أختلف الناس أم الوقت قد اختلف؟ الناس ليس الناس والوقت ليس الوقت كما يقول البعض، لم تعد الحياة كما كانت بسيطة ولم يعد الإنسان الإنسان نفسه، والإنسان هو الذي جعل الحياة أكثر صعوبة مما كانت عليه من بساطة وتواضع في الملبس والمأكل -الإنسان هو الذي خلق لنفسه المشاكل والعقبات بحثا عن التطور الذي أرهق الصغير والكبير وهو الذي صنع الطائرة والسيارة والهاتف الثابت والمتنقل وبدون أدنى شك لكل هذه التقنيات ضرائب على الإنسان أن يدفعها من حوادث وفواتير باهظة لا طاقة للإنسان المتوسط الدخل دفعها. التكنولوجيا وما أدراك ما التكنولوجيا أصبحت تزاحمنا في البيت وفي السيارة وفي الشارع ولا تخطو خطوة إلا وبجانبك شيء من عالم التكنولوجيا التي تسرع بنا بسرعة جنونية وربما إلى الهاوية وأصبحنا لا نتلاحق على كل ما هو جديد وإن أردنا كل جديد علينا أن ندفع أكثر من الريالات التي لا يملكها إلا الأغنياء، الأغنياء باستطاعتهم امتلاك كل ما تأتي به التكنولوجيا من جديد ومتطور أما أصحاب الدخل المتوسط وأدنى من المتوسط فعليهم أن يحافظوا على قديمهم وتجدهم يحملون شعار (قديمك نديمك ولو الجديد أغراك) شعار ربما متناقض بسبب عدم وفرة المادة فجعلوا هذه العبارة شعاراً لهم في كل مكان لكي لا يجعلوا النفس تبحث عن الجديد الذي يكلف الكثير من الفلوس وهم في غنى عن هذا الجديد ما دام هناك أفراد من أسرهم ينتظرون رسوم دراسة ومصاريف للبيت! أهذا التطور خير أم شر لنا؟ هناك من يقول كل سبب هذه الأمراض من سرطان ومرض السكري والقلب بسبب سبل الراحة والتطور المفرط، فالسرطان له أسباب كثيرة وهناك دراسة تقول: إن الجوال يؤثر على مخ الإنسان مما يجعله يصاب بهذا الداء الخبيث وكذلك يقول البعض لو لم تكن هناك سيارات ومكيفات في البيت وفي العمل لم يصب الإنسان بالسمنة وبمرض القلب والسكري ولكن هذه الأشياء جعلت الإنسان يتخلى عن المشي والرياضة وكان المرض مصاحباً لهم في كل مكان. اليوم يتعذب الإنسان عندما تنطفئ الكهرباء أما في الماضي فكان الناس لا يكترثون لشيء اسمه الكهرباء بل كانوا يعيشون تحت سقف السماء والنجوم التي كانت تضيء لهم الطريق ويهتدون بها ويحسبون بها الأيام والسنين فكان الإنسان بسيطاً أما اليوم أصبح الإنسان غير الإنسان والزمن غير الزمن فصبراً يرحمكم الله. تتساءل النفس أحياناً صاحبها لم كل هذا التكلف في المأكل والمشرب أم هو التقليد الأعمى الذي أصاب معم أفراد مجتمعاتنا العربية فتجد الشخص يريد أن يقتني كل سنة جوالاً جديداً وبعد فترة يبحث عن كمبيوتر جديد وهكذا ....., لماذا لا ندرب أنفسنا على البساطة أم نحن محتاجون إلى متخصصين لكي يعلمونا معنى البساطة بسبب قلة الوعي والإدراك؟! حتى المدينة أصبحت متغيرة في ملامحها فلم يعد الشارع نظيفاً كما كان ولا الطرقات هادئة بل تجد الضجيج من أصوات الهون (البوري) أو المسجلات وكأن سائقي السيارات ينقصهم ثقافة الذوق واحترام المشاة في الشوارع. والقرية ما الذي دهاها وما الذي أصاب أهلها؟ فلم يعودوا كما كان أجدادهم من نشاط وحب للأرض والنخل فاليوم يرى الشخص المار على قرى الوادي موت النخيل والشباب يلهيهم مآرب أخرى - لم تسلم الكثير من القرى من التطور فأصبح ليلها كنهارها بسبب التيار الكهربائي الذي غزا الأودية ويكاد المرء لا يرى النجوم على سابق عهده بل عليه أن يذهب إلى مكان ناءٍ لا توجد فيه الكهرباء ليرى ما كان يراه في السابق من نور الطبيعة في الليل. الليل وما أدراك أيها الإنسان ما الليل! فهل جعلت الليل كما كان؟ ماذا حل بهذا السكون الذي خصصه الله لنا للراحة والنوم والهدوء؟ فجئت وعبثت بهذا الليل واخترعت الكهرباء حتى أصاب الناس الجنون والهلوسة بسبب فقدانهم للراحة والسكون التي لا يجدونها لا في النهار ولا في الليل فأنت أيها الإنسان سبب في تدهور صحتك ومرضك وموتك المبكر بسبب هذا التطور الذي ابتكرته لنفسك وتجاهلت نظم الطبيعة ولم تتقيد بالقوانين حتى أصبحت تشم هواء ملوثاً بدلاً من الهواء النقي فكل شيء أصبح ملوثاً في القرى والمدن وفي كل مكان والمتهم في المقام الأول هو الإنسان المتطور.
batawil@gmail.com
* جدة