بين أحداث سبتمبر 2001 في أميركا، التي اعترف بالقيام بها منظمة إسلامية متطرفة، وأحداث يونيو 2011 في النرويج، التي اعترف بالقيام بها منظمة يمينية متطرفة، قام جدل شائك بين المفكرين، وعلى صفحات وشاشات الإعلام العالمي بشأن الطرق الأمثل للتعامل مع ذلك العنف من الجانبين، وعلاقة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام) بهذه القضايا. فهل كان الحماس للجهاد هو الدافع في الأولى، والخوف من سيطرة المسلمين على أوربا هو المحفز في الثانية؟
أما مارك ستاين – أحد الكتاب المتخصصين في هذا الموضوع – فيكتب بسخرية في مجلة ناشنال ريفيو (National Review Online): إذا قام رجل آري أشقر أزرق العينين من اسكندنافيا بقتل عشرات من الجنس الآري الأشقر الأزرق العينين من اسكندنافيا أيضاً، فهل يعد هذا العمل من نتائج فكر الإسلاموفوبيا؟ لكن المناوئين لفكر ستاين يقولون إن الفوبيا تؤدي إلى تحيز ورعب غير مبرر، وفي النهاية إلى كراهية. ومن المناوئين من يسعى إلى التفريق بين نقد المسلمين – المكفول في القوانين – ونقد الدين نتيجة سلوك أتباعه؛ وهي بالطبع قضية فلسفية شائكة.
لكن الوضع في أوربا مختلف عنه في أميركا – التي هي متدينة بالطبع، وتكره الإساءة إلى الدين. أما في أوربا، فإن الفئات السياسية تُصنَف – حسب الكاتبة السويدية ليزا بيورفالد – إلى: سيئة، وأسوأ، والأسوأ. الفئة الأولى موجودة تقريباً في كل بلد أوربي، لكونها وليدة الديمقراطية، ولا بد أن يتسنى لأطياف المجتمع المختلفة التعبير عن آرائهم من خلال منبر سياسي معترف به. أما الثانية، فتنشأ من خلال اتجاهات شعبية في الشارع، كالتي نشأت في ألمانيا باسم «برو دويتشلاند»، وتشكل أجنحة في أحزاب عريقة. لكن الفئة الثالثة – على الطرف النقيض – تتكون من مجموعات مثل مجموعة ELD (English Defence League) الانجليزية وما يماثلها في بلدان أوربية أخرى؛ وتتشكل رؤاها من خلال إيمان أفرادها بالكشف عن نيتهم بتحويل الصراع إلى الشوارع. ويقال بأن بريفيك (مخطط أحداث النرويج) كان على صلة بمجموعة EDL، التي لم تدّعي أي مسؤولية من جهتها عن الأحداث.
وبالرغم من محاولات عدم المساس بالدين الإسلامي أو التعميم على المسلمين في كل من أوربا وأميركا، إلا أن رئيس حزب الشعب في الدنمارك قد أدلى بتصريح صارخ سنة 2005 عن طبيعة اللاجئين المسلمين الذين يقدمون إلى بلاده بقوله: إن الآلاف من الناس الذين يأتون إلينا من البلدان الإسلامية، يبدو أنهم يعيشون حضارياً وثقافياً وذهنياً في سنة 1005 بدلاً من 2005.
وفي أميركا، حيث تكون الثقافة الوطنية دائماً قيد التكوين، وحيث يضمن الدستور الحرية الدينية؛ كان من الصعب أن يُتحدث بسوء عن الإسلام، لكن المسلمين ومبادئهم المطبقة أو التي يريدون تطبيقها تثير كثيراً من الشكوك والرعب. ومصدر الشك والرعب ما يردده بعض المسلمين من أن مبادئ الشريعة يجب أن تكون فوق الدستور وفوق أي قانون. فهل التسامح مع المسلمين سيجعلهم يدرجون نصوص الشريعة بشكل يطغى على الحقوق الدستورية؟ وهل الحوار بين الأديان – خاصة المسيحية والإسلام – ضروري من أجل عدم إعطاء الفرصة للمتطرفين من الجانبين باختراق حواجز السلام، وعدم فتح هذا المجال – كما يؤكد المتخصص البريطاني كيث بورتيويس وود – يمثل هدية للمتطرفين من أمثال بريفيك؟
وقبل أن نقوم بتقويم هذه الظاهرة في المقالة القادمة، يمكننا أن نشير إلى قاعدة اجتماعية وسياسية تمثل مبدأ ثابتا في مسلمات الدراسة المتعلقة بهذه الظاهرة؛ وهي موازية لمبدأ لافوازييه المتضمن أن الأشياء لا تنشأ من عدم، ولا تذهب إلى العدم!
-