للتّو عدت من نجران بعد أيام نجرانية رائعة حضرت خلالها احتفالات اليوم الوطني بدعوة مشكورة من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة نجران الذي منحني فرصة رائعة لأطل على أهلي الكرام في نجران.

زيارتي لنجران لم تكن الأولى بل هي الثانية ولا أظنها ستكون الأخيرة، بعد أن اكتشفت مدينة تحمل حضارة وعمقًا تاريخيًا هائلاً. كانت الزيارة الأولى عبر أمسية قصصية في نادي نجران الأدبي، وهي زيارة لم تدم إقامتي فيها سوى ليلة واحدة، لذا لم تكن كافية لأكون انطباعًا وتصورًا عن المنطقة، أما هذه الزيارة فقد طبعت في ذهني صورة جميلة عن نجران وأهلها الطيبين، وتاريخها وجمالها..

حفاوة أهلها وصدق انتمائهم للأرض وحبهم لنجران هي ما لفت انتباهي وراق لي كثيرًا، أعلم أننا جميعًا نحب مدننا التي ننتمي إليها، لكن لا نفتأ نتأفف أحيانًا من نواقصها، وهذا ما لم أسمعه في نجران! الكل مرتبط وملتصق بأرضه، يتغنى بها في صورة من العشق نادرة، وهو مثار إعجاب وتقدير.. هكذا تكون المواطنة والانتماء والحب الصادق لبقعة تضمك وتقدم لك ضعف ما تقدم لها.. نجران مدينة عريقة فيها من المقومات ما يجعلها قبلة للسائحين: آثار تشير إلى تاريخ حافل، وأجواء جميلة، وقبل ذلك وبعده طبيعة إنسان هذه الأرض وحفاوة رجالها ونسائها وبشاشتهم وترحابهم بالقادمين وتقديمهم الجميل لنجران بتاريخها وحضارتها ومميزاتها.

تجولت في نجران ورفيقاتي النجرانيات يعطينني المعلومات القيمة حول ما أراه، وكنت أشعر بحرج شديد من نبلهن وكرمهن وطيبة أرواحهن. رأيت في المرأة النجرانية أصالة المرأة العربية وكرمها واعتزازها بأرضها، وكنت في رفقتهن لا أخرج من دهشة منظر إلا وأدخل في أخرى! كانت نجران معرضًا لصور متنوعة من الروعة والجمال. كانت خاتمة لقاءاتنا مع مشعل بن عبدالله الأمير الشاب الذي كنت أشعر أثناء حديثه بطموحات كثيرة نبيلة حول نجران، وحول إنسانها، شعرت بحجم الحب الذي يتبادله الأمير مع الأهالي، واستمتعت بالثناء عليه ممن لقيتهن من النساء والرجال في نجران، وتيقنت أن بوابة الحب بين الأمير والمواطن في نجران هي مفتاح نجاحات حضارية هائلة، ستصل إليها نجران قريبًا. تحية لأهل لقيم العرب الأوفياء التي رأيتها في نجران، تحية إلى أهلنا هناك الذين قدموا لي صورة جميلة عن الرجولة العربية، والأصالة والكرم في زمن يكاد يعصف بمدنيته بهذه القيم.