الثقافية - عطية الخبراني
ظل أدبي الرياض طوال السنوات الطويلة الماضية منذ وضعت لبناته الأولى أحد أهم الأندية حراكاً ثقافياً وعملاً دؤوباً على كافة الأصعدة والمستويات وعلى اختلاف المراحل الفكرية والثقافية في المملكة, وهو مقبل في الفترة القادمة على تجربة لعل من الواجب الحديث فيها عنه وهي تجربة الانتخابات, وقد تعاقب على كرسي رئاسته العديد من مثقفي وأدباء هذا الوطن الذين دأبوا على وضعه في الموضع الذي يليق بعاصمة البلاد ومكانتها الثقافية والفكرية والأدبية.
تحدث للثقافية ثلاثة من رؤساءه الذين تعاقبوا عليه وأعربوا عن تطلعاتهم لهذا النادي بأن يستمر في العطاء والوهج وأن تتواصل الأجيال من خلاله عملاً ومشاركة حتى لا تمسه قطيعة في يوم ما وألا تنفصل فيه أعمال الأجيال والإدارات عن بعضها.
حيث رأى رئيس النادي السابق الدكتور سعد البازعي أنه لم يعد من الضروري الإشادة بخطوة الوزارة في تفعيل الانتخابات من حيث المبدأ، لكن الانتخابات بوصفها تجربة جديدة في المشهد الثقافي ستحمل الكثير من الصعوبات والمفاجآت المحبطة أحياناً، مشيراً إلى أنه قد اتضح حتى الآن بعض ذلك بدءاً بالاعتراض على طريقة الاقتراع وانتهاءً بما آلت إليه النتائج في بعض الأندية.
واستطرد البازعي: الصورة حتى الآن غير مشجعة وقد يعود السبب في ذلك إلى قلة خبرة بعض مجالس الإدارة الجدد، وإلى صعوبة التآلف بين بعض العناصر المنتخبة، وإلى نوع التفكير الذي يحمله بعض الأعضاء المنتخبين, وفي تقديري أن التحدي الذي تواجهه المجالس الجديدة في بعض الأندية ستكون كبيرة، بل أكبر مما واجهته الإدارات الحالية أو التي تولت في مرحلة التغيير التي أتت بأمثالي إلى مجالس الأندية.
وأضاف عن تحديات المرحلة القادمة قائلاً: التحدي هو أن إنجازات بعض إدارات الأندية عالية المستوى وإنجاز ما يوازيها صعب ناهيك عن تجاوزها, وهو طبعاً غير مستحيل وقد تكون القدرات المخبوءة في «صناديق» الاقتراع أو «شاشات» الحاسب مفاجأة لنا, لكن قياساً على ما تم حتى الآن في بعض الأندية تبدو الصورة مقلقة على أقل تقدير, وقد سعت بعض المجالس الجديدة إلى النشاط الاجتماعي بدلاً من الثقافي أو الأدبي وربما أوقف بعضها ألواناً مميزة من النشاطات القائمة.
وهذا قد يصدق هذا على نادي الرياض بشكل خاص، فهو بشهادة الجميع من أبرز الأندية إن لم يكن الأبرز على مدى الستة أعوام الماضية ومن الصعب على أي إدارة أن تتجاوز السجل الحالي سواء في نوع النشاط أو في كثافته, وفي تقديري أن ذلك يصدق أيضاً على نشاط نادي حائل ونادي الشرقية ونادي الجوف فقد قدمت مستويات عالية من النشاط الثقافي, وما أتمناه من الإدارات الجديدة سواء في نادي الرياض أو غيره ممن ذكرت وبعض من لم أذكر أن تبني على ما سبق وتنطلق منه بدلاً من أن تجعله تاريخاً نترحم عليه.
وأقر البازعي في نهاية حديثه بأن هناك أندية قد تستفيد بشكل خاص من مجيء مجالس تمنح النادي حياة أفضل مما هي عليه حالياً.
أما الرئيس الأسبق لنادي الرياض الدكتور محمد الربيع فقد تحدث عن تاريخ الانتخابات مستهلاً حديثه بقوله: كانت لائحة الأندية الأدبية التي أصدرها الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز- رحمه الله – الرئيس العام لرعاية الشباب تنص على الانتخابات وعلى تحديد مدة زمنية لرئيس النادي وعلى أشياء أخرى رائعة ومحققة للهدف من إنشاء الأندية الأدبية, لكن اللائحة عطلت لسنوات طويلة, فتعالت أصوات الأدباء مطالبة بالانتخابات وسبق أن كتبت -أكثر من مرة- عندما كنت رئيساً للنادي مطالباً وزارة الثقافة والإعلام عندما انتقل الإشراف على الأندية الأدبية إليها باعتماد الانتخابات وسيلةً لاختيار رئيس النادي وأعضاء مجلس الإدارة, وفي ندوة نظمها أدبي الرياض قبل أشهر عن الانتخابات طرحت رؤيتي لها بالتفصيل.
وتابع الربيع: على كلٍ, هناك الآن نشاط مشكور لوكالة وزارة الثقافة والإعلام لإتمام عملية الانتخابات في كل الأندية وفق جدول زمني محدد ينتهي قبل نهاية العام الهجري الحالي وبذلك تكون الانتخابات حقيقة لا أمنية وتطلعاً, وقد كثرت الكتابات والجدليات حول عملية الانتخاب وإجراءاتها وضمانات سلامتها وحيادية الجهة المشرفة عليها, وهذا الجدل والحراك الثقافي أمر متوقع فكل تجربة جديدة لا بد أن يواكبها نقاش حول الإيجابيات والسلبيات ولا بد من أن تقع بعض السلبيات شأن كل التجارب الجديدة, لكن الانتخابات التي تمت نتج عنها مجموعة من الظواهر الإيجابية -دون شك- فقد زاد عدد الشباب في المجالس المنتخبة, ودخلت المرأة إلى مجالس الأندية, وتجددت دماء المجالس وتنوعت مشاربهم واهتماماتهم الأدبية والثقافية, أما سلبيات التجربة الجديدة في الانتخابات فمن أهمها ضعف الإقبال على الجمعيات العمومية وبخاصة في مدنية الرياض حتى أن بعض المتحمسين للانتخابات والمطالبين بها لم يشاركوا فيها مع الأسف الشديد وكذلك كثرة الاعتراضات والتشكيك في النتائج إذا جاءت على خلاف ما يتمنى بعضهم, وكان على من رحب بالانتخابات أن يقبل بنتيجتها أياً كانت, وفي كل الأحوال فالوزارة مشكورة فقد حققت مطالب الأدباء في الانتخابات وعلى الجميع التسليم بنتائجها ودعم المجالس الجديدة المنتخبة مع تمنياتي لتلك المجالس بالنجاح والتوفيق.
أما رئيس النادي الحالي الدكتور عبدالله الوشمي فقد قال: تظل المؤسسة الثقافية امتدادا للفكرة الأولى التي بدأت من خلال تطلعات المثقفين والأدباء، وتظل تنمو وفق التحولات المتعددة التي تحتضنها، وتأخذ المؤسسة الثقافية قيمتها من الإطار الذي تنمو فيه.
وعن أدبي الرياض الذي يجلس هو على كرسيه حالياً مترقباً نتائج التجربة القادمة التي آثر هو ألا يدخل فيها فقال: النادي الأدبي بالرياض يتكئ على كتف الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ويتنسم عبيرا أصيلا زرعه نبلاء في أعضاء مجالس إداراته المتعاقبة، وسعدوا بقيادة الكبار، وهم الشيوخ عبدالله بن خميس وأبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري وعبدالله بن إدريس والأساتذة د.محمد الربيع ود.سعد البازعي وعبدالله الشهيل، ولم يكن صنيعة رجل واحد، وإنما كان يتحرك برؤية المؤسسة، ويسعد بالشراكة مع الجميع، ويتنفس من خلال رؤى المشهد بشكل عام، وكان وما زال مدينا ليد الصدق البيضاء من لدن سمو الأمير فيصل بن فهد رحمه الله، ومن أصحاب المعالي د.فؤاد الفارسي وأ.إياد مدني ود.عبدالعزيز خوجة، ومتابعات حثيثة من لدن أصحاب السعادة د.عبدالعزيز السبيل ود.عبدالله الجاسر إبان وكالتيهما السابقة للشؤون الثقافية، وسيعول المشهد الثقافي كثيرا على النادي، وهو قادر من خلال أي مجلس إدارة يأتيه، أن يحدث حراكا فاعلا ومتنوعا بدعم صاحب المعالي د.عبدالعزيز خوجة ودعم سعادة الوكيل د.ناصر الحجيلان، وهم يقودون حركة الانتخابات ويضعون مساراتها ويتابعون إفرازاتها ويعالجون مسائل الدعم لها كاللوائح والميزانيات.
ويضيف الوشمي: يظل أدبي الرياض، هو أدبي العاصمة، وتظل برامجه ومساراته الثقافية تمتح من العاصمة التي تكبر دون أن تشيخ، وبصفتي الشخصية الثقافية أتطلع وأثق بأي نخبة متميزة تأتي إلى مجلس الإدارة، وأعلم أنها ستحقق طموحات المثقفين والأدباء، وأن النادي والمنطقة يستحقان أن نكمل التوهج والبُنى التي ساهم فيها الزملاء رؤساء النادي وأعضاء مجالس إداراته كافة, وأثق بأن تطلعات الوزارة ووكالة الشؤون الثقافية وإدارة الأندية ستجد من النخبة المترشحين إلى مجلس الإدارة كل فاعلية ونشاط، وتظل أسئلة المشهد الثقافي متألقة تفتش عن الإجابات المتميزة التي سيضعها مجلس الإدارة القادم، وسنحتفل من خلال الجمعية العمومية بالتكامل المناسب بين رؤى المجلس ومتابعة أعضاء الجمعية العمومية.