بقيت الكثير من الحقائق مجيرة، والموروث المكرس لتعزيز تصور المرأة ناقصة العقل هو نفسه منتقى وقديم. كما أن الذهنية الإسقاطية عند الوعي الذكوري عملت على فصل العقل عن ذات المرأة، وسرت هذه الأدلوجة في سياق ديني فُهم ظاهره، وليس واقع حاله.
إن فكرة تطور العقل الإنساني على أنه جوهر، وأكثر رقياً من مجرد وظائف دماغية هي الفكرة الأكثر قبولاً بين البشر. في القرن الثامن عشر على سبيل المثال: نجد الفيلسوف جورج بيركلي يعبر عن مسألة الرؤية الجوهرية هذه، قائلاً: إن العقل البشري لا يعدو أن يكون بياناً للروح وأن الروح من أمر ربي، وليس من مدخل لانتقاص الروح كونها جوهر الإنسان».
إذاً انتقاص العقل الإنساني – للمرأة – هو انتقاص للبصيرة، وهذه البصيرة هي التي أودعها الله تعالى للإنسان، فكيف يُتصور ذمه، وقد أثني الله تعالى عليه!!
كما أن القرآن الكريم ذهب إلى إعمال العقل بعين اليقين ونور الإيمان، لا بالعقل وحده، وهي الصفة التي يتميز بها الإنسان عن الحيوان , والحقيقة أن نقص العقل والدين لهو شيء نسبي، إذ سنجد امرأة أكمل عقلاً من الرجل، وأعظم ديناً، أضف إلى ذلك التفاوت الكامل بين الكامل والأكمل والناقص والأنقص.
العقل البشري ينتمي إلى طبيعة ماهوية غير قابلة للتحديد. وإن الطريقة والتفكير في هذه الماهوية يجعلنا نتناوله كونه منهجياً ومنطقياً غير قابل للانطباعات والاستيهامات الشعبية لماهية «العقل» وأن يتأمل العقل بحياد بعيداً عن الأطر والتحديدات.
على امتداد تاريخ البشرية كانت المعركة بين العقل والخرافة والتخلف سجالاً وملاحم متواصلة، ومثلها بين الأجناس الأبيض والأسود والنساء والرجال إلا أنّ الإسلام سوّى بين الرّجل والمرأة في هذا الاختلاف
إن تفسير مسألة العقل الكامل للإنسان وتأكيد صحتها لا يستهدف النيل من الرجل أو الذكورة من الناحية النظرية أو حتى العملية، إن التفسير يستهدف نفي توهم علاقة النقصان بالعقل الأنثوي وإثباته للعقل الذكوري وتوطين هذا الوهم نحو تجنيس الإنسان الكامل كونه رجلاً، والإنسان الناقص بوصفه امرأة.
الرياض