحمل أي خلفية عن طبيعة المجتمع الثقافي وليس لديه رؤية تشخيصة مسبقة عن الواقع الثقافي وسيبدأ الآن بمذاكرة الواقع الثقافي وتشخيص مشكلاته.
فوكيل الوزارة للشؤون الثقافية يجب أن يكون خبيرا بالواقع الثقافي متمرسا في تشخيص مشكلاته حتى يستفيد منه الواقع الاجتماعي ويساهم في برامج الجودة الشاملة الثقافية، أو هكذا أعتقد.
كما أن قوله ذلك أعطى لجمهور المثقفين إحساس بأنه «كائن طارئ» على الواقع الثقافي.!.
* قدرت مضامين الأجندة الثقافية الخاصة للوكيل الجديد وأتمنى أن ينفذها وأن لا تكون مجرد «كلام جرايد».
* التصريح «الوجداني» المبالغ فيه للوكيل الجديد فيما يتعلق بالروائي يوسف المحيميد والذي تطرق إليه الأستاذ الإعلامي عبدا لله وافية في الحياة هو مؤشر خطير لمسئول عليه أن يتحرى الدبلوماسية الثقافية ، وأن يقف من الجميع ذات المسافة، فالمحسوبيات و»مفضلة العلاقات» مقبرة المسئول، كما أنها تشجع على ممارسة البلطجة الثقافية.
* أتمنى من الوكيل الجديد أن يتعلّم من أخطاء الوكيل السابق، وأن يتصف بشجاعته فعندما يعجز عن الإنجاز والتغيير والتطوير يقدم استقالته، أو أن يُطلب منه أن يتنازل أكثر مما ينبغي أن يقدم استقالته، ولن ترحمه أقلام المثقفين من المساءلة والمحاكمة الثقافية.
* وما زاد الطين بلة موقفه من أزمة المثقفة مع الانتخابات من خلال تصريحه الأخير الذي يشجع فيه على «التمييز ضد المثقفة» في قوله: «إذا قرر مجلس الإدارة أن تترأسه امرأة» وكأنه « يشير إلى ثنائية الصراع الجنسي رجل وامرأة» ويثير حفيظة « الرجل المثقف» لأن المرأة ترأسه وهي رسالة سلبية يوحي بها للمثقفين، وكأن لسان حاله يقول للمثقفين «تقبلون ترأسكم امرأة».!!
وما لم يفهمه الوكيل الجديد أن المرأة في الرئاسة لا تمثل نوعا -امرأة أو رجل- بل كفاية وكفاءة لعقل وبرنامج ثقافيين، وفيهما يذوب النوع الجنسي.
وفي نهاية تصريحه «السلبي» طلب من المثقفات تقديم البرامج الثقافية دون أن يطلب بالمثل من المثقفين، وهي إشارة ثانية للتمييز ضد المرأة، ولا أدري لماذا خص المثقفة بتقديم البرامج الانتخابية دون المثقف؟
هل لأنه يرى أن المثقف هو الأقوى وبالتالي فهي الحلقة الأضعف عليها أن تثبت قدرتها على التساوي مع الأقوى؟
أم أن المثقف لا يحتاج للفوز ببرامج انتخابية فكونه رجل هو مؤهل بالضرورة و بلا شك للكسب، والمثقفة هي التي تحتاج إلى تقديم ما يثبت صلاحيتها لمسئوليتها الثقافية؟
كل تلك إشارات داعمة للمثقفين ضد المثقفات أرادها الوكيل الجديد قاصدا أو غير قاصد.
في كلتا الحالتين قلت في نفسي «أول القصيدة كفر».!
وهذا هي حالة» المثقفة السعودية اليوم» ما بين وزارة لا تغني ولا تسمن من جوع ووكيل يشجع على التمييز ضدها أمام مرأى ومسمع من الجميع..ولا عزاء للمثقفات.
* أعتقد أن الحجيلان يجب ألا يكون وكيلا عن الشؤون الثقافية إلا في هذه الفترة الانتقالية التي تتكون فيها الجمعيات العمومية وتُنتخب فيها إدارات مجالس الأندية الأدبية، وبعد تشكيل الجمعيات العمومية والانتهاء من عمليات الانتخابات وبدء مرحلة ثقافية جديدة في البلد، يجب أن يكون هناك وكيلا جديدا للشؤون الثقافية «وفق منطق القانون الثقافي» ووفق متطلبات المرحلة الثقافية الجديدة، وأرجو أن يكون هذا الأمر حاضرا في ذهن الوزارة.
* إن تشكيل الجمعيات العمومية لا تلزم تكوين أعضاء مجالس الأندية الأدبية بالانتخاب، بل تلزم أيضا أن يكون «وكيل الوزارة للشؤون الثقافية» أيضا بالانتخاب من قبل «الجمعيات العمومية في كل محافظات المملكة» وأن يحدد «لوكيل الشؤون الثقافية» المنتخب مدة لا تزيد عن سنتين.
فمن أضعف الإيمان أن يختار المثقفون وكيل الشؤون الثقافية بما أنهم لا يستطيعون أن يختاروا وزيرهم.
* التداول على منصب «وكيل الوزارة للشؤون الثقافية» ما بين المثقفات والمثقفين، حتى لا يظل المنصب حكرا على الرجال، وبما أن الوزارة لا تمانع في وصول المثقفة إلى رئاسة النادي الأدبي، فهي لا تمانع أيضا من تعيين مثقفة في منصب «وكيل الوزارة للشؤون الثقافية» والثانية أسهل من الأولى على مستوى التنفيذ؛لأن الأمر هنا بيد الوزارة لا بيد جمهور المثقفين، هذا في حالة ظل منصب وكيل الوزير للشؤون قيد التعيين لا الانتخاب.
إضافة إلى أن لدينا مثقفات مؤهلات يعرفن الواقع الثقافي وكواليسه ولا يحتجن إلى أي فرصة للتعرف على ذلك الواقع.
* والنقطة الأخيرة أبارك للدكتور الحجيلان على المنصب.
وقفة:
قالت سمو الأميرة «صيتة» بنت خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وهي ترعى تكريم نماذج من السعوديات الناجحات عالميا، أن والدها «خادم الحرمين الشريفين» حفظه الله عندما يختار للمناصب لا ينظر إلى صاحب المنصب المستحق إن كان امرأة أو رجل بل قيمة الاستحقاق عنده هي «الكفاءة» التي يقدرها حفظه الله بصرف النظر عن جنس صاحبها.
ولنا في طريقة تفكير خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أسوة حسنة.
«والوزراء على دين ملوكهم» أليس كذلك يا معالي الوزير؟.
-
+
جدة