(مئة ألف مبروك فوزك بجائزة محمد حسن عواد للإبداع الشعري)، تلك تهنئة أرسلتها في الثالثة من صباح الخميس الماضي إلى جوّال الصديق الكبير الشاعر عبد الله بن عبد الرحمن الزيد فور قراءتي لخبر فوزه بالجائزة في صحيفة الرياض - عبر موقعها الإليكتروني الذي يسبق التوزيع الورقيّ ككل الصحف، ثم انتبهتُ لاحقاً أن القيمة المالية للجائزة هي (مئتا) ألف ريال وليست مئة واحدة فازدادت غبطتي!
سألتُ نفسي بعد ذلك مباشرة: هل يجوز لمن رشّح نفسه للفوز بجائزة أن يعلن عن ترشيحه بعد إعلان فوز غيره بها..؟
وقلتُ: قد يجوز وقد لا يجوز، غير أني رأيتُ أن القول هنا بمثابة الشهادة والإشادة بجائزة وليدة أراها برزت وبقوة مع إعلان نتيجة دورتها الأولى..
فالجائزة هي (جائزة محمد حسن عواد للإبداع الشعري) وقد لمحتُ مصادفة إعلاناً عن البدء في إنشائها تحت مظلة النادي الأدبي الثقافي بجدة، وتمويل من رجل الأعمال أحمد محمد باديب، منذ عام أو أقلّ، ولأن الجائزة تخصّ الشعراء السعوديين على وجه الخصوص، ولأنها تحمل اسم الراحل الكبير الشاعر الرائد محمد حسن عواد - الذي سبق أن تحدثتُ عن محبتي له في مقالات سابقة – فقد كان لها من الاهتمام عندي ما يميزها ويرتفع بها عن غيرها من جوائز أدبية – محلية وعربية – كثيرة يخجل منها الفائزون بها ناهيك عن المرشحين لها..!
نعم رشّحتُ نفسي وأرسلتُ نسخاً من دواويني العشرة إلى مقر الجائزة في نادي جدة الأدبي، عبر البريد، ثم تلقيتُ اتصالاً هاتفياً من أمين سرّ الجائزة الأديب الأستاذ محمد علي قدس يخبرني بأن إرساليتي (ناقصة!) لأنها تخلو من (الصورة الشخصية!) فأجبته بأنها قد تكون ضمن مظروف صغير داخل الطرد البريدي – أو أنها غير ضرورية لتلك الدرجة، فهي موجودة في كل الصحف تقريبا! – المهم أنني تأكدتُ باتصاله بي أن أعمالي قد وصلت وأنني قد صرتُ من ضمن المرشحين!
ولا أخفي الآن أنني توقعتُ أن أفوز بالجائزة التي تحمل اسم محمد حسن عواد وأقبض المئة (عفواً: المئتي) ألف ريال عداً ونقداً (!) غير أنني – وللأمانة والضمير – فرحتُ أكثر عندما قرأتُ خبر فوز الشاعر الحبيب عبد الله بن عبد الرحمن الزيد، لماذا..؟
الأسباب في الواقع كثيرة، وسأختصرها هنا بجملة من أهم الأسباب المعنوية والمادية أيضاً، فعبد الله الزيد شاعرٌ كبيرٌ بمعنى الكلمة، وملتزمٌ بخطٍّ عريضٍ من اللغة والفكر منذ أكثر من ثلاثة عقود، غير أنه كان بعيداً – باختياره واعتداده بنفسه – عن الجوائز المحلية والعربية، فحين يتقدم لجائزة محلية كبرى في دورتها الأولى فهو الأحق بها من غيره، بخاصة وهو يمرُّ بظروف من الضوائق جعلته يبوح تلميحاً وتصريحاً بما آلت إليه حالته من الديون والأعباء المادية في قصيدة ألقاها في مهرجان الباحة الشعري الأول، قبل أسبوعين، نعى في التقديم لها جائزة (سوق عكاظ) ثم أنشدها على المنبر بأسلوبٍ مسرحيٍّ شعريٍّ خصوصيٍّ عموميٍّ صال به وجال بين الكشف والتورية والتعتيم والتعرية وصولاً إلى المعاني القاسية في لغةٍ فصحى تتضمّن شعبيّاتٍ رقيقة تسمو بسخريةٍ أبكى بها القلة من العارفين وأضحك الكثرة من القادمين ليعرفوا..
أقول باختصار: شكراً لأسرة نادي جدة الأدبي الثقافي على القيام بإنشاء جائزة كبرى للشعر والشعراء تحمل اسم محمد حسن عوّاد، وشكراً لرجل الأعمال الأستاذ أحمد محمد سعيد باديب على تمويله لهذه الجائزة، وشكراً للشاعر والأخ الكبير عبد الله عبد الرحمن الزيد على ترشيح نفسه لهذه الجائزة، فقد فازت الجائزة بالشاعر كما فاز هو بها، ولكنّ الفوز الأكثر تمثيلاً كان للمجتمع الأدبي الثقافي لدينا على هذا الاستحقاق الذي نفخر به جميعاً ونتطلع إلى استحقاقاتٍ تماثله..