لم يكن الوجعُ يسيرًا ألا تحملَه إرادةُ الوفاء ومشاعر المحبة ودَينُ التلمذة نحو دارتك العامرة فينصتَ «كما كان وسيبقى» في حضرة جمال قلبك وكمالِ علمك، وهل بلغ جبروتُ «الديسك» أن يحرمَه شهودَ كتابِه بين يديك مقروءًا ومُقومًا ومنتقدا؟!
أهداه إليك باعتذار وعلى استحياء وعبر وسيط؛ فما عهد نفسه مُدِلا بما يكتب بين نظرائه فكيف به أمام قامتك؟! وحين تلقى رسالتك الأثيرةَ وفيها: «لو كان الكتاب يستحق عشرة في المئة...» شاء ألا يكمل؛ فقد كفاه أن بلغك، أما أن ينال «مئة» الرضا وقبلها «تسعين» التقدير فشهادةٌ تغنيه عن ألف شهادة.
حين تقتطع من وقتك الممتلئ لتقرأ وتحاكم وتكتب وتنتدي وتستضيف فاعلم - يا سيد الضوء - أن سواك يضِن بذكرٍ بله شكر، لكنك كبير لا تحفل بمنحنيات الزمن؛ حيث القيم كلماتٌ تائهةٌ لاستهلاك مساحةٍ مزجاة.
تمنى ليلتها لو استطاع الدنوّ من هامتك وتقبيل جبينك امتنانًا لفضلك عليه وعلى أجيالٍ متصلةٍ حين لم تقف في محطة «الأنا»، ولم تعلُ فوق شروط العالِم ولغة العلم، وبقيت مثالًا على سمو العقل وطيبة المسلك، وقلما يجتمعان.
فيا سيد الضوء: هذا مكانك فاسعَ بنورك فوق النجاد وعند الوهاد وبين مريديك، وكن طاقة الحب والحدب في دروبٍ عشيت بتحاسد الأقران وانزواء الفرسان وإعتام الزمان وغربة المكان.
ويا سيد الضوء: لن يستقلّ وأنت الدليل ولن يستظلّ إذا جُنّ ليل.
-