عبدالعزيز محي الدين خوجة، الوزير، والسفير، والشاعر، والأديب، والدبلوماسي، والإنسان، شخصية ضخمة جداً شديدة الوهج، بالغة التأثير، متعددة الجوانب والمواهب والقدرات. وهو يمثل كل صفات ومواصفات وشروط وقواعد..(([المثقف الكريستال]))..،.
يتحلى الخوجة باللباقة العالية، واللياقة الحكيمة والذكاء الحاد، يملك صدر رحب متسع كاتساع صحراء النفوذ، يتفهم دائماً وجهة نظر الآخرين حين يدور الحديث حول جوانب الشأن العام. شديد التواصل مع معظم المفكرين والمثقفين والكتاب والأدباء والشعراء ويتفقد احوالهم وشؤونهم، ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم وهمومهم. وله قدرة فائقة في احتواء شتى أنواع الغضب والانفعال، بل يملك أدوات وأدوية إزالة الاحتقان عند المثقفين والكتاب. وله الكثير من هذا النوع من المواقف الصعبة والحرجة والتي تدل بوضوح على قوة دبلوماسيته.
لديه قدرة متماسكة وقوية في مقاومة الفساد والمفسدين ويرحب بالإصلاح. إنه قوي الشخصية، بل يملك قوتها وشموخها وارادتها. فيه نبل وشهامة ونخوة أهل مكة المكرمة المباركين، لأنه ابن بار لمكة المكرمة، ويبذل جهودا مضنية في خدمة أهل مكة المكرمة مهما كانت فئاتهم ومستوياتهم. يفعل كل ذلك بصمت رهيب. لا يريد أن يعلم به احداً.
الخوجة يملك الإقدام الشديد والحريص، والشجاعة العقلانية والمتزنة. يتميز بميزة
.. (الوفاء).. لأصدقائه وزملائه. والله، ثم والله، لم أشعر في أي يوم من الأيام أي نوع من أنواع.. (الإستعلاء).. قد مارسه عبدالعزيز خوجة معي أو مع غيري، فهو الوزير الوحيد الذي يعرف معظم المثقفين والكتاب والأدباء والشعراء رقم هاتفه الجوال، واللافت للنظر أنه يجيب على جميع الاتصالات الهاتفية، وإذا لم يرد فإنه يتصل بالمتصل ثانية، بعيداً كل البعد عن.. (إغواء وإغراءات السلطة)..، منذ أن عرفته وهو عضو هيئة تدريس بجامعة أم القرى، ثم مسؤولاً، فسفيراً، فوزيراً. وعندما أذهب إلى بيروت أسمع أجمل وأرقى العبارات والأوصاف من بعض المثقفين والكتاب اللبنانيين الذين يعشقون عبدالعزيز خوجة. وهذا أمر يسعدني كثيراً، إنه ترك خلفه كمواطن سعودي سمعة نظيفة وراقية ونبيلة وحضارية وتاريخ نظيف عن بلاده.
لاحظت أنه حريصاً كل الحرص على الإجادة والجودة، في أعماله ومنجزاته المختلفة، فهو دائم التطلع للأفضل والأحسن والأرقى لعمله السياسي والدبلوماسي والثقافي والاعلامي والادبي والإداري.
متعدد الاهتمامات والهموم، فهو يهتم بالشئون الإعلامية والثقافية والأدبية والفكرية. وحريص على حاضر ومستقبل الإعلام والثقافة السعودية ومصيرها. فهو يقاتل ويدافع من كل الخنادق التي يستطيع التخندق فيها وخلفها.لحماية الإعلام والثقافة.
تجدبني، وتعجبني، في شخصية الدكتور عبدالعزيز خوجة.. (أناقته الفائقة)..، في شكله وملابسه، والتي تمنحه الوقار. وكذلك فهو أنيق جداً في شعوره مع هموم الآخر، ورشيق في التعبير السليم والصحيح ويختار في ذلك الكلمات الراقية، وخاصة أثناء حديثه وحتى كتاباته ورسائله. ومحادثة وحواراته. فلذلك فهو يفرض جاذبيته أثناء تلك الفعاليات المتعددة.
وجدت في الخوجة.. خلق.. وميزة.. وسلوك.. لم أشاهدها في كثير من رجالاتنا وشخصاتنا إنه يؤمن بمبدأ.. (إماطة الأذى).. عن الناس فهو دعامة قوية في هذا الجانب. وأفتخر، وأعتز، وأعلو بصوتي عالياً لأقول أنه إحداهم الذين رفعوا عني الكثير من الأذى والشر الكبير، ودفعه عني بعيداً، ووقف معي وبجواري في معظم أزماتي، وقف وقفت رجل شجاع لا يستحي حين يفعل فعل إزالة الأذى. بل وجدته لا يحب أن يمن على أحد بذلك. بل يصر على عدم التحدث والتكلم في مثل هذه المواقف الرجولية الفذة. وهذه هي أخلاق الكبار.. الكبار. جزاه الله خيراً على كل خطوة يخطوها لخدمة الناس.
الخوجه منجم في الشعر، ولا أريد أن أكتب في هذا الجانب المهم في حياته، فأعرف أن هناك من هو أفضل مني في هذا الحقل وخاصة المتخصصين في هذا الفن. ولكن من حقي أن أقول أن الشاعر عبد العزيز خوجه هو أحد الشعراء الكبار الباقين من عصر الكبار، وبخاصة تلك القصائد الرائعة والخلاقة والخالدة التي قالها في مدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وسيرته النبوية العظيمة. فجعل شعره ثمراً على الأشجار المزروعة في الشوارع.
لا يحب الكآبة ولا التجهم، وينفر من الإحباط، ويكره النفاق والمنافقين فهو يملك قدرة في معرفتهم بسهولة ويتقن التعامل معهم. من باب سددوا وقاربوا، يفعل ذلك حرصاً على عدم جرح كرامات الناس. لأنه كثير المجاملة، وفيه..[حياء].. شديد و..[خجل].. طفولي يمنعه من عدم إغضاب الناس.
عبدالعزيز خوجة رجلاً لم يعرف إلا بالنزاهة الشامخة، وعفة اليد واللسان، ونظافة الثوب. شديد الصرامة مع نفسه قبل الآخرين. فيه تواضع شديد وغريب وصارم ولا يتفاخر به حتى لا يفتن بنجاحاته الإدارية والسياسية والدبلوماسية. فهو الإداري المحنك الصارم الذي يخاطب الموظفين على قدر عقولهم. وخاصة أنه عرف واشتهر أن قلمه جرى في الحق، وهو صاحب رأي حصيف، ورؤية صافية للأمور، وافقه واسع نحو المستقبل. يملك جسارة عالية في شجاعة مؤدبة لمواجهة المتجاوزين والمخطئين، فهو صاحب رباطة جاش غربية ولعل آخرها موقفه الدبلوماسي والعقلاني والرجولي مع بعض المحتسبين في معرض الكتاب بالرياض عام 1432هـ.
إنه يعلو بقامته فوق كل التحديات والمواقف الحرجة والمحرجة، وبخاصة أثناء عمله السياسي والدبلوماسي وهذا ما يميزه بالجرأة في فكره وخواطره الراقية. ولا أبالغ حين أقول إن من عرف عبدالعزيز خوجة حق المعرفة وتعامل معه أحبه وقدره. وخاصة أنه يحظى بكرامة شفافة يحميها بقوة حتى لا تخدش.
الخوجة مثقف كريستال شفاف من أي زاوية تريد أن تراه منه فتجده كريستال أصيل، وهو صاحب رأي مستنير، ويملك إرادة صابرة مع إطالة النظر في القضايا التي تطرح أمامه. وهذه من مزايا شفافيته ووضوحه. وعندما يتحدث هذا الكبير نجد أن دلالة خطابه أنما تكون بلغة المتكلم والمتمسك بقيمه وأخلاقه النبيلة.
هناك علاقة شخصيته وتجربة محنكة بين الخوجة والنص الذي يكتبه، فهو لا بد أن يفهم ويستوعب معطيات المشكل الذي يرغب الكتابة عنه، ثم يرسخ العلاقة الفهمية التي يقيمها الإنسان مع ذلك النص المرغوب الكتابة به.
الخوجة.. يمثل الشموخ الأخلاقي والمهني والثقافي والأدبي، وسمته التواضع والخلق الحسن ويضمر في اعمال وزارته بناء جديداً للثقافة ليكون هو ا لسبيل إلى بناء المستقبل الاعلامي والثقافي. ابتداء بقناعة ان الثقافة بمعناها الواسع هي جملة النشاطات والمشروعات والقيم، حتى تكون الثقافة هي احدى وسائل المكانة الرائدة التي تحتلها في عمليات التطور والتنوير والتنمية. بحيث تكون الثقافة كأنها القوة الخادمة لأي مجال من مجالات النهضة في بلادنا. فوضع شبكة من العقول والمفكرين والمثقفين لتكون هي وسيلة العلاقة بين مختلف الاجهزة والجهات ذات العلاقة، وربطها بشبكة قوية من القيم والبواعت والمعتقدات الدينية لتجلس في..[قلب الثقافة].. لقناعته أن كل ذلك يساهم في تنمية الإنسان السعودي.
لا بد أن نعترف أن الثقافة مثلها مثل غيرها قابلة للتآكل بل للتمزق والفناء أحيانا، وذاك يدخل الوطن في تخبط أزمة الهوية لدى العديد من المفكرين والمثقفين والكتاب. وفوق هذا وذاك، بل قبل هذا وذاك ذهب الوزير عبدالعزيز خوجه إلى أبعد من هذا فاعترف بوجود خلل ما في اوعية الثقافة. واكد ضرورة التيقظ الفطن لذلك فعمل على اعادة بناء وترميم لكثير من الأجهزة والقنوات الثقافية مثل لائحة الانتخابات الخاصة بالأندية الثقافية والأدبية بعيداً عن النزعات العصبية والاثنينية والدينية. حتى لا تتجه الأمور إلى أزمة ثقافية عميقة، وحتى لا تهتز أركان الثقافة العربية السعودية. وأدرك المثقف عبدالعزيز خوجه بوعي ذاتي ووعي ديني ووطني انه يمكن ونتيجة غزو العولمة عقول كثيرنا عمل أن تكون ثقافتنا في مكانها الصحيح، ويمكن أن نغرق ما لم نحصن أنفسنا ولا ينقذها تجاهل ما يحدث، أو تجاهل خطر ودور الثقافة الغازية. ورفض التقوقع على أنفسنا، ولم يغلق أبوابنا خوفا من ذلك الخطر، بل أعد العدة، وجهز الأسلحة لمواجهة تلك الأخطار العنيفة عبر الفكر الديني الإسلامي والتنويري.
وليس من المبالغة حين أصف وضعنا الإعلامي والثقافي في فترة تولي وإدارة الوزير عبدالعزيز خوجه، أنه أنجز الوعي السعودي حلقات من التقصى والتقدم الابداعي مثل فوز الاستاذ عبده خال، والاستاذة رجاء عالم وغيرهما. ولوعي هذا الوزير المتنور وما تستدعيه المقارنة والتحدي من جهد نظري ومعرفي وابداعي، اتجه الى تشغيل عقول على درجة فائقة من الكفاءة المنهجية والثقافية والفكرية، لتحليل غالبا ما تتقاطع فيها منظومات مفاهيمية متعددة سعودية مع غيرها من الثقافات. فجعل لثقافتنا وأوعيتها وأجهزتها دورها في تمييزها النوعي. لالغاء واقصاء التضخم والمفرط لنزعه المحسوبيات والمجاملات والعصبيات والتكتلات.
وكما لا حظت كغيري من المثقفين والكتاب أن الوزير المستنير عبدالعزيز خوجه اتجه الصحافة في عهده إلى تحويل الثقافة للمشاركة في الأحداث السياسية الداخلية والخارجية كمادة لاشتغالها الذهني. فاليوم نقرأ في صحافتنا الكثير من المقالات الصحافية السياسية الجرئية والشجاعة والقوية التحليل المعرفي والسياسي.
إن..[الاكتساح].. الثقافي والصحافي والكتابة عن الرموز وبمختلف تصنيفاتهم هو من أبرز ما يطبع في تاريخ عبدالعزيز خوجه في الرقي بالحريات الصحافية. وتوظيفها أمثل توظيف في سبيل تحقيق التنوير. فاصبحت الثقافة الصحافية مغايرة عن المراحل الماضية. فلقد عبرت عن ذاتها وعن تجربتها السياسية والدينية والتنويرية. وكنا في الصحافة نحتاج إلى هذا النوع من الرجال المتنورين لكي نعمل على إعادة صياغة وبناء أفق تكيف جديد للصحافة والثقافة السعودية. ومنح مفهوم آليات الإعلام والثقافة عمل العقل السياسي أكثر مما تحتمل في سياقاتنا المختلفة. وفعلا استطاعنا كمثقفين وكتاب بناء الكثير من الحقائق السياسية في الوعي السعودي، والذي افتقد لمراحل طويلة جداً. فاصبح وعي الإنسان السعودي يعى التناقضات السياسية والثقافية العالمية واتجاهات تطورتها ومواقعنا منها. وهذا ما جعل الثقافة السعودية عرضة للمراجعة والنقد لمعرفي والتصحيح والفهم الإيديولوجي بعد تكلس دام طويلا في تاريخنا الثقافي.
إن دستور الدكتور عبدالعزيز خوجه وزير الثقافة والإعلام واعنى..[دستوره الاخلاقي].. هو الذي ساعده على كثرة انجازاته الثقافية والإعلامية والدبلوماسية والحضارية عبر مناقبه العلية. وبثاته أبديا بتمسكه بدينه والمحافظة على عقيدته الإسلامية. فوصل الخوجه إلى درجة المستبصرين الذين يوقنون أن..[التنوير].. هو أقوى قواعد النهضة والرقى والتطوير.
والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.
***
-
+
أديب وكاتب سعودي - للتواصل :5366611 - Zkutbi@hotmail.com - www.z-kutbi.com
- مكة المكرمة