كتبت الأستاذة أميمة الخميس مقالاً حول هجرة النجديين إلى البلاد العربية والأجنبية، وبالتحديد هجرة أحد أبناء نجد الذي وصل في رحلاته إلى أمريكا قبل ستة عقود من الآن، وعنوان المقال (نجدي في أمريكا) والمقال يتطرق إلى سيرة أحد أفراد (العقيلات) وهم مجموعة من القبائل يغامرون في سبيل العيش بالتجارة من نجد إلى بلاد الشام ومصر والعراق، يبيعون ويشترون، سيراً على الأقدام وعلى ظهور الإبل، ومنهم من يبحث عن العمل في تلك الديار، ومنهم من أقام هناك وكون أسرته، وناقشت الكاتبة في مقالها أحد الشخصيات الذي لم يكتف بهذه البلاد أو تلك، بل وصل إلى أمريكا وعمل بها في مهن متعددة، حتى في التمثيل في (هوليود)، تلك الشخصية كانت (خليل الرواف). تقول أميمة الخميس: "بعد أن نشر مقالي (نجدي في أمريكا) والذي يتطرق لسيرة أحد أفراد العقيلات (خليل الرواف) الذي غادر نجدا متنقلاً بين البلدان إلى أن استقر به المقام في الولايات المتحدة،مشتبكا مع تفاصيل الحياة هناك ومطلعا على العديد من التجارب وصولا إلى تجربة التمثيل في أفلام هوليود، وجدت أن المقال لقي الكثير من الفضول والأسئلة، والرغبة في اقتناء الكتاب الذي يتناول سيرة الرواف التي تعكس تجربة العقيلات (وهي القوافل التي كانت تنطلق من أواسط نجد القرن الماضي وتجوب المناطق المجاورة...) وتطالب أميمة الجهات ذات العلاقة بإقامة ملتقيات تعكس صورة تلك المرحلة، وتذكر في مقالها آراء القراء الذين يطالبون بنفس الفكرة، وقد صمم بعضهم مشروع عمل لهذه الملتقيات، وتتوالى المقالات النقدية في الصحافة الأدبية، والعامة، وقد لا تكون الدراسة النقدية ملتزمة بقراءة كتاب معين، أو دراسة موضوع أكاديمي تتقيد به دون غيره، وهذا مجال سنأتي إليه في حينه- بإذن الله- في مناقشة الدراسات النقدية الأكاديمية، ودورها في تنمية الأكاديمية.
وهناك كثير من الكاتبات والناقدات اللاتي ناقشن مشكلات المجتمع من خلال مقالات تتعلق بالحياة اليومية وما يدور فيها من سلب وإيجاب، وما يجد في الشارع العربي والمحلي، فقد ناقشت الدكتورة أمل الطعيمي في زاويتها في جريدة اليوم القضايا التعليمية والتربوية، وبعض القضايا التي تهم المجتمع، وكذلك الأستاذة رقية الشبيب في مقالاتها عن ما يدور من قرارات ارتجالية يعزوها البعض للدين وما هي من الدين، مثل جمع النساء في مكان واحد في الحرمين الشريفين، بحجة أن ذلك من الشرع، لكنها ناقشت الموضوع من وجهة نظر دينية، وأثبتت على مر التاريخ الإسلامي، أن النساء يصلين خلف الرجال، فكيف بعزلهن في مكان لا يستوعبهن؟؟، ولعل الدكتورة سهيلة زين العابدين لا تقل عن زميلاتها مناقشة جريئة حول هذا الموضوع، أما الدكتورة لمياء باعشن فقد اتخذت في مقالاتها وسطاً بين الأكاديمية والمقال الصحفي، وهذا مما نمى روح المقال الصحفي إلى الأسلوب الأدبي، حيث تمكنت من عرض الموضوع على هذا الأسلوب، أما بأخذ جزء منه أو بأخذه وحدة واحدة، أو بالتضمين الفني، فترى الدكتورة باعشن في أحد مقالاتها والذي تناقش فيه موضوع المساواة بين مبدع ومبدع آخر، من حيث المكافآت، أو القيمة المعنوية للمثقف، والباحث والناقد، على حد سواء، فالمجتهد- في نظر لمياء- وغير المجتهد، والعالم وغيره، والموهوب وضده، كلهم في ساحة الأدب سواء، وهذا شيء خطأ في عالم العلم والمعرفة، فأين المقاييس ومن يقيس؟! ومن المساواة الظالمة بين مثقف وآخر، تنتقل لمياء باعشن إلى موضوعات متعددة في النقد الأدبي بفروعه المتعددة،من نقد للواقع الثقافي، إلى العلمي، إلى الأدبي المباشر، وغيره، وترى أن النقد النسائي (النقد الذي كتبته المرأة) متأخر عن الإبداع، وهذه حالة طبيعية، فالمرأة تهرب من النقد الذي لم يتبلور مفهومه بعد عند كثير من المشتغلين بالثقافة، وما يزال-عند هؤلاء- ضد الإبداع)، وتعتبر لمياء باعشن من أكثر الناقدات كتابة في مجالات النقد المتعددة، ولم تقف عند مجال واحد،كالدراسة في حقل من الحقول تتخذه سبيلاً إلى المهنة، كما فعل غيرها، بل شاركت في عدد من المجالات بالنقد والتوجيه والدفاع عن فكرة تؤمن بها، سواء مع فريق ضد آخر، أو العكس، فكتبت تدافع، وكتبت تنتقد، وكتبت توضح بعض النقاط المختلف فيها بين الرجل والمرأة في مجال تنمية الفرد، باعتباره جزءا من المجتمع، بل هو ركيزته الأولى التي يقوم علها، تقول رداً على عضوات النادي الأدبي في الرياض: "رؤساء الأندية الأدبية وأعضاء مجالس إدراتها أبرياء من كل ذنب ولا يستحقون هذا النقد اللاذع، فهم في واقع الأمر لا يتجاوزون حدود صلاحياتهم ويلتزمون بالمهام الموكلة إليهم، وقد تم توجيه خطاب تعيين رسمي إليهم فرداً، فرداً، فمن الذي خاطبكن أيتها العضوات؟؟ وهذا المقال إشارة صريحة لمستقبل الأندية الأدبية ومجالس إداراتها في المملكة، وحق المرأة في المجلس والانتخاب، فالمر أة بصفتها الأدبية يحق لها الانتخاب وعضوية المجلس، هذا من الناحية القانونية، لكن من الناحية الاجتماعية المفتعلة من قبل التيار المضاد للتنمية الثقافية هناك عقبات وضعها التيار نفسه لمنع المرأة من هذه الميزات المكتسبة، وعزلها في جانب اختاره هو، بين المنع النهائي والتفعيل القانوني، فاختار لها لجانا تسمى (اللجنة النسائية) في كل ناد من الأندية، بصفة عضوية ثانوية، ليس لها حق التصويت ولا العضوية الفاعلة، فالكاتبة- هنا- تريد أن تقول للعضوات- غير الفاعلات طبعا- يجب عليكن أن تعرفن حدودكن، فللرجال مجالهم ولكن مجالكن، فيما هو حاصل الآن، وليس كما يجب.
لقد شاركت المرأة بقلمها ناقدة ما يدور في الحياة اليومية من مشاكل وتجاوزات، إما بالمقال الصحفي الناقد بأسلوب أدبي، وإما بالنقاش المباشر مع المسئولين عن الخلل الحاصل في المؤسسة الثقافية والاجتماعية، مؤيدة ما تقول بالأدلة الشرعية والمنطقية، وفي كل مرة تصطدم بعوائق من فعل الرجل وما يمليه عليه عقلة ومصالحه ضد المرأة،التي تسير وتخطط ضمن مشاريع ثقافية مقننة.
-
+
الرياض