** قبل بضع عشرة سنة كان يدعو الله ألا يرحل حتى يكتمل مشروع عمره في إعراب القرآن الكريم ، وكنتُ أراه حفيّا بمسودة الكتاب ذي الأجزاء الخمسة الكبيرة يحملها معه مراجعًا وموثقًا ومعتنيًا بالضبط والشكل حتى خرج بما رآه محققًا حلمه العلمي ؛ مختتمًا رحلة طويلة مع النحو والبلاغة امتدت أكثر من نصف قرن ابتدأها في معهد عنيزة العلمي 1954م» وأنهاها في جامعة الملك سعود «1996م « ؛ وإن تواصل بضع سنوات بعدها مصححًا لغويًا في معهد الإدارة ؛ حيث عرفتُه ثم صحبتُه وعشتُ قريبًا منه حتى وفاته - عليه رضوان الله ورحمته ً-
** قدم إلى المملكة فتًى عشرينيا ودرّس أجيالًا من الكبار كان في أولى دفعاتهم من ماثلوه عمرًا أو كانوا مقاربين ، وفيهم والدي والأساتذة والدكاترة- رعاهم الله -: سليمان الشريف وإبراهيم التركي وعبدالله القبلان وعبدالله العثيمين وعبدالله المعتاز وعبدالرحمن الشبيلي ويوسف المطلق وآخرون أشار إليهم في كتابه « من أحاديث الذكريات عن عنيزة بالذات « ، مثلما كان من أصفيائه الدكتور عبدالعزيز الخويطر والدكتور عبدالعزيز النعيم والأستاذ عبدالله العلي النعيم والأستاذ محمد الحمد البسام والأستاذ محمد الفريح والأستاذ عبدالله الزامل والدكتور عثمان الفريح والأستاذ إبراهيم المصيريعي والأستاذ عبدالله المحيميد والأستاذ عبدالعزيز الهزاع وكثر سواهم - حفظهم الله - ؛ ما يشير إلى شبكة العلاقات الكبيرة التي ربطته بصلات حميمة مع الوسط الثقافي والاجتماعي والرسمي ، وهو من وفى للراحلين كذلك كما فعل مع الأستاذ سعد أبو معطي وألف عنه ، واعتنى بنتاج الأستاذ عبدالله الجلهم جمعًا ونشرًا في ثقافية الجزيرة حتى صدرت مجموعته لاحقًا عن مركز ابن صالح في ثلاثة أجزاء .
** قد تبدو من هذه سماته هينًا ليّنا ، وقد كان كذلك ، مثلما هو حادٌ جادٌ حين يتصل الأمر باقتناعاته السياسية تحديدًا ؛ فاختلف مع « ياسر عرفات « الذي كان صديقًا له وكتب عنه أقسى مقالاته ومؤلفاته ، مثلما لم يكن مؤمنًا بشاعرية محمود درويش وألف في ذلك كتابًا ، كما ناوأ القذافي قبل الربيع العربي وصدرله كتيّبٌ عنه لعله آخر إصداراته .
**انشغل بالشأن السياسي في الفترة الأخيرة وصار يكتب مقالاته في الجزيرة والسياسة الكويتية ، ووضع له محبوه موقعًا يجمع ما تفرق من زواياه وأعمدته ، وتوفي - رحمه الله - وله مقال لم ينشر في الجزيرة تنشره الثقافية مع هذه الكلمات
** غفر الله لأبي أسعد وأسكنه عليين فقد سبق ونحن لاحقون ، وكذا هي الحياة فنحن نأتي بإرادة الله ونمضي بإرادته ؛ لا راد لمشيئته ؛ فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى.